Sunday 16 November 2025
Advertisement
كتاب الرأي

أحمد الحطاب: كيف أهان عبد المجيد تبون سيادةَ دولة الجزائر

أحمد الحطاب: كيف أهان عبد المجيد تبون سيادةَ دولة الجزائر أحمد الحطاب
إن بقيت لهذه الدولة سيادة! وكيف تكون لها سيادة وهي مُسيَّرةٌ من طرف طُغمة، عسكرية ومدنية، لا تُقيم وزنا للشعب الجزائري ولا تُعطيه أيةَ قيمة معنوية. بل إنها تفرض عليه طُغياناً واستبدادا لا مثيل لهما حتى عند الحكام الأقوى استبداداً وطُغياناً. إنها تتصرَّف وكأن الشعبَ الجزائري لا وجودَ له. وفي نهاية المطاف، إن هذه الطُّغمة تُقِيم حكمَها على الخّطب الإنشائية والبلاغِية المَبنِية على النفاق والوعود الكاذبة التي تجعل من هذا الشعب شعباً يعيش في غرقة انتظارٍ دائمة، يتطلَّع فيها إلى اليوم الذي ستتحقَّق فبه هذه الوعود.
 
طُغمةٌ لا أخلاقَ لها ولا ضمير يُؤنِّبها على ما تقول وتفعل. كل شيءٍ، في هذه الدولة، مبنيٌّ على النفاق والكذب والخِداع. طغمةٌ لا ترى فيما تقوم به من سياسات إلا خدمة مصالحِها الشخصية ومصالح عائلاتِها وكل مَِن يسيرُ على نهجِها المَبني، كما سبق الذكر، على النفاق والكذب والخِداع.
 
ومن أكاذٍبها المُتكرِّرة أدِّعاءها أنها دولة ذات سيادة وقوة ضارِبة يُقامُ لها ويُقعد في المحافل الدولية. والحقيقة المُدوِّية أنها، اليوم، دولة معزولة، بفعل ما تُكِنه من عداءٍ للبلدان المُجاورة لها، أي المغرب وموريتاتيا ومالي والنِّيجر…
 
فكيف لحكَّام الجزائر أن يدَّعوا أنهم قوة ضارِبة ودولة ذات سيادة ورئيس هذه الدولة، هو أول مَن يُسيئ لهذه القوة ولهذه السيادة؟ كيف ذلك؟
 
فأين هي القوة والسيادة، عندما طأطأ الرأسَ رئيسُ دولة الجزائر وأطلق سراحَ بوعلام صنصال Boualem Sansal، الكاتب المشهور ذو الجمسية المُزدوِجة، بطلبٍ من رئيس ألمانيا وليس من المستشار le chancelier. لا بدَّ أن هناك قصة تستحق التحليل والأخذ والرَّد للوقوف على خَباياها التي لم يتم ولن يتمَّ الإعلانُ عنها! فما هي هذه القصة؟
 
حسب تقديري وتفكيري، أن تستجيبَ دولة الطغيان والاستبداد لطلب الرئيس الألماني بسُرعة فائقة، لا بد أن هناك ابتزازٌاً chantage و تهديدا.ً menace. فكيف تم هذان الابتزاز والتَّهديد، وخصوصا، أن طلبات الإفراج عن بوعلام صنصال كثيرة وصادِرة عن حهاتٍ مختلفة، بما فيها الحقوقية، ولم تستجِبْ لها الرئاسة الجزائرية؟
 
دائما، حسب تقديري وتفكيري، الرئيس الجزائري استجابَ لطلب الرئيس الألماني، بسرعة فائقة، لواحِدٍ من الأسباب التالية :
 
1- فرنسا هي التي طلبت من ألمانيا أن تطلبَ من حكام الجزائر الإفراجَ عن بوعلام صنصال. وذلك لأن العلاقات بين فرنسا وحُكام الجزائر مُتوتِّرة بسبب اعتراف الجمهورية الفرنسية بسيادة المغرب على صحرائه.
 
2- جُلُّ حكام الجزائر، عسكريون ومدنيون، يتوفَّرون على حساباتٍ بنكية في دولٍ أوروبية. قد يكون الرئيس الألماني قد هدَّد هؤلاء الحكام بتَجميد هذه الحسابات، علما أن هذه الأخيرة مُهمة، إلى أقصى حد، في حالة استرجاع الشعب الجزائري سيادتَه بحكم نفسِه بنفسِه، وفي حالة فِرار الطُّغاة والمُستبدِّين الجزائريين إلى هذه البلدان الأوروبية.
 
3- قد يكون الرئيس الألماني قد هدَّد الرئيس الجزائري بتصنيف مٍليشية البوليزاريو كمُنظَّمةٍ إرهابية comme une organisation terroriste. حينها، ستصبح الجزائر حاضنة لمنظِّمة إرهابية. آنذاك، تُطبََّّق عليها عقوبات اقتصادية وحصارٌ اقتصادي un blocus économique. وهذا ليس في صالح حكام الجزائر التي يعتمِد اقتصادُها، بالأساس، على الموارد المستخلصة من تصدير النفط الخام والغاز الطبيعي، علماً أن حكامَ الجزائر، عسكريون ومدنيون، لهم باعٌ طويلٌ في نهبِ هذه الموارد وصرفِها في أمور لا تخدم تنميةَ البلاد والعباد.
 
4- قد يكون الرئيس الألماني قد هدَّد الرئيس الجزائري بعدم قبول ألمانيا أن يتداوى الرئيس الجزائري في المستشفيات الألمانية، علماً أن الرئيس تبون قد تعوَّد على الذهاب إلى ألمانيا من أجل هذا التَّداوي.
 
وسبب سجنِ بوعلام صنصال، هو أن هذا الأخير سبق له أن صرَّحَ، في إحدى اللقاءات الصحفية، أن فرنسا، كمُستعمرٍ colonisateur للمغرب، سبق لها، أثناء الحماية، أن اقتطعت جزأً كبيرا من الصحراء الشرقية المغربية وضمتها إلى التراب الجزائري، ظلما وعُدواناً، علما أن الصحراء الشرقية المغربية تضم وهران وتلمسان وتندوف وكلومب بشار… والسبب في هذا الاقتطاع أن فرنسا كانت تظن أن الجزائر ستصبح أرضاً فرنسيهً، وبالتالي، لا بد من توسيع رُقعتِها، وخصوصا، ضم الأراضي الغنية بالنفط والغاز الطبيعي.
 
فأين هي القوة الضارِبة وأين هي السيادة؟ والحقيقة، إن أولَ مَن يُسيئ لهذه القوة ولهذه السيادة، هم حُكام الجزائر أنفسُهم، عسكريون ومدنيون، وعلى رأسهم، عبد المجيد تبون. لماذا؟
 
لأن الطغمةَ الحاكِمة لا ترى، في حُكمِها للجزائر إلا تحقيقَ مصالِحها الشخصية. أما الشعب الجزائري، ففي مخيِّلة هؤلاء الحكام، إنه غير موجود.
 
أليست استِجابة عبد المجيد تبون لطلب الرئيس الألماني، دليلٌ قاطعٌ أسقط كلَّ الادعاءات المُنكرِّرة بأن بلاد الجزائر قوة ضاربة ودولة ذات سيادة؟ إن هذه الاستجابة إهانة لسيادة الجزائر une humiliation de la souveraineté de l'État Algérien؟
 
لو كانت دولة الجزائر الحالية، فعلاً، قوة ضارِبة ودولة ذات سيادة، لأعطت الأولوِية لهذين المبدأين اللذين لا يمكن لأية دولةٍ تحترم نفسَها ومُواطِنيها أن تتخلَّى عنهما. وللظهور بموقفٍ مُشرِّفٍ أمام العالم، ادَّعى حكام الجزائر، أن الإفراجَ عن بوعلام صنصال تمَّ لأسباب إنسانية.