السبت 20 إبريل 2024
كتاب الرأي

السباعي: مهنة الأعراف ...إلى أين ؟؟؟

السباعي: مهنة الأعراف ...إلى أين ؟؟؟ الحسين بكار السباعي
لعل المتتبع للشأن المهني سيلاحظ أن مهنة الأعراف والتقاليد عرفت مستجدات وتحولات متسارعة في سنة 2019 بدءا بالجدل الذي صاحب إمتحان الأهلية لمزوالة مهنة المحاماة مرورا بمشروع القانون المنظم لمهنة المحاماة المعد من طرف لجنة تتبع توصيات المؤتمر 30 لجمعية هيئات المحامين بالمغرب وما رافقه من جدل وعدم رضى من طرف بعض القضاة خاصة في مادته العشرون التي حددت سن55  سنة كحد أقصى لتقديم طلب الترشيح للتقييد في لائحة التمرين بدعوى المساس بالحقوق المكتسبة رغم أن مشروع هذا القانون يتعلق بمهنة المحاماة وليس بالنظام الأساسي للقضاة ولم يمس بهذا الأخير لا شكلا ولا مضمونا لا من قريب ولا من بعيد، وفي هذه الحالة لا نرى مانعا من نسخ قانون مهنة المحاماة الحالي فهو لم ينشأ ولم يوضع ليبقى كما هو ثابتا مستقرا لا يتغير ولا يتبدل ، وصولا الى ولادة مولود جديد أختير له من الأسماء "التنسيقية الوطنية للحاصلين على شهادة الأهلية لمزاولة مهنة المحاماة فوج 31مارس2019" ونحن لسنا هنا للفحص والتمحيص فيما إذا كان هذا الإبن الحديث العهد بالولادة ابنا شرعيا أو غير شرعي للمهنة كما صرح بذلك البعض ، أو ابنا متبنيا من جهة ما .
كما أنه لن نخوض في مدى قانونية واجب الإنخراط بالنسبة للملتحقين الجدد المترشحون للتسجيل في لائحة التمرين، ودور هيئات المحامين بالمغرب في هذا وان كانت الغاية من خلق مجلس الهيئة هو الإشراف والمراقبة على تنظيم وتسيير المهنة حفاظا على أصالتها وصونا لها ودفاعا عن هيبتها ، وما إذا كان  فعلا هناك فراغ تشريعي كما صرح بذلك وزير العدل في معرض جوابه عن سؤال بالبرلمان بمراجعة وتوحيد واجبات الاشتراك في هيئات المحامين .
ولكن ما أثار استغرابنا هو أولا مخاطبة رئيس جمعية المحامين بالمغرب من طرف أعضاء التنسيقية السابق ذكرها ب"الزميل" أي الرفيق في العمل.
وثانيا اكتساح "موضة "التنسيقيات ، على غرار ما عليه الأمر بالنسبة لتنسيقية الأساتذة المتعاقدين وتنسيقية المعطلين وتنسيقية الممرضين وتنسيقية الأطباء ، مهنة الدفاع وهي سابقة في هذه المهنة دخلت التاريخ من أوسع أبوابه ما يضع منظومة العدل أمام المحك باعتبار العدل أساس الملك وأن لا عدل بدون قضاء ولا قضاء بدون محاماة .
أولا :بخصوص النقطة الأولى المتعلقة بمخاطبة رئيس جمعية المحامين بالمغرب ب"الزميل" (فيه تجاوز خطير لهذه المؤسسة المهنية التي تضم نقباء واعضاء مختلف مجالس الهيآت بالمغرب.)
وهنا نبدي بعض الملاحظات وإن كنا نعلم مسبقا أن البعض لن يتقبلها تعصبا لرأيه ، ولا نلومهم فهذه طبيعة البشر ، والبعض الأخر سيتقبلها على مضض وفريق ثالث سيعتنق اللامبالاة.
بالعودة إلى القانون 28.08 المنظم لمهنة المحامين وباستقراء سطحي لمقتضياته يبدوا بالواضح أن المشرع لا يعتبر الحاصل على شهادة الأهلية لممارسة مهنة المحاماة محاميا فهذه الأخيرة اعتبرها فقط شرطا من الشروط العامة ومن بينها كذلك شرط الحصول على شهادة الإجازة في العلوم القانونية التي تخول الترشح وأقول الترشح لمهنة المحاماة ويكفي الاطلاع على المادة الخامسة من القانون المذكور للتأكد من ذلك ومن عدم سلامة حمل المترشح لصفة المحامي ومخاطبة المحامين بالزملاء قبل أداء اليمين القانونية ، وهنا أتمنى لجميع المترشحين التوفيق، بل أكثر من ذلك فالمشرع في المادة الخامسة عشر لم يجز للمحامي المتمرن نفسه أن يحمل لقب محام إلا إذا كان مشفوعا بصفة متمرن ، كما يمكن حذفه من لائحة التمرين بمجرد الإخلال بالتزامات التمرين وذلك بعد الاستماع إليه أو في غيبته إذا أستدعي ولم يحضر بعد 15 يوما من تاريخ توصله بالاستدعاء. 
مناداة رئيس جمعية هيئات المحامين بالمغرب ب "الزميل" من طرف بعض المترشحين  فيه تجاوز من طرفهم وهم الذين أقدموا مؤخرا على اجتياز امتحان الأهلية لمزاولة مهنة المحاماة الذي تناول في شقه الشفوي اختبار مدى تمكن ومعرفة واطلاع المترشح على قانون مهنة المحاماة وشملت الأسئلة من بين ما شملته شروط الانخراط في المهنة ويفترض أن الناجح في الامتحان عالم بها خاصة وأنها جاءت في المواد الاولى من القانون 28.08.
تسمية بعض المواقع الإخبارية للمترشحين بالمحامين هو مجرد وسيلة لإثارة إنتباه القارئ مع العلم أن بعض القراء يبحثون ويقرأون المثير وليس المفيد، وكان الأجدر أن تسميهم هذه المواقع بالمترشحين  لمهنة المحاماة أو أبعد من ذلك محاموا المستقبل . 
ثانيا : إن مسألة الإحتجاج من القضايا القديمة المتجددة التي ما لبثت تتغير أساليبها وطرقها داخل الدولة الواحدة ومن دولة إلى دولة ، وكشكل من أشكال هذا الإحتجاج نجد "موضة " التنسيقيات التي نقلها المغرب من الدول التي عرفت ثورات الربيع العربي ، فقد اجتازت هذه التنسيقيات في تطورها مراحل متباينة وبدلت من أهدافها وغيرت من خططها وبرامجها مرات كثيرة فتمثل دورها أثناء ثورات الربيع العربي في إحصاء عدد وأسماء الشهداء والجرحى والمعتقلين في كل مظاهرة وكذا تأمين الدعم اللوجستي وخاص الطبي في المناطق التي استهدفها العنف والقمع من قبل النظام.
قبل أن ينتقل هذا الشكل من الإحتجاج إلى المغرب على يد الأساتذة ويتغير الهدف من خلق التنسيقيات وجعله ينصب في مجال الشغل (فمسألة الشغل والتشغيل لم تعد هم الفقراء وحدهم ولا شأن الأغنياء وحدهم وإنما هي مشكلة الجميع)، فغياب بعض النقابات أو تغييبها عن القيام بدورها في الدفاع عن كل ما له علاقة بالشغل وحقوق الأجراء والمستخدمين والموظفين عجل بظهور "موضة " التنسيقات في المغرب فرغم عدم قانونية جلها إلا أن هناك من اعتبرها إطارا بديلا للنقابات خاصة وأنها تتشكل للدفاع عن ملف مطلبي محدد ومركز ومتعلق بنقط دقيقة خلافا لما عليه الأمر بالنسبة للنقابات وملفاتها المطلبية الفضفاضة التي غالبا ما يصعب الإستجابة لها .
عدا أنه  ظهرت مؤخرا إلى الوجود تنسيقية سميت " التنسيقية الوطنية للحاصلين على شهادة الأهلية لمزاولة مهنة المحاماة فوج 31 مارس2019" وهو ما لم تشهد له مهنة  المحاماة مثيلا في تاريخها .
فهل بدأت مهنة الدفاع تفقد مصداقيتها ؟

من وجهة نظري المتواضعة آن الأوان  للارتقاء بالمحاماة والوصول إلى ثوابت أساسية الي جانب الأعراف والتقاليد المهنية لحماية المهنة.

ذ/الحسين بكار السباعي
محام بهيئة المحامين لدى محاكم الاستئناف باكادير وكلميم والعيون