الثلاثاء 23 إبريل 2024
كتاب الرأي

محمد الشمسي :انسحاب "أهل الكتاب "..كتاب حياتي ياعين ..قرار الخروج في ساعتين ...

محمد الشمسي :انسحاب "أهل الكتاب "..كتاب حياتي ياعين ..قرار الخروج في ساعتين ... محمد الشمسي 
كان حال نبيل بنعبد الله مثل ذلك الذي اشترى العصا قبل شراء قطيع الغنم، فقد أصدر بيان وخطبة وداع الحكومة أولا، ثم جمع برلمان حزبه لمناقشة قرار الإنسحاب ثانيا،حتى إذا اجتمع "أهل الكتاب" وجدوا أنفسهم مثل من يتفرج على تسجيل مباراة ، فالقرار قد اتخذ،وما على المجتمعين سوى مباركته والمصادقة عليه،وطبعا "اللي معجبو حال يسطح راسو مع الحايط " ، رغم أن الأمر يتعلق بحزب يتخذ من الديمقراطية دينا وعقيدة ، وروي عن رفيقهم الفكاك  وهو يلوم الرفاق : "هل نخرج للمعارضة كي نعارض مشاريع وبرامج نحن من ساهم في وضعها ؟" ، ظل السؤال معلقا فقد جف قلم الخروج ، وطوي مصحف ال "بي بي إس".
لم يكن دخول حزب التقدم والاشتراكية للحكومة في نسختيها البنكيرانية والعثمانية حاسما ولا مؤثرا، فالحزب لا يتوفر حتى على فريق برلماني ، لكن طَليُه بِطِلاء الموالاة خير من تركه يُرمى في أحضان المعارضة هو أفضل لرئيس الحكومة، المثير هو أن خروج بنعبد الله هو "غضبة" أو قل "فَكعَة" (مع وضع ثلاث نقط فوق حرف الكاف وتسكينها )، أكثر منه قرار، فهي فرصة نبيل لإعلان فك الارتباط بالحكومة بعدما بلع لسانه عندما وقع إعفاؤه من مهامه شأنه شأن رفيقه الحسين الوردي، بقرار ملكي مبني على تحقيق موسع حول أسباب بطء إنجاز مشروع منارة المتوسط بالحسيمة، وهاقد عاد بنعبد الله للتلويح بقميص ذلك الإعفاء، و رمي اللوم على العثماني واتهامه بحرمان التقدم والاشتراكية من حقيبتي الصحة وسياسة المدينة ، دون البوح بالتفاصيل .
ومباشرة بعد تأكد نبأ خروج "الكتابيين" من الحكومة، شرع الرفاق في لسع الحكومة بألسنتهم ، متناسين أنهم لا يزالون جزءا منها على الأقل الى حين الإعلان الرسمي طلاق الطرفين وانتهاء فترة العدة  ، فمن "أهل الكتاب" من قال إن الانسحاب جاء بعد فوات الأوان ، ومنهم من قال إن الولادة القيصرية للحكومة جعل منها كائنا ضعيفا ، ومنهم من قالت بنظرية المعارضة البناءة والقوة الاقتراحية ، قالتهما بدون خجل ، فهل " طفراتو الحكومة وانت فيها باش تطفرو باقتراحاتك وانت خارجها ؟"، وعموما يتبين بالملموس أن الفعل السياسي يفقد أخلاقياته ومروءته ورجولته وهو يخرق قواعد المنطق والعقل، ليثبت لنا أننا في أمس الحاجة لقادة سياسيين تقوى ألسنتهم على نطق حرف لا ، عندما تستدعيها مصلحة الوطن ، فقد بتنا نرى الاحزاب بنخبها ورؤسائها تنبطح وتتبع رائحة الدسم مثل قطط الموائد ، ولا أحد منهم يوما استجمع أنفاسه ، وقال هذا لا يجوز، أو ما كان لهذا أن يكون  ... فحتى الخطب الملكية عندما تنتقد الفعل السياسي يخرج علينا ذات السياسيين يثمنون تلك الخطب، وكأنها لا تعنيهم، ولا أحد يقوى على القول بأنه معني بها وأنها تعنيه، وأنه يقدم استقالته بعد عجزه، وكل الأحزاب المغربية تستنكر الفساد فلا يعرف الشعب من هم المفسدون إذا ؟  وكل الاحزاب تدعي كفاؤة رهطها فلا نعرف من تسبب في نكسة الحكومة ؟
هذه الشيخوخة المبكرة التي أصابت الأحزاب حولت أمنائها العامين ومكاتبها السياسية ولجنها المركزية إلى قوم من "الزومبي" يسيرون نحو المصالح بعيون مغمضة ولا تعنيهم الوسائل .
وعندما نعود للتاريخ السياسي المغربي ونتصفحهـ نجد أن شخصية في حجم الاتحادي عبد الرحيم بوعبيد وما قام به، وما صرح به ،وما اتخذه من مواقف، وهو يعارض ملكا في قيمة وحجم الحسن الثاني، تبدو تلك الشخصية ضربا من ضروب الخيال في أيامنا هذه، ونحن نعاين أوراق الأحزاب تتساقط بلا ريح الخريف، ونرمقها ترهن الماضي والحاضر والمستقبل عند باعة البخور لأجل الظفر بحقيبة أو تقلد وظيفة سامية، والأكثر من ذلك نتألم حين تطلع علينا لوائح الريع وهي تتضمن أسماء سياسيين ينتمون لخط تقدمي يناهض التفقير والتوزيع الجائر للثروة .
لا غرابة أن يطوي بنعبد الله كتابه ويتأبطه ، وينسحب من الحكومة "فكعانا غضبانا " لأنهم أخذوا منه الوزارة، وليس لأنه لم يلمس في نفسه الكفاءة، يخرج وهو ينشد : كتاب حياتي ياعين ..قرار الخروج في ساعتين ...والعيش خارج الحكومة كلو عذاب ...