الخميس 18 إبريل 2024
كتاب الرأي

مصطفى المنوزي: في نقد مزدوج للحاجة إلى أدوار جديدة للمثقف غير دور الوساطة

مصطفى المنوزي: في نقد مزدوج للحاجة إلى أدوار جديدة للمثقف غير دور الوساطة مصطفى المنوزي

ماذا لو تعاملنا إيجابيا مع بصيص ضوء ولو في ظل العتمة التي تكتسح المجالات كافة، كبقعة زيت، فرد الاعتبار للعمل الحزبي ضروري لمسار الاعتراف الاجتماعي، ما دمنا واعين بكون صناعة القرار الأمني هي المحددة والحاسمة في  تقرير المصير السياسي لكافة المؤسسات العمومية والهيئات المؤطرة دستوريا، بما فيها خيار الديموقراطية التمثيلية التي لا تفرض حقيقتها الوجودية إلا بتحقق شرط دمقرطة الفاعلين/ اللاعبين في رقعتها، ودمقرطة سلوكاتهم وتعاقداتهم الداخلية/ البينية، وكذا التزاماتهم القانونية والثقافية تجاه الدولة والمجتمع، من خلال مشروع حزبهم المجتمعي، مما يوحي أن الدولة واعية بمسؤوليتها في تمييع العمل السياسي/ الحزبي، دون الحديث عن إقرارها المدون في التقرير النهائي لهيأة الإنصاف والمصالحة، مما يتيح إمكانية التذكير بأن مساءلة الجميع، في إطار المساواة أمام القانون، صعبة إن لم نقل مستحيلة، ما دامت الحصانة لا تتوفر إلا للرأس الأولى للسلطة التنفيذية.

 

من هنا فإن الجواب عن سؤال من يحكم حقيقة  المغرب، يعد من باب تحصيل الحاصل؛ ولذلك وجب التصريح بأن منتخبي الأمة والجماعات الترابية لا يمارسون سوى بعضا من مقتضيات الدمقراطية التشاركية وليس التمثيلية، (فهم في غرفة التشريع لكن  بصيغة المصادقة والتسجيل)، بنفس الشكل والمحتوى التي تمارس في حق ما يصطلح عليه "قوى المجتمع المدني"، مما يعني أن أي دعم للعمل السياسي ينبغي أن ينحو في اتجاه دعم مشروع بناء الدمقراطية الإدراكية (بيداغوجيا نسميها معرفية)، والتي لا تعني سوى تنمية الوعي السياسي والرفع من المستوى المعرفي للمرشحين الذين يرومون المشاركة السياسية في تدبير الشأن العمومي، موظفين كانوا أم منتخبين... ففظائع تداعيات الأمية لا تحصى، فكيف نبني دمقراطية تشاركية بين النخبة الجمعوية المدنية وبين شريحة من المسؤولين المنتخبين أقل معرفة وتمدرسا؛ بل من هو أو من هم أصحاب هذا الدور، ألم يمت المثقف منذ زمن انتهت فيه المعارضة بدخول المغاربة تجربة التناوب وقبول جزء مهم من اليسار مسلسل المصالحة، كما يزعم بعض قدماء أطر اليسار ومثقفيه  المخضرمين؟؟

 

التاريخ سيشهد أن بعض مثقفي الأمة تواطؤوا مع بعض مهندسي الدولة من أجل اختزال الديموقراطية في حملة سجالية وصناديق زجاجية، كوسيلة تفرز غاية وحيدة هي تكريس التقليدانية وتأجيل اللحظة الديمقراطية، باستنبات قيمة التسامح كمرادف مسوغ للإفلات من العقاب، تحفيزا لعقد زواج كاتوليكي بين توأمين للأصولية، يتنافسان حول من يوفر للزمن السياسي كل الشروط السوسيوثقافية لشرعنة استبداد الفساد ومعتقدات الاستحواذ...

 

وسيشهد التاريخ أيضا وأيضا أننا تعايشنا مع مكر التاريخ في القبول بهذه التواطؤات المؤلمة؛ بل والمدمرة لكل ما هو جميل فينا "في وطننا".