الجمعة 19 إبريل 2024
فن وثقافة

"دموع الرمال" لعزيز السالمي فيلم اغتاله التلفزيون وتنكّر له نقاد السينما!!

"دموع الرمال" لعزيز السالمي فيلم اغتاله التلفزيون وتنكّر له نقاد السينما!! مشهد من فيلم"دموع الرمال"
فيلم "دموع الرمال" للمخرج عزيز السالمي الذي عرض، مؤخرا، بسينما "أطلونتيد" بآسفي، في عرض خاص تحت إشراف جمعية أكورا للفنون بشراكة مع مجموعة المكتب الشريف للفوسفاط، فيلم استطاع أن ينقل بالصورة معاناة المحتجزين المدنيين بتندوف، بكل معاني صور الألم والتعذيب. صفحة دموية من تاريخ قضية الصحراء المغربية امتلك السالمي الجرأة ليستعرضها عبر شخصيات تكاد تتماهى مع "الأبطال" الحقيقيين لمحتجزي مخيمات العار بتندوف، وهذا هو دور السينما التوثيق للحظات مفصلية وفارقة في تاريخ المغرب. الفيلم امتزج فيه "التسجيلي" و"التخييلي"، هذه الخلطة هي التي منحت "دموع الرمال" الرسالة الإنسانية التي أراد المخرج نقلها بالصوت والصورة وأداء أبطال الفيلم، عبر عدسة لم تكن "محايدة"، بل كانت "فاضحة" لجحيم تندوف. وما زاد هذا الفيلم قوته "التوثيقية" هو حضور عبد الله لماني، الذي قضى 23 سنة بسجن "الرابوني" بمخيمات لحمادة، كأحد أبطال الفيلم، ممثلا تلك "الشعرة" الرقيقة بين "الواقع" و"الخيال". عبد الله لماني لم يكن ممثلا عاديا، بل كان بمثابة "الرواي" الذي يحكي قصص جحيم تندوف غبر عدسة المخرج عزبز السالمي، و"الشاهد" على فظاعات التاذيب التي كانت ترتكب في حق المحتجزين المدنيين المغاربة الذين زجت بهم عصابة البوليساريو في معتقلات الذل والعار لإذلال المغرب.
لن ندخل في تفاصيل وحيثيات أحداث الفيلم، لأن القصة لا تختلف عن الوقائع التاريخية، مع اختلاف في طريقة السرد السينمائي وحضور بعض الشخصيات المتخيلة في الفيلم، حتى ينتسب "دموع الرمال" إلى جنس الأفلام الوثائقية. لكنه كان يحق فيلما موجعا يسرق منك الدموع، وينكأ جراح الماضي، لاسترجاع ذاكرة الألم والوجع.
من شاهد الفيلم لابد أن تصله الرسالة الاي أراد المخرج نقلها عبر شاشة السينما.. رسالة الإدانة، وتوثيق الدموع والدماء التي سالت على رمال الصحراء.
لكن نبل رسالة الفيلم لم تكن بنبل وحفاوة المؤسسات الرسمية ومؤسسات المجتمع المدني في الاستقبال الجدير بهذه "الشهادة" التاريخية التي وقعها المخرج من خلال هذا المتن السينمائي. البرود الذي استقبل به الفيلم في القاعات السبنمائية، وجحود التلفزيون المغربي بقناتيه في تبني الفيلم واحتضانه ودعمه، هو ما أجهض أحلام عزيز السالمي ومعه صرخات محتجزي مخيمات تندوف. 
"قتل" الفيلم بمسدس "كاتم" للصوت، بكل ما يحمله من رمزية ورسائل قوية تحيي قيم المواطنة والنضال والفدائية، هو ما يرفع من حالة توجس المخرجين المغاربة من ركوب مغامرة عزيز السالمي لاستنطاق التاريخ الدموي المشترك للمغاربة، وهي "خيانة" صريحة لأفلام توثق للذاكرة لتستخلص منها الأجيال القادمة صفحات قاتمة من تاريخ المقاومة المغربية. 
الاستقبال البارد لفيلم "دموع الرمال" من قبل جهات رسمية وغير رسمية لا يختلف عن مشاعر التنكّر والجحود لما قدمه هؤلاء الأسرى لقضية الصحراء المغربية. أفلام أخرى تحكي قصصا تافهة عن الغرائز الجنسية وقضايا بسيطة وإخراج رتيب وساذج وسيناريو مفكك تجد من يحتضنها في القاعات السينمائية والتلفزيون، لكن فيلما مثل "دموع الرمال" الذي تغلق في وجه مخرجه كل أبواب الدعم، كأننا نقول لصاحبه بصريح العبارة: اذهب وادفنه في الرمال!!