الثلاثاء 23 إبريل 2024
مجتمع

نجاة إخيش:  امتلاك الزوج لعقد الزواج لا يعني امتلاكه جسد زوجته!

نجاة إخيش:  امتلاك الزوج لعقد الزواج لا يعني امتلاكه جسد زوجته! نجاة اخيش في وسط الصورة

في خضم الحديث عما تحقق للنساء من مكاسب وما ينتظر دوره، أرى بأنه حسنا فعل القضاء في مدينة طنجة حين أدان شابا اغتصب زوجته وحكم عليه بسنتين سجنا. إذ يعد درسا بليغا للأزواج المعنّْفين وغيرهم من الرجال الذين يظنون أن القانون والمجتمع يمشي في اتجاه دعم سلوكاتهم وعنفهم تجاه النساء، وينسون أن الواقع يسير في اتجاه التطور بفضل نضال الحركة النسائية لضمان وضع ترسانة قانونية حمائية وتغيير العقليات على جميع المستويات لضمان حماية حقيقية من كل أشكال العنف النفسي، الجسدي، الجنسي، القانوني، الاقتصادي والاجتماعي، وأن أغلب النساء بفضل التوعية بالحقوق الإنسانية لم يعدن محكوم عليهن بالسكوت والخوف من حكم المجتمع عليهن بالتهميش والعزلة،  وإذا لم تتحرك النساء  فمن بفضح كل أشكال العنف الذي يتعرضن له حتى ولو كان الاغتصاب من طرف الأزواج أو التحرش الجنسي أيا من كان مرتكبه حتى ولو كان طرفا عائليا؟

فهذه الأمور كانت قبل  بضع سنوات طابوهات تمنع التقاليد والعادات والمخيلة الثقافية إخراجها من ظلام التكتم لضمان احترام الوسط العائلي والمجتمعي للمرأة المعنفة.

و لهذا أرى أن هذا تطور جد إيجابي أن تقوم النساء بالإجراءات القانونية لضمان الحماية من هذا العنف الذي يدمر حياتهن على مدى كل عمرهن دون أن ينتبه أي كان لتبعا،٫ وإيجابي أكثر أن يقول القضاء كلمته لفائدة النساء ضحايا الاغتصاب الزوجي، لأنه اغتصاب حقيقي أيضا وليس لدى الزوج الحق أبدا في هتك جسد المرأة وفرض ممارسة جنسية عليها بدون رضاها حتى و إن كان أبا لثلة من أطفالهما٫ وكونه يمتلك عقد زواج هذا لا يعني أنه يمتلكها ويمتلك جسدا يفعل به ما يشاء متى أراد ويهملها متى وحيثما اختار، فجسد الإنسان ليس كومة لحم وعظم بدون أحاسيس، بل هو عبارة عن مشاعر وأحاسيس ودماغ يلتقط كل إشارات الحياة اليومية بإيجابياتها وسلبياتها ويجعل كل مكونات الجسد تتفاعل مع بعضها البعض وتجعل منا إنسانا سويا أو مضطربا بسبب ما نعيشه من فرح، عنف، ارتياح، حب أو كراهية لما نتعرض له، ولمن يعرضنا لكل ما نعيشه، لذا فإن مجتمعا يعمل جاهدا على وضع قوانين تقوم على العدالة لكل مكوناته نساءا ورجالا، ولديه قضاء نزيه يسهر على تطبيق وتفعيل تلك القوانين، أو الإجتهاد لتطبيق العدالة، يحمي نساءه من ضغوطات العنف بكل أشكاله يحترمهن ويحترم نفسه، حاضره ومستقبله ويسير بخطى حثيثة نحو التقدم والتطور لأن أولائك النساء اللواتي نحميهن هن مكون أساسي لبناء المجتمع وسيره بخطى رزينة وثابتة في اتجاه المستقبل الذي يمكن أن نتبوأ فيه المراتب الأفض٫ لأننا نضمن لهن حياة متوازنة وبذلك نضمن فعلهن الإيجابي لصالح أطفالهن وبلدهن٫ فتحية لقضاة طنجة الذين سهروا على أن يبحثوا في حكمهم على العدالة ولا شئ غير العدالة، وأتمنى أن يحذو حذوهم الباقون على  امتداد التراب الوطني دون خوف أو تردد من ردود الأفعال، أو مما يمكن أن يقال عنهم أو يتهمون به لأن التاريخ علمنا أن قافلة التغيير تسير بإصرار منقطع النظير، وبثبات...

رئيسة مؤسسة "يطو" لإيواء وإعادة تأهيل النساء ضحايا العنف