الثلاثاء 19 مارس 2024
مجتمع

سهيل بعمري: قراءة في إشكالية التشغيل بالتعاقد

سهيل بعمري: قراءة في إشكالية التشغيل بالتعاقد مسيرة سلمية للأساتذة المتعاقدين

في إطار النقاش العمومي الدائر حاليا داخل المجتمع بخصوص إشكالية التشغيل بالتعاقد، و مخص بالذكر قطاع التعليم و ذلك بموجب المذكرة الوزارية رقم 16-866 الصادرة بتاريخ 7 نونبر2016 في شأن التوظيف بموجب عقد يتم ابرامه مع الأكاديميات الجهوية، سنحاول من خلال هذا المقال ابراز بعض الجوانب الفقهية و القانونية للتشغيل وفق هذه الصيغة،مع تحديد طبيعتها.

التشغيل وفق هذه الصيغةأدى إلى ظهور نظريتين: التنظيمية و النظرية التعاقدية، وقد أثار موضوع التشغيل(و ليس التوظيف) بموجب عقود مؤقتة بالوظيفة العمومية نقاشا بين مختلف شركاء الإدارة العمومية و التي اعتبرت هذا النوع من الإجراءات هو بداية لخوصصة المرفق العمومي و ان هذا الأخير سينحرف عن المبادئ التي من أجلها تأسس.

وكان مدخلا لإعادة النقاش حول موضوع التعاقد داخل الوظيفة العمومية، والذي تم التطرق له بشكل واضح لا يدع مجالا للشك في النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية في الفصل 6 مكرر المنشور ب: القانون رقم 50.05 ج ر عدد 5944 بتاريخ 19 ماي 2011.

حيث اعتبر المنشور على أن التوظيف بموجب عقد مسموح به فقط بالنسبة للإدارات التي لا تتوفر على أنظمة أساسية لموظفيها، وحدد مجموعة من الشروط التي يجب أن تتوفر في الأشخاص الذين سيخضعون للتوظيف بناء على هذه العقود. فيما نص المنشور على العقود الوظيفية و التي خصصت لمناصب المسؤولية داخل الإدارة.

وعموما ومن خلال تحليل بنود العقد نجد أنه يحيلنا على مجموعة من النصوص القانونية المطبقة على الموظفين النظاميين وتمتيع العون المتعاقد ببعض الامتيازات التي يستفيد منها الموظفون النظاميون مع حرمانه من مجموعة من الامتيازات التي تنص عليها القوانين الجاري بها العمل في الوظيفة العمومية كما هو الحال عند تحريك مسطرة التأديب ضد الموظف، كما وجب الإشارة إلى أن المنشور الصادر بتاريخ 10 شتنبر1963عن وزير الوظيفة العمومية الذي يحمل رقم 38-63 استعمل عبارة” Agents contractuels de droit commun” مما يبين أن هذه الفئة من الأعوان خاضعين في علاقتهم التعاقدية للقانون العام و ليس للقانون الخاص. وبالتالي فهذه العقود تعتبر عقود القانون العام و عقودا خاضع لأحكام القانون العام وهي التي يطلق عليها اصطلاحا بالعقود الإدارية،و تتمتع بامتيازات السلطة العامة كما يتضمن شروطا غير مألوفة في العقود المدنية، و أن الاختصاص في هذه حالة النزاع يعود للمحاكم الادارية كما تم التنصيص عليه بالمادة 8 من قانون المحاكم الإدارية على اختصاص هذه الأخيرة في البث في المنازعات المرتبطة بالعقود الإدارية حيث جاء فيها ما يلي: " تختص المحاكم الإدارية، مع مراعاة أحكام المادتين 9 و11 من هذا القانون، بالبت ابتدائيا …وفي النزاعات المتعلقة بالعقود الإدارية..."

و قبل الختام وجب الاشارة إلى مجموعة من العناصر المكونة لهذا النوع من العقود من قبيل:

  • أطراف العقد:يتم إبرام العقد من طرف الوزير أو رئيس الإدارة من جهة و العون من جهة أخرى.
  • موضوع العقـد: تمت الإشارة في البند 1 من العقد لموضوعه و المهام المطلوب نت العون المتعاقد معه إجراؤها.
  • مـدة العقـد و طرق تجديـده: مدة العقد و طرق أو مسطرة تجديـده و كذا عملية الاخطار الخاصة بفسخ العقد تمت الإشارة إليها في المادة 2.
  • الغيابات: الغياب المبرر لأسباب صحيــة، يجعله غير قادر على مزاولـة مهامـه و حددت كأقصى مدة في 3 أشهر يستفيد المتعاقد خلالها بكامل أجره، مع إمكانية استفادته من 3 أشهر أخرى لكن بنصف الأجر، لكن و عند مرو 6 أشهر من المرض و لم يستطع المتعاقد استئناف عمله يتم فسخ العقد بدون إشعار مسبق ودون أي تعويـض، و بالنسبة للمتعاقدات يستفدن في حالة الولادة من أربعة عشر أسبوعا أي حوالي 3 أشهر و نصف.
  • مختلفات: وجب الإشارة إلى أن المواد 6 و 7 تطرقتا على التوالي لحوادث الشغل و كذا للمعاش الذي سيـتفيــد المتعاقد.

من خلال ما سبق يبدو أن التوجه الجديد داخل الإدارة العمومية بدأ ينحو باتجاه العمل وفقصيغة التعاقد، و التوجه نحو عقود التشغيل عوض التوظيف بناء على القانون الاساسي للوظيفة العمومية، الشيء سيغير لا محالة من تجربة عقود التوظيف المعمول بها داخل الإدارة و سيكون له أثر جد واضح على صناديق التقاعد و التغطية الصحية، من خلال نقص في عدد المساهمين.