السبت 20 إبريل 2024
كتاب الرأي

محمد حمزة: إصلاح التعليم وسؤال المشروع المجتمعي

محمد حمزة: إصلاح التعليم وسؤال المشروع المجتمعي محمد حمزة
اهتم اليسار ومن ضمنه الحزب الاشتراكي الموحد، بملف التعليم كسلم للترقي الاجتماعي وبالتالي كسبيل لتحسين الأوضاع الاجتماعية لكافة فئات وطبقات الشعب المغربي وانحاز فيه بالكامل إلى جانب الشعب، واعتبر التعليم استثمارا استراتيجيا تسترخص في سبيله كل التضحيات مهما بلغت. وعلى الدولة أن تتحمل كامل مسؤولياتها وتبذل كامل جهدها من أجل تمكين هذا القطاع الحيوي من لعب دوره المركزي في تأهيل البلاد ومساعدتها على الاندراج في مستلزمات التحديث والعصرنة، عوض إعادة إنتاج نفس الاختلالات التاريخية التي جعلت هذا المجال يخفق في مساعدة المجتمع على إرساء دعائم التنمية الشاملة وتحقيق تطلعاته المشروعة لمواجهة التحديات العلمية والاجتماعية والاقتصادية في زمن يتسم بزحف العولمة وهيمنتها. 
لقد تعاقبت الاصلاحات ولم نراكم الى الاخفاقات، فخلال 60 سنة تعاقب على قطاع التعليم، ومن ضمنه التعليم العالي  32 وزيرا، بمعدل وزير لكل 22 شهرا ونصف الشهر. 
يقابل هذا الكم المرعب من الوزراء، 14 محاولة للإصلاح، بمعدل إصلاح كل 4 سنوات، لم تصل أي منها لتحقيق أهدافها كل هذا يعني أن الخلل الحقيقي ليس في كل الأعطاب التي حاولت الاصلاحات تصحيحها، بل في القرار السياسي.
جميع الإصلاحات تعاملت مع أزمة التعليم بشكل تقني، وغاب عنها التصور الشامل الذي يضع النظام واختياراته تحت المجهر، ويحدد الأسباب الحقيقية لهذه الأزمة، وهيمنت عليها الشعارات والإنشائية، إذ أن كل إصلاح يغرق في تفاصيل جزئية شكلية، ويتجنب التطرق للنقط الأساسية، وتعاملت مع أزمة التعليم بمعزل عن بقية القطاعات، مما يوحي أن الأزمة تهم هذا القطاع فقط والحال أنها أزمة شاملة. 
إن  الاصلاح الشمولي والجذري للمنظومة التربوية لا يمكن أن يتم بمعزل عن انتقال المجتمع برمته إلى الحداثة بما يعني الانتقال من مركزية الهوية ( الهوية المحافظة ) إلى مركزية العلم و المعرفة ( سيادة الفكر النقدي ونسبية الحقيقة الاجتماعية و العلمية). 
إن أزمة التعليم العالي بالمغرب، أزمة بنيوية شاملة متعددة الأبعاد والدلالات ولها امتداد مجالي وزمني، أزمة لا يمكن فهمها إلا بربطها بأزمة النظام التربوي – التكويني بصفة عامة، ومن جهة أخرى ربطها بالبناء السياسي وبالنظام المجتمعي العام الذي تخترقه عناصر الأزمة على مختلف الاصعدة والمستويات و التردد في الإرساء الفعلي لمرتكزات وأسس المشروع المجتمعي الحداثي والديمقراطي وهو الجوهر الذي ظل غائبا. 
هناك حاجة الآن  الى تعاقد منتج لإنقاذ التعليم العمومي والجامعة العمومية بدل التوافق الغير المنتج.