الجمعة 29 مارس 2024
سياسة

بلغزال يقرأ محادثات جنيف حول الصحراء، وتشكيلة وفدي المغرب والبوليساريو

بلغزال يقرأ محادثات جنيف حول الصحراء، وتشكيلة وفدي المغرب والبوليساريو عبد المجيد بلغزال
اعتبر عبد المجيد بلغزال، الباحث في الشؤون الصحراوية، أن لقاء جنيف المنعقد اليوم وغدا 5و6 دجنبر 2018، هو حلقة من المحادثات المؤسسة، التي تستهدف جر أطراف النزاع إلى السيناريوهات المفترضة، فقد جاء في اعتبارات القرار 2440 ما يلي: "وإذ يرحب بقرار المبعوث الشخصي عقد اجتماع مائدة مستديرة أول في جنيف لتقييم التطورات الأخيرة، ومعالجة المسائل الإقليمية ومناقشة الخطوات التالية في العملية السياسية المتعلقة بالصحراء الغربية"، فهذه الفقرة واضحة وحدية، على مستوى الشكل، فهي تتحدث عن "محادثات" وعلى شكل "مائدة مستديرة"، وتحدد جدول أعمال أولي.
الجزائر طرف في قضية الصحراء
وأضاف بلغزال في حوار مطول مع أسبوعية "الوطن الآن" ضمن عددها الحالي، أن هذا الوضوح بشأن "المحادثات المرتقبة" والذي تتخذ منه المملكة المغربية مشروعية المشاركة، في ملتقى جنيف سرعان ما يدخل في غموض والتباس، يعزز شرعية طرح البوليساريو جاء في اعتبارات القرار ما يلي: "وإذ يشدد على أهمية التزام الطرفين بمواصلة عملية المفاوضات عن طريق المحادثات التي ترعاها الأمم المتحدة"، فهذا الشاهد يعتبر "جولة المحادثات" طريقا وشكلا للتفاوض.
وحول سؤال مشاركة الجزائر في محادثات جنيف الجارية، أكد الباحث في الشؤون الصحراوية، أن هناك تباينا كبيرا في صفة ومركز مشاركة الجزائر، فالإعلام الرسمي المغربي يتحدث عن كون الجزائر ستشارك بصفتها طرفا في النزاع، ويعتبر الوضعية انتصارا لتمسك المغرب بإطار مرجعي واضح، يعتبر الجزائر طرفا أساسيا في النزاع، بينما تذهب الجزائر على لسان وزير خارجيتها إلى اعتبار مشاركتها، طرفا ملاحظا وبلدا جارا.. وأمام غياب نص صريح وقطعي يخضع تباين المواقف لمساحات التأويل التي تسمح بها قرارات مجلس الأمن، وقبل أن نعود لاستبيان هذه الوضعية انطلاقا من القرار 2440 لابد من التذكير بأن الأمم المتحدة سبق لها أن تعاطت بنص صريح مع الجزائر باعتبارها طرفا في النزاع، كما هو وارد في الوثيقة S/2001/613 عملا بالقرار 1349 فقد جاء في سياق تقرير الأمين العالم للأمم المتحدة بمناسبة الجدل الذي أثير حول "الاتفاق الإطار بشأن مركز الصحراء الغربية في الفقرة 54 ما يلي: "لذلك يحذوني الأمل، أنا ومبعوثي الشخصي بأن توافق كل من المغرب وجبهة البوليساريو والجزائر وموريتانيا على الاجتماع بصفتها أطرافا.. وإني أدعو بشكل خاص الجزائر، التي أبدت لمبعوثي الخاص رغبتها في تقديم "جميع الإيضاحات، التي قد تدعو الحاجة إليها"، بشأن بعض أوجه الضعف والخلل التي تراها في الاتفاق الإطاري المقترح والمشاركة في هذه المحادثات بصفتها طرفا".
للمرأة والشباب دور في بناء الثقة
وحول سؤال قراءته لتشكيلة الوفدين، المغرب والبوليساريو، والحضور النسوي لأول مرة في المحادثات، أكد بلغزال في الحوار المنشور بجريدة "الوطن الآن"، أن مشاركة النساء، هي استجابة طبيعية لمضمون القرار 2440 الذي أكد على مشاركة النساء والشباب في هذه المحادثات، فقد جاء في اعتبارات القرار "وإذ يشجع على أن تشارك المرأة مشاركة كاملة وفعالة وهادفة، وأن يشارك الشباب مشاركة نشطة وبناءة في هذه المحادثات".
ومعلوم أن تشديد مجلس الأمن على مشاركة المرأة والشباب يأتي انطلاقا من الانسجام الذي تتطلبه نسقية الشرعية الدولية من جهة، ومن جهة ثانية، رغبة في إحداث الاختراق وبناء الثقة عبر مدخل النساء والشباب باعتبارهما الفئات الأكثر تضررا ومعاناة من استمرار النزاع، وبالتالي فالمنتظم الدولي يفترض أن هذه الفئة ربما تكون الأكثر واقعية والأكثر استحضارا لكلفة النزاع وكلفة اللامغرب.. لكن المؤسف أن هذا الرهان وهذا الفهم لا يمكن أن يتحقق في البنيات المغلقة، التي تكون فيها المرأة والشباب مجرد سعاة بريد أو أدوات تنفيذ وإخراج مسرحيات تجهز في غرف مظلمة..
رئيس وفد البوليساريو، متحكم فيه
وفيما يخص تشكيلة الوفدين، قال بلغزال، أن الملاحظة الأساسية بالنسبة لوفد البوليساريو، يمكن إجمالها في ما يلي:
- حرص الجبهة دائما على إسناد رئاسة الوفد لشخص يفتقر لإسناد اجتماعي قبلي، الشيء الذي يجعله حريصا على الانصياع التام للتوجيهات والإملاءات للحفاظ على الإسناد والولاء للجهة المتحكمة في القرار .
- اختيار فاطمة المهدي "المرأة الحديدية" كما يقال والتي راكمت تجربة على مستوى لجان وهيئات الاتحاد الإفريقي، يستهدف، من جهة الاستفادة من تجربتها الإفريقية لإحداث بعض الاختراقات، ومن جهة ثانية يسعى لتوجيه رسائل مشفرة للداخل خاصة مكون البيهات (الرقيبات الشرق) علما أن هذا المكون الذي يشكل احتياطا قبليا كبيرا كان ولا زال يستشعر نوعا من الإهمال والتبخيس على مستوى الهياكل القيادية لجبهة البوليساريو.
أما بالنسبة لتشكيلة الوفد المغربي، فأعتقد أنها كانت منتظرة من خلال الرهان على التمثيل الديمقراطي للساكنة من خلال رئيسي جهتي الداخلة واد الذهب والعيون الساقية الحمراء، والملاحظ أن هذه التمثيلية تستجيب من جهة لمطلب مشاركة الشباب والنساء، وتؤشر على أهمية التمثيل الديمقراطي كقيمة إنسانية مشتركة مقابل التمثيل العسكري الذي تفرضه جبهة البوليساريو كخيار عسكري مسلح.
بطبيعة الحال فإن هذه التمثيلية المسنودة بالقيم الكونية للديمقراطية، كانت ستكون أكثر فاعلية ونجاعة في ظل أوضاع ديمقراطية مفتوحة بشكل أكبر على قيم ومبادئ التمثيل الشعبي...
أيضا يمكن تسجيل أن الوفد المغربي لأول مرة سيحضر في غياب مدير الدراسات والمستندات، وأعتقد أن لهذا الغياب أكثر من رسالة لعل أبرزها توجس المملكة المغربية من طبيعة المحادثات.
التقارب المغربي الجزائري هو المدخل
وحول سؤال آفاق هذه المحادثات، أجاب بلغزال:"لا أعتقد أن "كولر" يمتلك العصا السحرية لإحداث تحول أو اختراق في الجولة الأولى من محادثات جنيف، لكني وانطلاقا من قواعد تحويل النزاع الواردة في القرار 2440 وبالنظر إلى التحول الهائل في مجال النمو والتكامل الاقتصادي الذي يمكن أن يحدثه الرهان على الفضاء المغاربي، وانطلاقا من قراءة مسؤولة وشجاعة للراهن السياسي، وما يشوبه من تحول تدريجي لإفريقيا، كمركز للاستقطاب السياسي والاقتصادي، وبالنظر إلى التحديات الجيوسياسية المرتبطة بما يسمى صفقة القرن وما يترتب عنها من مخططات استعمارية جديدة، تهدف عزل المغرب الإسلامي، ولو مؤقتا على الشرق الأوسط، وتلافيا لكل أشكال الابتزاز السياسي التي يمكن أن تتعرض لها الجزائر والمغرب، من اجل استنزاف مقدراتهما والتحكم في قرارهما السياسي، لكل هذه الأسباب وغيرها، أعتقد أن الرباط والجزائر أصبحا مطالبين أكثر من أي وقت مضى، وعبر الآليات الديبلوماسية المتاحة، إطلاق حوار مباشر ومسؤول لتحرير القرار والإرادة المغاربية".