السبت 27 إبريل 2024
كتاب الرأي

يوسف غريب:المغاربة لا يحرقون العلم الوطني

يوسف غريب:المغاربة لا يحرقون العلم الوطني يوسف غريب
" إن التعبير عن المطالب الاجتماعية أمر مشروع وإن البناء المؤسساتي ببلادنا يوفر من الإمكانات والوسائل القانونية والوسائطية ما يسهم بذلك في أجواء تجسد الاحترام التام لروح القانون مساطره ولكن أحزاب الأغلبية ترفض أي محاولة تستهدف الأمن و الاستقرار و مصالح الوطن."
هذه هي الفقرة السادسة والأخيرة من بيان الأغلبية الحكومية الصادر يوم الأحد 14 ماي 2019.. والتي تمّ تأويلها آنذاك على كونها اتهامُ مباشر لاحتجاجات الحسيمة باعتباره حراكا انفصالياً..
وأتذكر حينها أننا كنّا ضد هذا البيان وبما يحمله من تهم مبطنة لحراك بعناوين اجتماعية واقتصادية ومطالب محقة لا تخرج عن الإطار العام للمطالب الشعب المغربي بكل جهات الوطن.. وناصرنا وبقناعة كل المبادرات الوطنية التي طرحتها النخب الهيئات المدنية والنخب الأكاديمية الرامية إلى إيجاد مخرج لنا سمي آنذاك بأزمة حراك الريف… وعلى سبيل الحصر نذكر " المبادرة المدنية من أجل الريف".. مبادرة حركة ضمير برئاسة الوديع الأسفي…. آخرها مبادرة مثقفين وإعلاميين "نداء من أجل الوطن" وقع عليها أزيد من 14 شخصية وازنة على رأسها عبد الرحمن اليوسفي وبن سعيد أيت يدر من أجل حث العاهل المغربي بصفته رئيس للدولة بالتدخل المباشر أو غير المباشر لطمأنة الرأي العام الوطني تغليبا منه للغة الحوار المنتج والتفاعل الايجابي مع الأحداث بعيدا عن اصطفاف خارج سقف الوطن.
تلك كانت قناعاتنا الرافضة لأي تخوين لمواطنينا بأقاليمنا الشمالية.. إلى حدود يوم السبت وما تعرض اليه العلم الوطني من حرق وتدنيس بالأرجل بإحدى ساحات باريس وبحضور أحد قياديي جبهة البوليزاريو.. وبتزامن مع ما تعرفه منطقة برشلونة الإسبانية.. يكشف بالملموس وبالوضوح التام الحقيقة الانفصالية لحراك الريف إلى حد الساعة مادام لم يصدر أي تبرئة من هذه الشرذمة من طرف تنسيقيات الحراك..
فحرق العلم الوطني لا دخل له في الصراع مع الدولة ومؤسساتها بالمرة… بلبل هو استفزاز لمشاعرنا جميعا بكل أطيافنا ومِلَلنا لأنه رمز للوطن بكل اتجاهاته الأربعة…
هو أيضا إهانة لرموزنا الوطنية بالريف وعلى رأسهم المجاهد الوطني عبد الكريم الخطابي الذي لم يكن قط انفصاليا..
هو استغلال بشع للمطالب الاجتماعية للفئات الشعبية الكادحة لإخواننا بالاقاليم الشمالية..
بل هو دليل قاطع يعزز كل ما جاء في بيان الأغلبية الحكومية الصادر شهر ماي الماضي ويجعلنا اليوم نضع مسافة كبيرة أمام هذا الحراك للقول بأن سقف مطالبنا الاجتماعية والسياسية والحقوقية لا يمكن بالمرة أن تتجاوز سقف الوطن..
هذا الوطن الذي انكسرت على صخرته كل المشاريع الانفصالية الكبرى سابقا.. لن تخيفه هذه الشرذمة من الخونة الذين وقفوا أمام علم بلدهم وهو يحرق…
لأن عضات الحشرات لا تمنع الجواد الأصيل من الصهيل.