الجمعة 26 إبريل 2024
كتاب الرأي

عبد الصمد بن شريف:تمرين ديمقراطي في تونس

عبد الصمد بن شريف:تمرين ديمقراطي في تونس عبد الصمد بن شريف
تابعت أمس مناظرة المترشحين للرئاسيات التونسية نبيل القروي وقيس سعيد على القناة الأولى التونسية.
وهذه المناظرة غير المسبوقة، وهذا التمرين الديمقراطي والتواصلي يسجل لصالح أشقائنا في تونس وخلاف الآراء بعض أساتذة القانون الدستوري وعلم السياسة،المرشح قيس سعيد بدأ واضحا ومتمكنا من النصوص والفصول ولديه رؤية حيال جملة من القضايا الأساسية. استعماله للفصحى لا يجب أن يفهم بأنه لا يعرف إستراتجية التواصل. شخصيا أعتقد أن فصاحته وصدقه ونزاهته ونقاءه هي ماجعل منه شخصية تحظى بالاحترام.
قد نلحظ بعض الشعبوية في خطابه، لكنها ليست مقصود هي في نظري نابعة من إفراطه في الثقة في الشباب وقدرتهم على احترام المشاريع. لكن وبعيدا عن أي مجازفة الرجل يمتلك كل مواصفات رئيس الدولة.. سلاسة لغوية..عمق فكري إلمام بالقانون وبصلاحيات الرئيس، بل أبان عن ذكاء عندما اعتبر نفسه رئيسا لكل التونسيات والتونسيين .
الرجل عنده كاريزما ورغم محاولة المرشح نبيل القوري تبخيس وتتفيه كثيرا من تصريحات قيس، إلا أن هذه الأخير يتقن السجال المبني على المعرفة.
أما المرشح نبيل القروي الخارج للتو من السجن والذي يسنده حزب سياسي يحمل إسما لا يختلف عن أسماء الأحزاب الشعبوية "قلب تونس"والذي احتل المرتبة الثانية، فإنه حرص على أن يبدو براغماتيا وعمليا وعزف أكثر من مرة على وتر الفقراء والمهمشين وأن همه وأولويته هي تمكين هؤلاء من العيش الكريم، مستندا في ذلك على خبرة في العمل الخيري من خلال المؤسسة التي تحمل اسم ابنه الراحل. كما حاول المرشح القروي أن يجعل من جلب الاستثمار الرهان الأول. ماعدا هذا لم يكن في بندقية القروي ذخيرة إضافية. فقد نسي أن الأمر يتعلق بدولة لها مؤسسات ومرافق وأن هذه الدولة مسؤولة اجتماعيا لتأهيل القطاعات الحيوية كالصحة والتعليم والتشغيل.
وهذا ما كان يركز عليه المرشح قيس سعيد، علاوة على ذلك يصعب على نبيل القروي أن يصبح رئيسا الدولة لأنه يفتقد إلى عددمن العناصر والمواصفات والمقومات. هو رجل أعمال قد يصلح وزيرا للمالية أو للإستثمار والتجارة الخارجية، لكن رئيس دولة هو كاريزما وتكوين وقدرة على التحاور والتفاوض وفهم حاجيات الدولة والمجتمع والقدرة على التجميع واتخاذ القرارات بصورة سليمة.
إن رئيس الدولة ليس موضوعا للمزايدة والبوليميك السياسوي والعواطف الجارفة ، لأن العواطف أصلا لا تخلق استراتيجيات،ولا تبني مؤسسات ولا تصوغ قوانين ولا تنزل دساتير.