أشتغل (في مغامرة بحثية) منذ 18 سنة على فكرة مجنونة لتتبع قصة المطر بالمغرب، لا أزال فيها في مرحلة التجميع والتدوين للمعلومات والأرقام، في انتظار التحليل والقراءة والخلاصات (إذا أطال الله العمر) بعد إتمام 20 سنة من المتابعة والتدوين..
كنت وضعت لنفسي منذ البداية سقف سنة 2027 حين شرعت في التدوين في خريف 2007.
قلت حينها أنه لابد من مادة اشتغال ممتدة في الزمن تراكمية تسمح بالوصول إلى خلاصات مقارنة موثوقة ومفيدة.. وها أنا لا أزال في خضم هذه المغامرة البحثية المجنونة..
كنت نشرت مقالات مقارنة استنادا على ما تراكم لدي من أرقام ومعلومات ضمن هذا التدوين، حين كنت لا أزال صحفيا ممارسا بيومية "الإتحاد الإشتراكي" المغربية، وكم سعدت أن أكتشف أن ضابطا ساميا للأمن مغربي تفاعل مع ما نشرته حينها هو المرحوم عبد الرحيم بوعسرية (الذي كان يشتغل على شئ مشابه). كان سي بوعسرية شاعرا زجالا مبدعا ينشر باسم مستعار هو "رضا أبوشادي" (رضا وشادي هما ابناه اللذين كم كان يتمنى لو أمهله المرض ليفرح بنجاحهما في مشوارهما الدراسي).
ليلة البارحة مع المطر الغزير بل الغزير جدا الذي هطل على الدارالبيضاء بليل في الثانية صباحا، وجدتني أعود إلى مخطوط مشروع كتابي "كتاب المطر" لأنبش في المقارنات بين المواسم والفصول والسنوات، ووجدت أن شهر دجنبر تكاد سيرة المطر تتشابه فيه حين تكون السنة مطيرة غير جافة.. بل إنه حين لا يهطل المطر في هذا الشهر فهو اليقين أن السنة سنة جفاف مثلما حدث خلال السنوات السبع الأخيرة الماضية التي تشبه جفاف نهاية الثمانينات في القرن 19 الذي دام تسع سنوات حتى قبل جفاف بداية الثمانينات الذي دام أربع سنوات في القرن 20 الذي تعرفه ذاكرة الأجيال المغربية الجديدة اليوم.
ما يثير الضحك أحيانا في داخلي بعض التفاصيل الحياتية اليومية التي كنت أدونها عن قصد ضمن هذه المغامرة التدوينية المجنونة. التفاصيل التي نسيتها تماما والتي يذكرني بها ما اقترفته من كتابة ضمن هذا المخطوط.. وهي التفاصيل التي تصلح مادة قائمة الذات لوحدها..
إن صَدَقَ وَعْدُ المقارنات فإن هذا الموسم لربما يشكل مقدمة لدورة سنة مطيرة ولربما لبداية دورة مواسم ماطرة قادمة إن شاء الله تخرجنا وتحررنا مغربيا من دورة مواسم جفاف عجاف طويلة..
كانت تلك السنوات العجاف في القرون الماضية سببا لدورات من المجاعة والأمراض والأوبئة بالمغرب تشكل مقدمة لتوترات سياسية وأمنية خطيرة..

