الخميس 18 إبريل 2024
مجتمع

كريدية : أشهر الخيول المغربية ذات أصل عبدي تنتمي لمنطقة "أيير" بأسفي

كريدية : أشهر الخيول المغربية  ذات أصل عبدي تنتمي لمنطقة "أيير" بأسفي الباحث، إبراهيم كريدية، ومشهد لفن تبوريدة

مع حلول فصل الصيف تنطلق بالعديد من المدن والحواضر والبوادي المغربية، فعاليات مهرجانات ومواسم الخيل والبارود، على اعتبار أن المغاربة يعشقون فن الفروسية التقليدية ويحجون إلى فضاءاتها للاستمتاع بجمال الخيول و رشاقة هيئة الأفراس العربية والبربرية الأصيلة، ووقع سنابكها وصهيلها الذي له وقع خاص في نفس الإنسان. لكن قليلون هم من يدركون أنواع الخيول وأجودها وأصولها التي تنتمي إليها. فإلى أي منطقة تنتمي أحسن وأجود الخيول ؟

للإجابة على هذا السؤال، نقدم ورقة ممتعة في هذا الموضوع نبش في معلوماتها الجميلة الكاتب والباحث الأستاذ إبراهيم كريدية معتمدا في ذلك على مجموعة من المراجع والكتب التاريخية التي أجمعت على أن " الفرس العبدي كان أشهر الخيول المغربية، بسبب انسياب ورشاقة هيئته وجماله وخيلاءه وقوة صبره واحتماله، وكان الفرس العبدي أول ما يسأل عنه في الأسواق القروية للخيول بالمغرب..".

ـ " لا يوجد أجمل فرس إلا في عبدة، ولا يوجد أجمل وشم إلا في دكالة".

أوضح الأستاذ كريدية أنه جاء في كتاب " إميل موشان Mauchamp " ذكر مثل شعبي جميل ذو حمولة واقعية وتاريخية، مثل كان شائعا في مغربنا القديم، منطوقه هو : " لا يوجد أجمل فرس إلا في عبدة ولا يوجد أجمل وشم إلا في دكالة "؛ ومن جهته ذكر "دوتي Doutté " أن العبدي إذا أردت مدحه، فناديه بعبارة " يا العبدي مول العود"، وجاء في كتاب " Jonathan Benros "، أن فرسا هرما من بلاد عبدة، كان زمن الاحتلال البرتغالي، يقايض في غينيا بخمسة وعشرين أو ثلاثين عبدا.

وتبعا لكل المزايا والمؤشرات وهي غيض من فيض، التي تسمو بقيمة الفرس العبدي، فإن كثيرا من الشواهد والوقائع، تفيد أن الفرس العبدي كان أشهر الخيول المغربية، بسبب انسياب ورشاقة هيئته وجماله وخيلاءه وقوة صبره و تحمله.

وكان الفرس العبدي أول ما يسأل عنه في الأسواق القروية للخيول بالمغرب، ففيها كان مطلوبا أكثر من غيره ويباع قبل خيول المناطق الأخرى، ويذكر " أنطونة Antona "، أن "الدلال" في الأسواق، كان يحرص على إبراز الأصل العبدي، لما كان يقع بين يديه من خيول بلاد عبدة، حتى يزيد من جهة في ثمنها وحتى يسرع من جهة ثانية ببيعها.

وكانت أيير وأسفي أهم موانئ تصدير الخيول إلى بلدان أوربا، ومن شهرتها، كانت "قصبة أيير " تسمى باسم "دار الفارس" وقد ترجمه البرتغاليون بعد احتلالها إلى "casa do cavaleiro"، وذلك بسبب اشتهار أهل أيير بإنتاج أجود الخيول وبإتقانهم للفروسية ومعرفتهم بقواعد ضبط أنساب الخيول وتربيتها وتسييسها وتطبيبها، حتى روجت حول خيولهم أسطورة، تزعم أن الفحول الملقحة لأفراسهم الإناث، كانت تخرج من بحر المحيط المجاور للقصبة في الليالي المقمرة.

ومن أشهر ملاكي ومربي الخيول ببلاد عبدة القايد عيسى بن عمر، فقد كان يملك إسطبلا يتسع لأربعمائة فرس من خيول الاستعراض " chevaux de parade "، ومن شدة كرمه كان يهدي ضيوفه الخيول... ومن أشهر فرسان بلاد عبدة سيدي أحمد بن الطاهر بن لحسن الفارسي الأييري الذي عاش في القرن الثالث عشر الميلادي، والسفير محمد بن حدو أعطار الآسفي الذي عاش زمن المولى إسماعيل وبعده، والقايد العبدي المشهور عيسى بن عمر العبدي المتوفى سنة 1924.

كما كانت بلاد احمر وعبدة مدرسة تقصد لتعلم الفروسية والرماية، وكان العبديون من أمهر الفرسان المحاربين فيما كان يجيش من حركات سلطانية.