الجمعة 29 مارس 2024
كتاب الرأي

نوفل البعمري: في ملف الأساتذة المتعاقدين... أي دولة نريد و بأي أدوار؟

نوفل البعمري: في ملف الأساتذة المتعاقدين... أي دولة نريد و بأي أدوار؟ نوفل البعمري
إن مفهوم العقد شريعة المتعاقدين التي تحاول الحكومة من خلالها تبرير موقفها السياسي من الأساتذة المتعاقدين، هي قاعدة لا تستقيم ووضعية هذه الفئة لعدة اعتبارات منها ما هو قانوني، و منها ما هو اجتماعي، مع الإشارة بداية على أن هذا الملف هو راجع لأحد الملفات التي خلفتها حكومة بن كيران الذي اتخذ قرارا سياسيا زكاه رئيس الحكومة الحالي باعتماد سياسة التعاقد في التوظيف وهو قرار لا يستند على مبررات اجتماعية او اقتصادية بل يتعلق بإملاء من البنك الدولي الذي ربط الديون التي قدمها لحكومة بن كيران بالقيام بإجراءات اقتصادية تهم التخفيف من كتلة الموظفين العموميين وهو قرار يضرب السيادة الوطنية خاصة الاقتصادية منها، ويمس بالاستقرار الاجتماعي لفئات عريضة من المجتمع.
هذا الإجراء يجعلنا نتأكد ان الحكومة تتجه نحو ترسيخ منطق الدولة المتفرجة،اي الدولة التي لا تقوم بأي دور، فقد تم التخلي عن دور الدولة التدخلي لصالح منطق سياسي سيؤدي إلى التساؤل عن معنى الاجهزة الحكومية اذا كانت لم تقوم بأدوارها مادامت ستتخلى عنها تدريجيا لصالح مؤسسات أخرى.
العقد شريعة المتعاقدين يكون عندما تتساوى أطراف العقد، لكن و ان طرف إرادته غير حرة بسبب حاجته الماسة للعمل، بسبب طرف وضعه الاجتماعي ارغمه أمام انسداد الافق الاقتصادي بسبب اختبارات حكومتي بن كيران و العثماني و ضعف الفرص إن لم يكن انعدامها أمام الشباب الذي يتخرج من الجامعات بالآلاف فلا يمكن الحديث عن هذه القاعدة القانونية في هذا الوضع لان الإرادة المفردة لأحد طرفيه الأساسيين و هم المعطلين لم ينطلقوا منها و لم تكن وضعيتهم تسمح بأن تكون إرادتهم حرة بل كانت متأثرة بوضعيتهم الاقتصادية و الاجتماعية المأزومة.
مقاربة الحكومة خاطئة، هي بالتأكيد تصنع قنبلة موقوتة في وجه الدولة تنذر بصنع جيش من المحتجين مسنودين على قاعدة صلبة من الناحية الكمية.
رئيس الحكومة أعطى توجيهاته لوزير التعليم بفتح حوار مع الأساتذة المتعاقدين و هي خطوة لا يمكن الرهان عليها كثيرا بسبب موقف الحكومة الرافض إلى الاستماع لمطالب الأساتذة المتعاقدين فعلى اي قاعدة سيكون هذا الحوار؟؟
الحكومة عليها أن تعيد مقاربتها للملف و تعاطيها مع هذه الفئة لان الأمر يتعلق بكرة ثلج تكبر خاصة بعد إعلان النقابات عنن دعمها لهذه الفئة و عن سلسلة اضطرابات في قطاع التعليم... و لا نعلم إلى أين ستتجه خاصة و ان الحكومة أظهرت في مرات عديدة أن إدارتها للملفات الاحتجاجية تدبير خاطئ و يؤزم الوضع اكثر مما يسهم في حله.
إن المقاربة القانونية الصرفة لن توصلنا للحل، اذ المدخل هو اجتماعي بالأساس و يتعدى هذا الملف ليصل بنا إلى سؤال أي دولة نريد؟ بأي أدوار؟