محمد أحمد كين، و عمارالسعيداني (يسارا) من السهل أن تتمترس مع دعاة الهدم ومروجي خطابات الكراهية والعنصرية والعنف اللفظي... ولن يكلفك ذلك سوى التخلي عن آدميتك والقيم اللصيقة بأي إنسان سوي...
أن تكون من أهل الوحدة فذاك تمرين يستوجب ترويضا مستمرا للذات على قيم التسامح والتسالم والتطلع للمستقبل، وأن تكون من أهل الفرقة فذاك أمر يسيرٌ على كل من تحلل من منظومته القيمية ووجد لنفسه منزلة بين حلف اللإنسان..
غير أنه في زمن عمت فيه الرداءة واستبدت به العدمية وانبعثت من ثناياه الهويات الجذرية، يستحق السعيداني منا كل تقدير بعد أن أبقى على نفسه محصنة دون الانحراف تجاه رفض الآخر وقتل المشترك والسعي إلى بناء الذات على أنقاض الغير..
هم كانوا يعرفون أن السعيداني لن يبقي الحقيقة حبيسة صدره... وعد بأن يقولها يوما ما، وكذلك فعل...
قول الرجل تحصيل حاصل، غير أن قوته تمكن فيمن قاله، فليس عمار السعيداني رجل عادي تجربة ومقاما، فهو يجر وراءه عقودا من العمل السياسي، ويحفل رصيده بمناصب كان فيها الرجل الثالث في الجزائر على رأس البرلمان، وشغل فيها آمانة الحزب الذي حكم هذا البلد منذ فجر الاستقلال...
قولوا لهم أن يصمتوا فإن السعيداني أعلنها ألا مفر من الحقيقة، وألا مناص من الانتباه لصوت التاريخ...فقد قال أن الصحراء لم تكن يوما غير مغربية، وأن العبث بمقدرات الجزائر لخمسة عقود خلت، لم يجلب للمنطقة ما يتوافق وتطلعات شعوبها...
قال ان الوقت قد حان لأن تقوم ببلاد المغارب وحدة حقيقة تلتف حولها شعوبنا، وألا مكان لكيانات اقتاتت من قوت الجزائريين وأذكت الإنقسام في منطقتنا منذ السبعينات...
السعيداني رجل عرف دواليب نظام الحكم بالجزائر عن قرب، وقد تشكلت قناعاته من الممارسة اليومية من مواقع متقدمة...
هو اليوم يعلن نهاية كل تلك الأرثوذكسيات التي صنعها دعاة الانفصال وحماته، وهو يعرف أن لكلامه وقعا في النفوس، كما يعرف أن بكلامه قد شق عصى الطاعة المفروض على الموالين لنظام العسكر...
ولا عجب أن نرى مناصري البوليساريو وقد استدعوا قواميسهم الرديئة لينالوا من الرجل، غير أن الرجل قد قال كلماته من منطلق المسؤولية التاريخية بأن الوحدة المغاربية هي الحاضن الوحيد لكل آمالنا، وأن هاته الوحدة رهينة بنهاية البوليساريو بالضرورة...
الدكتور محمد أحمد كين، رئيس المعهد الإفريقي لبناء السلم وتحويل النزاعات
.gif)
