الخميس 25 إبريل 2024
كتاب الرأي

محمد المرابط: هل تورط الزفزافي في الشأن الداخلي للجزائر، يمثل رجع الصدى لمسيرة بروكسيل؟

محمد المرابط: هل تورط الزفزافي في الشأن الداخلي للجزائر، يمثل رجع الصدى لمسيرة بروكسيل؟ محمد المرابط

توجيه ناصر الزفزافي نداءه للشعب الجزائري في سياق مناهضة الولاية الخامسة للرئيس بوتفليقة، وبوصفة "لا للدكاكين السياسية"، تشوش بجدية على الحراك وقيادته. فالحالة الجزائرية يمكن أن تكون موضع تحليل، لكن لا يمكن بحال من الأحوال، أن تكون موضع تحريض، من أي جهة مغربية.

 

نداء الزفزافي لم يقف عند جدار والده، بل تبنته جمعية ثافرا للوحدة والتضامن، مما يجعلها هي الأخرى متورطة في خطوة غير محسوبة العواقب. ويظهر أن هذا النداء يعبر عن تمثل معين لمسيرة بروكسيل التي رفع عددها المغرمون بـ "زعامة" ناصر إلى 40 ألف مشارك. وهناك من أعطى لناصر حق التدخل في الشأن الداخلي للجزائر بدعوى أنه أصبح فاعلا أمميا لما ترشح لجائزة ساخروف، وقد اعتبره أحد المنبهرين بزعامته أنه "نبي" بعثه الله إلينا.

 

لكن دعونا نفحص مسيرة بروكسيل التي وظف ناصر منسوب زعامتها في الشأن الداخلي للجزائر، وقد سبق أن اعتبرت أنه قد وضع فخا لنفسه بدعوته إليها، لأنها رفعت شعارات مناهضة للدولة ورموزها. بل ونقف في تغطية الكاتب محمد السقفاتي في "أنوال بريس"، تحت عنوان: "مشاهد وارتسامات حول مسيرة بروكسيل التاريخية"، على الوصف التالي لجانب من مجرياتها، لما طالبت طفلة مكبر الصوت، فـ "هللت الطفلة ورددت: آريف اناخ مارا، الملك غابارا". ويضيف الكاتب: "في الجمع الغفير أمامها تعالت الضحكات المحتشمة، ثم تحولت الضحكات إلى ارتباك. حاول البعض أن يصحح لها لتردد كلمة المخزن بدل كلمة الملك، لكن لما أصرت الصغيرة ببراءة طفولية وبأكثر حماسة على رفع نفس الشعار، تدخل المنظمون وسحبوا مكبر الصوت من يدها". لكن مثل هذه الشعارات التي رفعها الجمهوريون حول نواة "أنتويربن" في هذه المسيرة، تستوجب من ناصر التبرؤ منها، وإلا فهو يتحمل مسؤوليتها السياسية، وقد دعا إليها، وأشاد بها بعد ذلك.

 

الجمهوريون لمزيد تأزيم الوضع، زادوا من جرعة التهجم على رئيس الدولة، وألبسوا ناصرا لباس الزعيم الجمهوري من خلال مجموعة من التدوينات؛ منها ما خطته "عنقاء الريف": "عاش ناصر الزفزافي البطل الجمهوري على نهج مولاي موحند"، "الحرية لناصر الزفزافي الجمهوري الموحنداوي"، "ناصر الزفزافي قاد حراك جمهوري بغطاء حقوقي، حان الوقت لنقول الحقيقة"، "ناصر الزفزافي كان يقول على نهج مولاي محند، يعني أن حراك الحسيمة كان جمهوري 100%"، "صباح الخير يا جمهورية الريف العظيمة، الحرية لناصر الزفزافي الجمهوري"، "بصفتي عنقاء الريف أرشح ناصر الزفزالي الجمهوري لرئاسة جمهورية الريف المتحدة، أتمنى له النجاح والتوفيق بعد التصويت"، "الفرق بين من يتبنى الفكر الجمهوري علنا ومن لا يتبناه هو عشر سنين من السجن، هذا هو الفرق بين جلول وناصر!"

 

لذلك يظهر أن الزفزافي معني بالرد على "عنقاء الريف"، وعلى ما حصل في مسيرة بروكسيل، وإلا فالنيابة العامة ستبقى في مرحلة الاستئناف تدقق في المعجم، كما فعلت في المرحلة الابتدائية. حيث بالإمكان -إذا لم يسارع إلى إبطال سحر الجمهوريين- التدقيق في مصطلح "قضيتنا" في قسم الحراك، على ضوء ما اعتبره اعزي احمد وهو ينادي إلى مسيرة بروكسيل، من كونها ستمثل ميزان قضية الريف. وأيضا لما أشار ناصر في رسالة لمعتقل 20 فبراير، البشير بنشعيب بالقول: "فقضيتنا أفديتها بعمرك قبلنا بسنوات". فمد جسور الثقة بين الفرقاء تتطلب القطع مع المفاهيم الملتبسة التي تغذي الشكوك، إذ أن لغة الوضوح مطلوبة من الجميع.

 

إن الزفزافي عوض أن يتحمل مسؤوليته في توضيح الأمور، ويستثمر نجاح مسيرة بروكسيل من أجل تركيز الأضواء على معتقلي الحراك، الموزعين على السجون الأخرى، فإنه فضل الهروب إلى الأمام، من خلال اللهاث وراء أضواء الإثارة.

 

وللتذكير، فإن مسيرة بروكسيل قد أظهرت في اللقاء التشاوري عقبها، أن هناك تقييمات سلبية لها، وأن هناك مشاكل داخل الصف المقابل للجمهوريين. ولعل تدخل رضوان أسويق مثلا والتعقيب عليه، يفصح عن هذا المعنى. لذلك فهذه المسيرة قد منحت زخما للقاء الأوروبي ببلباو، يومي 16 و17 مارس2019، في سياق نسف مخرجات اللقاء الأوروبي بفرانكفورت، في الوقت الذي كانت الآمال معقودة على التئام فرانكفورت2. والملاحظ أن يوبا الغديوي رغم استقلاله بجمهورية "الجمعية الوطنية الريفية"، فإنه يدعم انشقاق ما تبقى من الجهوريين الآخرين على اليسار، وهو يدعو إلى "الحج بكثافة إلى بلاد الباسك من أجل إنجاح اللقاء والمسيرة". ويظهر أيضا أن مسيرة دوسولدورف في 9مارس2019، وهي تمثل استفزازا ليوبا في عقر داره، سيركبها الجمهوريون كذلك. وكل هذا يظهر خطأ اتفاق الأستاذ جمال الخطابي منسق فدرالية فرنسا للجان دعم حراك الريف، مع ناصر الزفزافي، على ربط الحراك بأوروبا. وبالرغم من أنه بفضل الديموقراطيين أمكن إدخال الحراك إلى مختلف المنتديات الأوروبية، فإن عمق الحراك في معادلة الحل السياسي، يبقى في الداخل، وقد لاحظنا أن مجهودات فدرالية فرنسا في تنظيم خيمة الحراك بحفل الإنسانية في باريس  أواسط شهر شتنبر2018، قد أفسدها الأستاذ البوشتاوي، حيث امتد هذا الإفساد إلى خيمة النهج الديموقراطي.

 

فهل هناك مساحة لفعل العقلاء؟