الجمعة 19 إبريل 2024
مجتمع

محمد زروقي: هذه هي المفاتيح لفهم التوظيف الجهوي والنظام الجديد لأطر الأكاديميات

محمد زروقي: هذه هي المفاتيح لفهم التوظيف الجهوي والنظام الجديد لأطر الأكاديميات محمد زروقي

صادقت المجالس الإدارية للأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين، في دورة استثنائية عقدتها خلال شهر مارس 2019، على مراجعة النظام الأساسي الخاص بأطر الأكاديميات، حيث أصبح بموجبه النظام الأساسي الخاص بهم صورة طبق الأصل من النظام الأساسي لوزارة التربية الوطنية، ومن دون أي تمييز بينهما؛ و ذلك بعد التخلي نهائيا عن آلية التعاقد. و من أجل التعريف بهذا النظام الجديد وما أحدثه من جدل وتساؤلات حاورت "أنفاس بريس" محمد زروقي، المدير الإقليمي لوزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي بسطات.

 

+ ما هي مميزات الإدماج الذي جاء به النظام الجديد لأطر الأكاديمية، الذي جعل منهم موظفين جهويين بعد التخلي عن نظام التعاقد؟

- يندرج توظيف أطر الأكاديمية في إطار ترسيخ الجهوية المتقدمة، الذي تشكل الجهة فيه الإطار المؤسساتي الأمثل لتحقيق التوازن والفعالية والالتقائية في تنزيل السياسات العمومية، والاجتماعية منها على وجه الخصوص. وتقوم الجهوية على شرط أساس يتحدد في تطوير نظام عدم التركيز الإداري، وذلك من خلال تنازل الإدارات المركزية على المزيد من الاختصاصات الفعلية لصالح مصالحها الجهوية،  مع تحويل تدبير الموارد المالية والبشرية إليها بصورة تجعل عدم التركيز هو القاعدة الأساس التي تسمح بتفعيل الحكامة الترابية. ويظل الرهان على الجهوية، رهانا على التنمية الشاملة القائمة على تحديث البنية المؤسساتية للدولة، بما يمكن من تحقيق التقدم الاقتصادي والاجتماعي بكافة المناطق، من خلال وضع مخططات محلية تروم تقليص الفوارق المجالية والاجتماعية.

وقد حرصت وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي على الانخراط الناجع في تنزيل الجهوية المتقدمة، من خلال تقوية اختصاصات الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين، باعتبارها مؤسسات عمومية تتمتع باستقلالها الإداري والمالي وتتحكم في مواردها البشرية في إطار يمكن من توفير الكفاءات اللازمة لممارسة فعالة وناجعة في مجال تدبير الشأن التربوي.

ومكن توظيف الأكاديميات الجهوية لأطر التدريس، في إطار نظام التعاقد، منذ سنة 2016  من الارتقاء الملحوظ بنجاعة التدبير التربوي، نتيجة التحكم في الحاجيات من أطر هيئة التدريس، بشكل أدى إلى تجاوز مشكل الخصاص الذي كان يطرح خلال كل دخول مدرسي نتيجة عدم كفاية المناصب المالية المخصصة سنويا لقطاع التربية الوطنية بموجب القوانين المالية، وانعكاسات ذلك على الاكتظاظ بالفصول الدراسية، وما يترتب عنه من تأثير على جودة الأداء.

وعرف نظام التوظيف بالأكاديميات الجهوية تطورا متميزا منذ انطلاقته، في مرحلة أولى سنة 2016، استنادا إلى المقرر المشترك لوزير التربية الوطنية والتكوين المهني ووزير الاقتصاد والمالية رقم 7259 بتاريخ 7 أكتوبر 2016 في شأن وضعية الأساتذة المتعاقدين مع الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين، مستندا إلى التوظيف بالتعاقد بوصفه شكلا من أشكال التوظيف نص الميثاق الوطني للتربية والتكوين على إمكانية اللجوء إليه، كما نصت عليه الرؤية الاستراتيجية للإصلاح 2015-2030، وتضمنه مشروع القانون الإطار في مادته الثامنة والثلاثين.

وانتقل نظام التوظيف بالأكاديميات الجهوية ابتداء من فاتح شتنبر 2018  إلى مرحلة ثانية على إثر صدور النظام الأساسي الخاص بأطر الأكاديميات، الذي حدد الوضعية الإدارية والسيرورة المهنية للأساتذة، وذلك بوصفه مرجعا أساسا للتدبير الجهوي للموارد البشرية، موازاة مع نقل الاختصاصات المركزية إلى الأكاديميات الجهوية في ممارسة هذا التدبير.

وقد استثمرت الأكاديميات الجهوية قوة الرصيد المكتسب في تطور النظام الأساسي لموظفي وزارة التربية الوطنية لتطوير النظام الأساسي لموظفيها في مرحلة ثالثة، تم خلالها التخلي عن نظام التعاقد، على إثر انعقاد دورة استثنائية للمجالس الإدارية للأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين بجميع جهات المملكة يوم الأربعاء 13 مارس 2019 ، تم خلالها المصادقة على جملة من التعديلات المقترحة لتعزيز النظام الأساسي لأطر الأكاديميات وتطويره. وقد تميز النظام الأساسي المعدل بمراجعة جميع المواد المتضمنة للتعاقد، الذي لم يعد معتمدا، مع إدماج جميع أطر الأكاديميات بصفة تلقائية ضمن أطر الأكاديمية بمن فيهم أساتذة الأفواج التي سبق توظيفها قبل صدور النظام الأساسي، دون الحاجة إلى ملحق التعاقد.

وجاءت التعديلات الأخيرة بامتيازات هامة، نذكر منها تمتيع أطر الأكاديميات بالحق في الترقية في الرتبة والدرجة على مدى حياتهم المهنية، وضمان حق الحركة الانتقالية داخل الجهة التي ينتمون إليها، وخضوعهم للمقتضيات القانونية التي تسري على جميع موظفي الإدارات العمومية في حال العجز الصحي، مع مراجعة المادة 25 من النظام الأساسي في شأن التقاعد بعد الإصابة بمرض خطير، وذلك بتمكينهم من الحقوق المكفولة لسائر الموظفين مع السماح لهم بممارسة أنشطة خارج أوقات العمل، شريطة ألا تكون مدرة للدخل.

وتميزت التعديلات المدرجة بإعطاء الحق في الترشيح لاجتياز مباراة التبريز والإدارة التربوية ومباراة  التوجيه والتخطيط التربوي ومباراة ومباراة المفتشين، فور استيفاء الشروط المطلوبة، إسوة بالأساتذة الخاضعين للنظام الساسي لموظفي وزارة التربية الوطنية، مع فتح إمكانية تقلد مناصب المسؤولية (رئيس مصلحة، رئيس قسم، مدير إقليمي....)، وفق الشروط والضوابط التنظيمية الجاري بها العمل.

وعموما، فإن النظام الأساسي المصادق عليه في الدورة الأخيرة يمكن الأساتذة موظفي الأكاديميات الجهوية من وضعية مهنية مماثلة للموظفين الخاضعين للنظام الأساسي الخاص بموظفي وزارة التربية الوطنية، وذلك في إطار اللاتمركز الواسع الذي لن تستقيم الجهوية بدون تفعيله في إطار حكامة ترابية ناجعة قائمة على التناسق و التفاعل اللازمين .

 

+ كيف يتساوى نظام أطر الأكاديمية مع النظام الأساسي للتربية الوطنية من حيث الحقوق والواجبات؟

- تتجلى معادلة النظام الأساسي لموظفي الأكاديميات مع النظام الذي يخضع له موظفو وزارة التربية الوطنية في تساوي الحقوق وتكافؤ الواجبات.

فمن جهة الحقوق، يتضمن النظامان الحق في الأجرة نفسها تبعا للدرجة والرتبة التي يصنف الموظف في إطارها، كما يضمن النظامان الحق في التعويضات العائلية والتعويض عن المنطقة، والحق في الترقية في الرتبة والدرجة، والحق في الحركة الانتقالية وفي عضوية مجالس المؤسسة والعطل المدرسية والمشاركة في مداولاتها، والحق في الاستفادة في العطل الرسمية والرخص السنوية والإدارية والطبية والاستثنائية ورخصة أداء مناسك الحج، والحق في التغطية الصحية والتغطية الاجتماعية، والحق في المشاركة في التداريب والتكوينات والاستحقاقات التربوية بالمؤسسات التعليمية، والحق في ممارسة العمل النقابي، والحق في الحماية المكفولة أثناء أداء المهام. ويكفل النظامان الحق في التقاعد، كما يكفلان الحق لذوي الحقوق في رصيد الوفاة.

ومن حيث الواجبات، فإن مقتضيات النظامين تنصان على ضرورة الانضباط، واحترام الرؤساء، والقيام بالعمل بصفة شخصية، والتنفيذ السليم للمهام المسندة، والالتحاق بمقر العمل وممارسته دون انقطاع، واحترام أوقاته، والالتزام بحضور الدورات التكوينية، والحرص على كتمان السر المهني، والامتناع عن ممارسة أي نشاط مدر للدخل، مع احترام النظام الداخلي للمؤسسات التعليمية والالتزام بميثاق الأخلاقيات المهنية.

ويمكن أن نقول إن التخلي عن نظام التعاقد الذي ميز تعديل مقتضيات النظام الأساسي الخاص بأطر الأكاديميات الجهوية، فضلا عن التعديلات المتميزة التي اتسع لها مجال الحقوق الممنوحة، قد بدد كل أشكال الاختلاف مع النظام الذي يخضع له موظفو وزارة التربية الوطنية، وكأننا في كنف هذا النظام بصورة جهوية متقدمة.

 

+ نعلم أن العملية تقتضي موارد مالية مهمة، فكيف ستدبر الأكاديمية كمؤسسة عمومية نفقات التسيير وتدبير أجور هذه الفئة من الأطر؟

- حدد القانون 07.00 القاضي بإحداث الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين كما وقع تغييره وتتميمه بالقانون رقم 71.15 إطار اشتغال الأكاديمية بوصفها مؤسسة عمومية تتمتع  بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي تخضع لوصاية الدولة، ويكون الغرض من هذه الوصاية ضمان تقيد أجهزتها المختصة بأحكام هذا القانون خصوصا ما يتعلق بالمهام المسندة إليها، والحرص بوجه عام على تطبيق النصوص التشريعية والتنظيمية المتعلقة بالمؤسسات التعليمية، كما تهدف هذه الوصاية إلى السهر على احترام الأكاديميات للنصوص المتعلقة بمؤسسات التربية والتكوين والنظام المدرسي، وتخضع الأكاديميات للمراقبة المالية للدولة المطبقة على المؤسسات العمومية وفقا للنصوص التشريعية الجاري بها العمل.

وحددت المادة التاسعة من القانون المنظم موارد الأكاديمية في الإمدادات والمخصصات من ميزانية الدولة، إضافة إلى الإعانات والمساهمات المحصلة في إطار شراكات مع الجماعات المحلية وهيئاتها، وكل هيئة أخرى عامة أو خاصة، والتسبيقات القابلة للإرجاع التي تمنحها الخزينة والهيئات العامة أو الخاصة، وكذا الاقتراضات المأذون فيها، طبقا للنصوص التشريعية الجاري بها العمل، والهبات والوصايا والمداخيل المتنوعة، ومداخيل الخدمات التي تقدمها في ارتباط بنشاطها، إلى جانب موارد أخرى يمكن أن تمنح لها بموجب أحكام تشريعية أو تنظيمية.

وحددت المادة التاسعة في المقابل نفقات الأكاديمية في نفقات التجهيز والتسيير وتسديد التسبيقات والقروض وكل النفقات المرتبطة بنشاطها.

ومن ثم، فإن تدبير أجور موظفي الأكاديمية وتسيير شؤونهم يحظى جهويا بالأولوية نفسها التي يحظى بها تدبير رواتب موظفي وزارة التربية الوطنية على الصعيد المركزي، وحق الأجر مكفول في النظام الأساسي لموظفي الأكاديمية على قدر كفالته في النظام الأساسي للوظيفة العمومية بصفة عامة، كما أن نظام التأجير الخاص بموظفي الأكاديمية هو نفسه لموظفي قطاع التربية و التكوين عموما.

إن من أهم مميزات النظام الأساسي لأطر الأكاديميات إقرار ضمانات للتوظيف استنادا الى المناصب المالية المقيدة مسبقا في ميزانية الأكاديميات الجهوية، مع التركيز على وظائف التدريس، ثم وظائف التسيير والدعم التربوي والإداري والاجتماعي والتقني باعتبارها وظائف قارة ودائمة بالأكاديميات الجهوية. وتبقى الحاجيات الإجمالية من أطر التدريس في تزايد مستمر على الصعيد الوطني لتغطية المؤسسات التعليمية باللازم من الموارد البشرية الكفيل بتنزيل الرؤية الاستراتيجية للإصلاح 2015 - 2030 ولئن تم توظيف 21520 أستاذة وأستاذ من طرف الأكاديميات الجهوية برسم السنة المالية 2018/2019، فإن الدارسات الاستشرافية أثبتت الحاجة إلى 206096 أستاذة وأستاذ خلال الفترة الممتدة من 2019 إلى 2030 لضمان ظروف ملائمة للتحصيل الدراسي وتحسين جودة التعلمات، في إطار فصول دراسية نموذجية تستجيب لمحددات الرؤية الاستراتيجية، ويبقى تحقيق ذلك رهينا بإعداد ميزانية الأكاديميات الجهوية على أساس توفير المناصب المالية اللازمة لتغطية الحاجيات السنوية المطروحة.

 

+ ما هي التدابير التي تم اتخاذها لإدماج الأفواج السابقة على مستوى إقليم سطات مثلا؟ وكيف ستتم عملية الالتحاق بالنسبة للأفواج المقبلة، ووفق أية معايير؟

- نص النظام الأساسي لأطر الأكاديميات المصادق على تعديلاته من طرف المجالس الإدارية خلال الدورة الاستثنائية الأخيرة على إدماج جميع أطر الأكاديميات بصفة تلقائية ضمن أطر الأكاديمية دون الحاجة إلى ملحق العقد، بمن فيهم أساتذة الأفواج التي سبق توظيفها صدور النظام الأساسي لفاتح شتنبر 2018، كما نص النظام الأساسي المعدل على ترسيم الأساتذة أطر الأكاديميات، وإعادة ترتيبهم في الرتبة الثانية من الدرجة الثانية (السلم 10)، مع الاحتفاظ بالأقدمية المكتسبة بالأكاديمية مباشرة بعد الإدماج ضمن أطر الأكاديمية والنجاح في امتحان التأهيل المهني.

وقد باشرت الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين لجهة الدار البيضاء سطات إجراء امتحانات التأهيل المهني لفائدة الفوج الأول 2016 بمختلف المديريات الإقليمية. وتمكنت المديرية الإقليمية بسطات إلى حدود تاريخه من إجراء الامتحان لفائدة 203 من مجموع 311 استاذة وأستاذا أساتذة هذا الفوج بمختلف الأسلاك التعليمية تكللت نتائجه بالنجاح، معه تسجيل لجن الامتحانات المنظمة لاتسام الأداء الصفي للأستاذات والأساتذة موظفي الأكاديمية بالنجاعة المطلوبة، تميز ممارساتهم التربوية بالإبداع والابتكار رغم حداثة عهدهم بالتدريس. وتواصل المديرية الإقليمية بسطات تيسير ظروف الإجراء لمختلف الأستاذات والأساتذة بتعزيز الموارد وتسخير الإمكانات المتاحة لتسريع وتيرة الإنجاز، قصد تمكين أساتذتها من أطر الأكاديمية من التدرج في مسارهم المهني وضمان ترسيمهم وترقيتهم الإدارية في آجالها المحددة.

وبخصوص الأفواج القادمة، وعلى إثر إلغاء نظام التعاقد في إطار النظام الأساسي الجديد لموظفي الأكاديمية، سيستفيد أطر التدريس موظفو الأكاديمية بعد النجاح في مباراة التوظيف من تكوين أساس لمدة سنتين تأهيليتين، تمتد السنة الأولى لمدة لا تقل عن سبعة أشهر متواصلة، وتنظم السنة الثانية على امتداد سنة دراسية كاملة في شكل تكوين بالتناوب يخصص لإجراء تدريب مؤطر في وضعية تحمل كامل لمسؤولية الفصل الدراسي، إلى جانب دورات تكوينية حضورية بالمراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين ودورات تكوينية عن بعد تخصص لتهييء امتحان التأهيل المهني الذي يتيح النجاح فيه الترسيم والترقي إلى الرتبة الثانية من الدرجة الثانية (الرقم الاستدلالي 300)، وذلك في إطار مماثلة الوضعية الإدارية للأساتذة موظفي الأكاديمية مع وضعيات باقي أطر هيأة التدريس الخاضعين للنظام الأساسي الخاص بموظفي وزارة التربية الوطنية.