الخميس 25 إبريل 2024
كتاب الرأي

عزيز بعزي: الظاهرة الشوبانية من مجالية تسييس الممكنات إلى تكريس النرجسية السياسوية

عزيز بعزي: الظاهرة الشوبانية من مجالية تسييس الممكنات إلى تكريس النرجسية السياسوية عزيز بعزي
لم يعد سرا أن خرجات الشوباني ومواقفه المثيرة للاستغراب، تستدعي منا النظر في فصيلته السياسية، وخصوصياتها غير المنفصلة بشكل جلي عن أبعادها وتداعياتها، فلا أحد يستطيع أن ينكر أن اقتحامه لعالم السياسة بآلياته التي قل نظيرها دفعه إلى أن يثبت وجوده، خصوصا في مناسبات عدة تولى من خلالها العديد من زمام تحركات حزب العدالة والتنمية ورهاناتها، وحاليا استقرت بوادرهاعلى المستوى الجهوي لتظهر لنا عجائبها التي لاتنقضي.
يبدو أن التوجهات التنموية للشوباني بجهة درعة تافيلالت تثير الشفقة بحكم ابتعاده عن مطالب الساكنة، مما دفع الكثير من المهتمين بشؤون التنمية المجالية إلى التعبير عن فقدان الأمل التنموي، بعدما كانت لديه التوجهات العامة للجهوية الموسعة حلما محققا.
الشوباني فيروس تنموي، قل نظيره في فصيلة سياسيي اليوم، فهو يقدر على صناعة عالم السياسة لوحده بآليات شوبانية خالصة و ذات حلة راديكالية- تقليدانية، وفي الوقت نفسه فإنه يدعي الانفتاح على السبل الناجعة للمخارج التنموية، رغم نفيه إياها عمليا.
فما تصبو إليه آلياته في واقع الأمر لا تبشر بخير، حيث لا تعير أي اهتمام لما حولها، بقدر ما تسعى إلى جعل توغلاته البوليميكية تنصهر لمعانقة مصالحه، إن لم نقل جذبها لإثبات وجوده،وهذا التوصيف غير مبالغ فيه؛ فسلوكيات هذا الرجل منذ اعتلائه عرش الفضائح دفعتنا إلى جعله ظاهرة لم تكن من قبل،لكن في عالم السياسة لاوجود للمستحيل، سيما وأن المصلحة الخاصة هي أعز مايطلب عند مجانين السياسة، وهذا لايحتاج إلى رد مخالف اللهم إن كان المخالف من فصيلته، مدعيا للباطل بدل الحق-التنموي .
لم يأت ماقلناه سابقا كوصف عبثي، فأن تسير الأمور على مايرام بجهة درعة تافيلالت والفيروسات التنموية مازالت تتقاطر عليها بشكل لم نكن نتصوره في يوم من الأيام - وتكبح توجهاتها التنموية الحقيقية بشكل فج -، فهذا لايمكن توقعه حاليا أواستشرافه مستقبلا، على اعتبار أن ذلك يدخل في مضمار الخيال، المنافي تماما لما نعيشه ونرتقبه معا.
وهذا في الوقت نفسه لايحتم علينا مبدئيا فقدان الأمل، أو حتى الإيمان بتكريس تداعياته غير المرغوب فيها؛ مادام الأمل في كنهه لايرى إلا حينما يكون مصاحبا لفكرة التغيير المرهونة بالإرادة، التابعة لاعتزال ماكان سببا في نشوء الفيروسات التنموية وتطورها، والإقبال على بناء الصرح التنموي الأصيل، وهذا نهجنا المختار طواعية، وليس كرها.
هذا مادفعنا أصلا إلى كتابة هاته السطور وإلا فما الفائدة من ذلك، فلاناقة لي ولاجمل في صراعات سياسوية أكل الدهر عليها وشرب، بحكم أن توجهاتنا في المقام الأول تنويرية بينما مدخلها يمكن أن يتخذ طابعا حقوقيا، انطلاقا من الانخراط في قضايانا التنموية الوطنية عموما، فلم يعد الأمر إذاً مسألة ترف فكري أو حقوقي، ومن حقنا وبشكل معقول ممارسة هذا الهم المنبثق من التفكير في ما يبعثر أوراقنا التنموية، علنا نساهم في ترتيبها قصد إعادة النظر فيها، ومساعدة أهل الإصلاح في خطواتهم التي تستجيب للمطالب التنموية، وهو أضعف الإيمان.
فبدل أن يكون الشوباني مقاوما تنمويا بمعنى الكلمة في جهة فقيرة بحكم الأدوار الدستورية التي تمنح له قوة اتخاذ القرارات، وتنفيذها بشكل ديمقراطي صرف اختار أن يجعل من نفسه على رأس قائمة الانسدادات التنموية.
كأنه خلق من أجل ذلك، و قد كنا ننتظر أن يكون مغايرا لكل التوجهات اللاتنموية، وعليه فتوجهات معادلته تبقى لاتنموية وغير سليمة، وغير منتظرة بحكم أن هذا الوضع يجعلنا أمام أقوى الفيروسات التنموية التي يستعصي مقاومتها بسهولة .
فقوة هذا الفيروس التنموي لاترحم، وهذا مادفع الكثير من الغيورين إلى رفع الراية الحمراء أمام تحركاته في أكثر من مناسبة حتى يستوعب رسائل المواطنين وهمومهم من زاوية، وحتى لا تحدث الكوارث، وقبل فوات الأوان، من زاوية أخرى، ورغم كل ذلك فالشوباني بعنجهيته استطاع في وقت وجيز ابتلاع أموال الجهة بحكم رئاسته إياها.
ثم بعد ذلك يأتي ليتزايد علينا بأدبيات الحوار والنقاش والملتمسات ونقط النظام ... في لقاءات مجلس الجهة، ويتعامل مع أعضائه بشكل يثير الشفقة وكأنهم يحتاجون إلى دروس في كيفية الأخذ والرد في الكلام إلى درجة أنه يحاول تصويب ألسنتهم في أكثر من مرة ... وهذا مادفعه إلى مهاجمة اشباعتو(المنسق الجهوي لحزب التجمع الوطني للأحرار بجهة درعة تافيلالت)، بشكل لاديمقراطي ولا أخلاقي، ولم يبق له سوى أن يصفعه ويقول له " ردها علي إن استطعت" كما قال حمزة لأبي جهل؛ إلا أن شباعتو عمليا، و بكاريزماتيته المؤسسة على التجارب في المجال السياسي، استطاع أن يؤكد للجميع أن الشوباني لم يعد صالحا لتدبير شؤون المواطنين، وأن ديمقراطية صناديق الاقتراع في حالة شرود، وماعاد الأمر يقبل الانتظار لأن السفينة في حالة الغرق، وما نحن بغارقين، وسيأتي يوم يغرق فيه مجانين السياسة في الوحل، وبطبيعة الحال فالثقة في مجانين السياسة عموما تبقى مستحيلة، فليس في القنافذ أملس! .