الخميس 25 إبريل 2024
كتاب الرأي

يوسف لهلالي: الهجرة تستحوذ على العلاقات الاوربية.. وعودة التفاهم حول الهجرة بين باريس وروما

يوسف لهلالي: الهجرة تستحوذ على العلاقات الاوربية.. وعودة  التفاهم حول الهجرة بين باريس وروما يوسف لهلالي
"نحن اليوم، غير فعالين  وغير انسانيين في نفس الوقت، في اوربا كما  في فرنسا" يقول الرئيس الفرنسي ايمانييل ماكرون من نيويورك لأحد الإذاعات الفرنسية، وذلك في حديثه عن سياسة الهجرة في بلده وفي اوربا. وهو حكم قاصي  من بلد معني بهذه الظاهرة، ويعتبر ما يتم حاليا غير انساني وغير فعال..

في الأسبوع الماضي توجه الرئيس الفرنسي ايمانييل ماكرون  إلى أعضاء  حكومته  وطالبهم بضرورة معالجة هذا الموضوع، وإنهاء نهج "التراخي" في التعامل معها وذلك من ان اجل الحيلولة دون  انجراف الناخبين نحو اقصى اليمين. كما  وجه  نداءا من روما  اثناء لقائه برئيس الحكومة الإيطالية  جوسيبي كونتي  الى ضرورة اصلاح شامل لسياسة  الهجرة الأوربية ودراسة المقترحات الإيطالية في قمة وزراء الداخلية  بمالطا بداية هذا الأسبوع.

وكانت الهجرة سبب تأزم العلاقات بين فرنسا وايطاليا في السنتين الاخيرتين، وصلت الى حد استدعاء باريس لسفيرها بروما في عهد الحكومة السابقة التي  كان يشارك فيها اليمين المتطرف.

وفي هذا الاطار عقدت يوم الاثنين 23 شتنبر 2019  قمة مصغرة بين البلدان الاوربية  من أجل إيجاد نقط  تقارب في تدبير هذا الملف، خاصة حول المهاجرين الذين يتم انقاذهم، وترغب الحكومة الإيطالية  في تناوب بين المونئ الاوربية حول انزال هؤلاء المهاجرين، بينما تصر فرنسا على الميناء الامن والأقرب جغرافيا.

وتحاول البلدان الاوربية المشاركة في هذه القمة المصغرة  لوزراء الداخلية ( فرنسا،إيطاليا،المانيا، مالطا، والمفوضية الاوربية بالإضافة الى فلندا التي تترأس  الدورة الحالية للاتحاد الأوربي). الى إيجاد اتفاق بينها من اجل  تدبير  المهاجرين القادمين من ليبيا عبر البواخر.

و تسعى البلدان المشاركة إلى ايجاد "الية  مؤقتة" لإدارة عمليات انزال المهاجرين، وهو اتفاق لن يكون سهلا، وذلك لحالة الخوف  المرضية التي يعيشها الرأي العام الأوربي  من الهجرة، رغم ان عددها تراجع بشكل كبير هذه السنة، فلم يتجاوز عدد  الوافدين مند بداية السنة 60 الف مهاجر وهو رقم صغير مقارنة مع السنوات الماضية.

وهذا التراجع يمكن  تفسيره بالسياسة التي نهجها وزير الداخلية السابق بالحكومة الإيطالية  ماتيو سالفيني الذي قرر رفض استقبال كل بواخر الاتقاد بعرض البحر المتوسط، والسماح لها بالرسو في الموانئ الإيطالية كما جرت العادة، وهو ما أحدث أزمة بين البلدان الاوربية، خاصة بين فرنسا وإيطاليا، بسبب تصريحات وزير الداخلية عن رابطة الشمال( اليمين المتطرف ) والتي لم تكن ديبلوماسية في حق باريس، وهو ما دفع بفرنسا الى استدعاء سفيرها بروما من اجل التشاور.

وتفاعلت فرنسا بشكل إيجابي مع مطلب إيطاليا بتوزيع  الهجرة الوافدة عليها مع باقي البلدان الاوربية، حيث تسعى فرنسا إلى اقناع باقي البلدان  الاوربية من اجل اقتسام  اللاجئين الوافدين على روما، وهو الامر الذي تعارضه بشدة  بلدان اوربا الشرقية العضوة بالاتحاد الأوربي، وهو ما يمكن أن يعرضها الى عقوبات مالية.وفي تصريحه أمام الصحافة بروما فقد انتقد  الرئيس الفرنسي ايمانييل ماكرون غياب  التضامن مع إيطاليا في هذا الباب، خاصة انها الميناء الأقرب الى إيطاليا والتي  ترسو بها السفن التي يتم انقاذها.

وأضاف الرئيس الفرنسي  أن بلاده ستطالب بإصلاح اتفاق ديبلن  تحت اشراف المندوبية الاوربية، في إشارة الى قوانين الاتحاد الأوربي التي تنص على  أن المسؤولية عن المهاجرين تقع على عاتق الدولة الأولى التي  يدخل المهاجرون الى أراضيها، وابرام  اتفاق  تشارك فيه جميع دول الاتحاد الأوربي، او يتم فرض عقوبات مالية  على البلدان الرافضة،  مكررا بذلك مطلبا إيطاليا ظلت روما  تنادي به مند دخول اتفاق ديبلن حيز التنفيد.

وصرح رئيس وزراء إيطاليا بالمناسبة امام الصحافة، "ان الهجرة لا يجب ان تكون بعد الان، عنوان لدعاية السياسة المناهضة لاوربا،" وهو يشير بذلك الى اليمين المتطرف  الأوربي الذي يستغل هذه الماسات الإنسانية وهذه الهجرة الغير القانونية من ليبيا من اجل  تخويف وترهيب الرأي العام ومن اجل كسب الانتخابات.

وترغب الحكومة الإيطالية في ايجاد اتفاق حول اقتسام  المهاجرين الذي يتم انقاذهم من البحر. وسيكون لقاء مالطا مناسبة  للحديث بين البلدان الاوربية حول المقترحات الإيطالية في هذا الموضوع، قبل طرحها على قمة رؤساء الدول الاوربية التي ستتم في شهر أكتوبر  بالليكسمبورغ.