الجمعة 26 إبريل 2024
كتاب الرأي

محمد الشمسي: سفينة الأسود تغادر بلا "حمد الله "وهي " مايلة"

محمد الشمسي: سفينة الأسود تغادر بلا "حمد الله "وهي " مايلة" محمد الشمسي

لعلها مياه تسربت إلى جوف سفينة أسود الأطلس، أو لعلها حرائق طفيفة هنا وهناك لم تجد إطفائيا ليخمدها، بل ربما تجد فقط بعضا من النافخين على الجمر حتى تستعر... السفينة تتمايل، وما تسره من أعطاب أكبر مما تلحظه العين...

المنتخب المغربي يدخل غمار منافسات كأس إفريقيا مشوش الفكر ومشتت الانتباه، ثمة ضباب كثيف يكتنف قلعته ...

جامعة الكرة التي ننتظر بركتها، "تجمع وتطوي"، وتؤكد أن حمد الله غادر البعثة لإصابة ألمت به، علما أننا تابعنا تلك المباراة ولم يسقط حمد الله حتى، فكيف يصاب وهو في الوقت بدل الضائع توجه لتسديد ضربة جزاء معافا؟، وتزيد الجامعة في بلاغها الملتبس أن طبيبها سيخضع اللاعب لفحوصات، وأنه جرى استدعاء مدافع محل مهاجم في قلب لمعادلات الفيزياء والكيمياء، وانتهى بلاغ الجامعة ...

مصادر أخرى تؤكد أن المهاجم الخلوق، والهداف التاريخي للكرة السعودية في كل الأزمنة ليس مصابا، وأنه غادر بعدما تبين له الرشد من الغي، وأنه يعيش استصغارا و"حكرة" من طرف زملاء اعتقدوا أنهم يحوزون المنتخب المغربي ويملكونه ويتصرفون فيه تصرف المالك في ملكيته.

إذا كان بلاغ الجامعة صادقا، فلماذا لم يتم ربط الاتصال بطبيب الفريق ليوضح للجماهير نوع إصابة حمد الله؟ أو على الأقل يؤكدها؟، لأن الجامعة تدرك أن الطبيب لن يكذب، وإذا كانت ما تتناقله وسائل الإعلام صحيحا من "مغادرة طوعية" لحمد الله، فلماذا تحاول الجامعة إخفاءه على الجماهير؟، ولم لا تضع اللاعب أمام مسؤوليته الوطنية؟.

ليس لأن حمد الله غادر المنتخب المغربي فسنخسر الكأس ونغادر الأهرامات باكرا، فلكم حصدنا من الخيبات بوجود حمد الله .

ليس لأن حمد الله تنازع مع فيصل فجر حول تسديد ضربة جزاء فجاز القول أن ثمة أعراض "داء عدم الانسجام" في صفوف نخبتنا الوطنية، فلكم شاهدنا كبار النجوم في كبريات المنتخبات والأندية يتهافتون حد الاشتباك من أجل ركل ضربة حرة، أو جزاء ...

ما يقلقنا كجماهير مغربية أن حالة الطقس التي تخيم فوق سماء الأسود تكتنفها غيوم دكناء تحجب الحقيقة عما يجري... والجامعة التي نتوخى بركتها اختارت بلاغا "ديبلوماسيا" يروم تخفيف التوتر، ويغطي الجروح بثوب ممزق ...

قد نكون مشوشين على منتخبنا وهو يعد العدة ليدخل مصر آمنا، ويعود منها غانما.

قد نستهلك الإشاعة حد الاجترار ونصنع منها حدثا.

لكن أيا كانت التأويلات والتفسيرات، فإن حالة من الحمى  تضرب أسود الأطلس، وحالة من السعال تنتابهم، وحالة من الشرود والنفور تستحكم فيهم .

ليست الهزيمة أمام غامبيا في قلب مراكش الحمراء سوى دخان يكشف عن وجود نيران في خلفية السفينة، وليست طريقة لعب مباراة ودية واحدة بمنتخبين سوى واحدة من أعراض السيطرة على الوضع، الشبيهة بـ "السياقة في حالة سكر"، وليس عجز 22 لاعبا عن هز شباك منتخب لا يلعب على أية واجهة سوى دليل وصول "حمار رونار إلى العقبة"، ليكون مشهد "شد ليا نقطع ليك" بين حمد الله وفيصل فجر من باب تحصيل حاصل ...

ربما وصل الكل في هذه التشكيلة إلى نهاية المحطة أو الخريف، خريف العمر الرياضي بالنسبة للاعبين، وخريف إقامة الثعلب الفرنسي في الديار المغربية، فالمدرب الذي يعجز عن أن يكون مايسترو فريقه، يضبط أوتاره ليعزف معزوفة النصر، ويفشل في إخماد الحرائق قبل أن يتعالى دخانها، ويخفق في أن يذوذ عن "قطيعه" مثلما يفعل الشجعان مت النمور والأسود، يكون قد أضاع البوصلة، وفقد السلطة، فمن الطبيعي أن يتجاهله فرد من طاقمه ولا يصافحه... ولا غرابة في أن يداري عن إخفاقه بالحديث عن إنجازاته مع منتخبات أخرى، وكأنه يذكرنا بالقول "عرفو روسكم مع من كتكلمو.. أنا ومن قال أنا".

أما السادة اللاعبون فقد أثبتوا أنهم، وباستثناء سنتي 1976 و2004، فهم مجرد حمولات زائدة، ينهبون أموال دافعي الضرائب بلا نتيجة، عادوا من كأس العالم بنقطة وحيدة تجعلهم فقط أفضل من أصحاب صفر نقطة، وأخرجهم كهربا قبل ذلك من كأس إفريقيا، وما دون هذا لا يعدو أن يكون لعبهم جريا وركضا وقفزا واستهلاكا للماء والطعام، ودوسا على العشب بلا نتيجة ...

لا نفهم في كرة القدم مثل السيد هيرفي رونار، لكن السيد هيرفي رونار لا يعلم حجم الغضب والقلق الذي ينتابنا ونحن نطلع على قائمة المنتخبات الإفريقية المتوجة بالألقاب، فنجد منتخبنا بالكاد يحوز كأسا يتيمة، فاز بها عندما كانت تلعب بـ 8 منتخبات وعلى شكل بطولة، بمعنى وجود إمكانية تدارك الموقف...

ولا ندري ما ينقصنا حتى نعانق هذه الكأس العصية..

عموما ندعو الله أن يكون تشاؤمنا هذا مجرد تطير عابر من فرط حبنا لمنتخبنا، ونأمل ألا يحترم المنطق والعقل والواقع مثلما هو عليه الحال في كرة القدم، وأن تبحر سفينة الأسود نحو مصر وتدخلها دخول الفاتحين بدون حمد الله.. ورغم ما نشتمه من نيران حولها وفيها.. وما نقرأه من بلاغات جامعية تحاول "ستر ما لا يمكن ستره"، وندعو "اللهم استرها معنا يا رب"، فكيف لنا "ممطفرينوش لا في اللعب ولا في الجد".