الجمعة 29 مارس 2024
مجتمع

القاضي سعدون: هناك خصاص مهول في عدد القضاة بالمحاكم

القاضي سعدون: هناك خصاص مهول في عدد القضاة بالمحاكم القاضي سعدون مع صورة جماعية لبعض قضاة المغرب (أرشيف)

تعيش عدد من المحاكم المغربية على وقع خصاص في عدد القضاة، بعد إحالة عدد منهم على التقاعد، وإلحاق قضاة آخرين بالإدارة المركزية، وبعدد من المحاكم المستحدثة أخيراً في إطار الخريطة القضائية الجديدة، والتأخر في تعيين الفوج 42 من الملحقين القضائيين الذين أنهوا فترة التدريب بالمعهد العالي للقضاء مند عدة شهور، فضلا عن تأخر الإعلان عن مباريات جديدة لتوظيف قضاة.

وحسب الأستاذ أنس سعدون، عضو نادي قضاة المغرب، فإن من بين أسباب هذا الخصاص هو غياب تحفيزات، مما جعل القضاة يقدمون بشكل ملحوظ طلبات الإلحاق بالإدارات المركزية.

وأورد الأستاذ سعدون أن رئاسة النيابة العامة احتلت الرتبة الأولى بشأن المؤسسات التي يطلب القضاة الإلحاق بها، بالنظر إلى طريقة تسييرها، تأتي بعدها وزارة العدل، ثم المجلس الأعلى للسلطة القضائية.

وقد تم إرجاع سرّ إقبال القضاة على الالتحاق بالعمل الإداري إلى عبء التحرير وضغط الملفات وسيادة ثقافة الكمّ والإنتاجية على حساب الكيف، وغياب ظروف ملائمة للعمل داخل المحاكم وغياب الأمن المهني خاصة مع ارتفاع نسبة الاستدعاءات إلى المفتشية العامة بسبب أخطاء مهنية، إلى جانب غياب تعويضات عن الأعمال الإضافية، وانعدام عناصر التحفيز.

ومن بين الأسباب التي ساهمت أيضا في إيجاد مشكل الخصاص داخل المحاكم المغربية، تأخّر المجلس الأعلى للسلطة القضائية في الإفراج عن نتائج أشغاله في الشق المتعلق بالتعيينات والانتقالات. فرغم أن المجلس نشر بتاريخ 21 أكتوبر 2018، لائحة الخصاص الموجود بمختلف المحاكم، والذي بلغ 160 منصبا شاغرا، وأعلن عن افتتاح دورته العادية الأولى برسم سنة 2019، بتاريخ 28/01/2019، وحدد ضمن جدول أعماله تعيين الملحقين القضائيين من الفوج 42، الذين أنهوا فترة التمرين بالمعهد العالي للقضاء مند يناير 2019، إلا أن التأخر في إعلان نتائج تعيينات القضاة الجدد أدى إلى تفاقم مشكل الخصاص نظرا لغياب الخلف لا سيما في المحاكم التي أحيل فيها قضاة إلى التقاعد أو تم إلحاقهم للعمل في الإدارة المركزية أو في عدد من المحاكم المستحدثة مؤخرا.

وقد سبق لدراسة أنجزت في إطار الحوار الوطني حول إصلاح منظومة العدالة، أن قدّرت حاجة المحاكم إلى توظيف ما بين 200 و250 قاض جديد كل سنة، للوصول إلى العدد الكافي من القضاة 1 وهو المطلب الذي اعترضته عدة صعوبات بسبب عدم توفر المناصب المالية اللازمة. كما لوحظ تأخير في الإعلان عن موعد إجراء مباراة الولوج إلى القضاء، راجع إلى التأخير في الحسم في وضعية المؤسسة التي تتولى تكوين القضاة وهي المعهد العالي للقضاء، وما إذا كانت ستبقى تابعة لوزارة العدل أم ستصبح تابعة للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، وذلك في انتظار مراجعة القانون المنظم لهذه المؤسسة ومراجعة شروط الالتحاق بها والشهادة العلمية المتطلبة، ومدة التكوين بها.

وحول ارتفاع نسب القضاة في سن التقاعد، قال القاضي سعدون، أنه رغم أن المشرع لجأ إلى رفع سن تقاعد القضاة من 60 إلى 65 سنة، مع امكانية التمديد لهم لمدة سنة، أربع مرات، على ألا يتجاوز سنهم 69 سنة، إلا أن البنية الديمغرافية في الجسم القضائي بالمغرب، تشير إلى ارتفاع مهم في عدد القضاة المقبلين على التقاعد، لا سيما أمام تزايد عدد حالات القضاة الذين عبروا صراحة عن عدم موافقتهم على التمديد لهم في ظل غياب أي تحفيزات.

وقد أكد رئيس نادي قضاة المغرب، عبد اللطيف الشنتوف، أن المحاكم بالفعل تعاني خصاصا بشكل كبير بالنظر إلى أن عدد القضاة لا يتجاوز في مجموعه 4150 قاضيا، في مقابل الكثافة السكانية للمغرب التي تتجاوز 35 مليون نسمة.

وأفاد رئيس النادي أن هناك خصاصا مهما بشأن قضاة الموضوع، الشيء الذي يؤثر على مستوى ونوعية الإنتاج داخل المحاكم ويضرب المقاصد الدستورية في شأن المحاكمة العادلة والأجل المعقول.

واقترح في هذا السياق وضع مخطط استعجالي بين وزارة العدل والمجلس الأعلى للسلطة القضائية في إطار آلية التنسيق المشتركة، لتدارك الأمر سواء بالتوظيف العادي عن طريق الإسراع بالإعلان عن تنظيم مباراة الولوج إلى سلك الملحقين القضائيين، أو الطرق الاستثنائية المنصوص عليها قانونيا، مع التركيز على استقطاب المؤهلين للعمل في سلك القضاء، وفق مخطط وبرنامج واضحين لتجاوز الإشكال.