الجمعة 19 إبريل 2024
كتاب الرأي

عزيز بعزي:الظاهرة الشوبانية من مجالية تسييس الممكنات إلى تكريس النرجسية السياسوية (2/2)

عزيز بعزي:الظاهرة الشوبانية من مجالية تسييس الممكنات إلى تكريس النرجسية السياسوية (2/2) عزيز بعزي
فالشوباني يرى نفسه مؤهلا لتدبير شؤوننا العامة، والغريب في الأمر أنه إلى حدود الآن يقود مجلس الجهة بدون فرامل إيجابية، وبطبيعة الحال النتيجة ستكون كارثية، وكيف نشك في ذلك ومجمل تحركاته استبدادية وليست تنموية، كما أن كلامه لا يستجيب لمطالب الجهة بشكل معقول، وموقفه الخالص تجاه فاجعة واد درمشان يبين درجة الخواء السياسي والإنساني معا، ولا يستحق أي تعليق ينفي ما أشرنا إليه لأنه لا يحتاج إلى ذلك .
هذا وقد حاول البعض التعقيب علي بخصوص ما ذكرته في الجزء الأول من هذا المقال، تجاه اشباعتو، فأنا أتفهم تحركات السياسيين، وموقعهم، فليس في القنافذ أملس، وهذا في الحقيقة لا يحتاج إلى مزيد من الإيضاح مادامت مصلحة مجانين السياسة الخاصة أعز ما يطلب عندهم.
لذا فالرؤية التنموية عند الشوباني أساسا لا محل لها من الإعراب كما يقال، ولا يحق له أن يتزايد علينا بخصوص هذه المسألة، وإذا كان صادقا فليعلن أمام الرأي العام المخطط التنموي للجهة، لكن يبدو هذا الأمر عصيا على الفهم أولا قبل التنزيل لأنه متوقف على إرادته التي تجسد بشكل عملي قوته الاستبدادية، وهي الوجه الحقيقي للهوان والضعف.
لذا أعتذر إن قلت في ما قبل بأن الأمر عصي على الفهم، فقد تحقق في مناسبات عدة، بعدما رأينا الشوباني بدون مبالغة يركز أثناء عقد مؤتمراته ولقاءاته على ما لذ وطاب في المطاعم الفخمة، مع توفير الإقامة الجيدة مع عدم إغفال التنقل المريح، وعليه خصص من أجل تحقيق ذلك في إحدى جلساته اللاتنموية بعيدا عن استشارة أعضاء المجلس حوالي 400 مليون سنتيم (للإيواء والمأكل)، وهو ما يعادل ميزانية جماعة قروية، حسب لحو مربوح عضو مستشار بالمجلس الجهوي، من حزب الأصالة والمعاصرة.
قد أكون موضع سخرية متتبعي كتاباتي إذا قلت إن ما أشرنا إليه يحتاج إلى تسديد الشوباني للرؤية التنموية من جديد سيما في كيفية تدبير ميزانية الجهة ، ببساطة لأن الظاهرة الشوبانية اعتادت أن تسحق المال العام سحقا لا يتصور باسم المصلحة العامة قولا، أما عمليا فهي خادمة لمصلحته الخاصة بشكل صرف، ولو أتيحت له فرصة شراء الطائرة بدون معارضة لتكون من ممتلكاته كما أراد لاشتراها بشكل مباشر، ليزيد من مأساتنا بدل راحتنا، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
إذا كان الشوباني نفسه يعتقد بأنه بريء مما ذكرت، فليجب عن سؤال بنكيران – الذي لا يعارضه أحد من الشعب- عندما طلب منه تقريرا مفصلا بدون مواربة، وبشكل مباشر حول صرف مليار و700 مليون سنتيم في الحوار الوطني حول المجتمع المدني.
بطبيعة الحال لم يكن جوابه سوى تصريحا مؤلما، غير بعيد عن الاستجابة للمصلحة الخاصة التي تقودها جهات من حزبه و جناحها الدعوي، واستطاع إنعاش شركات الإخوان، ومنها من جعلت تلك الأرباح أساس بناء مشاريع أخرى، ولا نريد أن ندخل في قاموس الحلال والحرام ولكن من حقنا أن نقول تجارتكم ستبور حتما، واسألوا الحكماء عن ذلك .
لكن السؤال الذي يظل لغزا غير مفهوم ما نتيجة هذا الحوار الوطني حول المجتمع المدني، وما منزلة هذه الوزارة وقيمتها أصلا في ظل تفاقم أزمات المجتمع المدني المحروم من معظم حقوقه أفيدوني إن كنتم للأمر مستوعبين؟
نعم لقد وقع في ماقبل البلوكاج الشوباني (وليس البلوكاج الجهوي) بسبب ممارسته للحكرة، وانعدام تفعيل سبل الديمقراطية التشاركية، وهذا ما أدى بالشوباني إلى تمكنه من خلط الأوراق في أكثر من لقاء، لتمرير ميزانية الجهة رغم فشله في تحقيق ذلك أكثر من مرة.
فالأمر لا يتعلق بما يناقشه لأن كل القضايا في جوهرها تنصب في المسألة التنموية المحلية – الجهوية، ولكن عندما تنعدم الرؤية الواقعية لها، فإن ذلك بطبيعة الحال سيؤدي إلى كسر أجنحة التنمية، واتخاذ مسلك آخر لاعلاقة له بكنهها، فتتحول بذلك إلى حق أريد به باطل.
أليست أعمال الظاهرة الشوبانية تحيلنا مباشرة إلى قضايا الفساد التي مازالت تؤرقنا في كل مناسبة من جهة، كما تحيلنا أيضا إلى مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة " الأمل المنتظر"من جهة أخرى، وأنا أتحدى تقارير جطو إن لم تصنف ملفات الشوباني في قائمة ملفات الفساد العويص التي تجعل بلدنا بعيدا عن معايير الحكامة التي عزم الدستور على ترسيخها .
من السخافة المؤلمة أن نجد مجلس الجهة صادق على أزيد من 54 اتفاقية ليس لها أي أثر في الواقع التنموي إلى حدود الآن، مما يدل على أن الجهة أساسا لا تملك أي مشروع ببساطة لأنها فقدت بوصلتها، لكن الظاهرة الشوبانية تصر على تكريس قيمها الانفرادية- المستبدة. وتأكدوا بأن مصير هذه الجهة سيجد نفسه إذا بقيت الأحوال كماهي مرميا خارج الأمل التنموي الجهوي والوطني.
فالأوضاع بقيت كما هي، رغم أن دعوات شرفاء تافيلالت لا ترد، أماسيولة فظائح الظاهرة الشوبانية فلا تنقضي عجائبها.