الاثنين 25 نوفمبر 2024
جالية

ديبلوماسيون وباحثون مغاربة يرصدون قضايا "الإعلام والهجرة" بجامعة فيرونا الإيطالية

ديبلوماسيون وباحثون مغاربة يرصدون قضايا "الإعلام والهجرة" بجامعة فيرونا الإيطالية مشاركون في اليوم الدراسي العلمي حول "الإعلام والهجرة"

تجسيدا لسياسة التواصل مع محيطها المجتمعي، وإسهاما منها في الانفتاح على الفعل الثقافي وقضايا الجالية المغربية بإيطاليا، نظمت القنصليـة العامة للمملكة المغربية بفيرونا الإيطالية، بشراكة مع جامعة "فيرونا"، ندوة علمية، يوم 20 نونبر 2018، حول موضوع "الإعلام والهجرة" برحاب جامعة فيرونا وتحديدا بكلية الآداب والعلوم الإنسانية.

هذا اللقاء العلمي، الذي تحقق على أرض الواقع بمبادرة ومجهود شخصي لـ "محمد وعيد" رئيس "المصلحة الثقافية" بالقنصلية العامة بفيرونا والباحث في قضايا "الإعلام والهجرة" بجامعة بن زهر بأكادير، يكتسي أهمية بالغة من منطلق أن إيطاليا تبقى من بين الدول التي تعرف تواجدا مهما لعدد من الجاليات الأجنبية ومن ضمنها الجالية المغربية، وهي جاليات حاملة لقضايا متعددة المستويات مرتبطة بالاندماج، لابد أن تحضر في صلب اهتمام وسائل الإعلام بمختلف أنواعها، سواء في أبعادها الإيجابية (تميز، نجاحات..) أو السلبية (معاناة، انحراف، فشل، إخفاقات...). حتى يتسنى نقل صورة واقعها إلى الرأي العام المحلي، وتحديدا إلى الفاعلين السياسيين والاقتصاديين والاجتماعيين، لدفع السلطات المختصة إلى بلورة تشريعات و تنزيل برامج في خدمة الجاليات ومتفاعلة إيجابا مع اهتماماتها وانتظاراتها.

وحضر هذا اللقاء العلمي كل من القنصل العام للمملكة المغربية بفيرونا الإيطالية "أمينة سلمان"، ورئيس جامعة فيرونا "نيكولا سارطور"، ومدير الدراسات الثقافية بجامعة فيرونا ومسير الندوة بنفس الجامعة "أكوستينو بورطيرا"، و''ماركا ميلاني" أستاذة الدراسات الثقافية والتواصل بنفس الجامعة، و"عبد السلام الفزازي" أستاذ جامعي بكلية الآداب والعلوم الإنسانية (جامعة بن زهر بأكادير) متخصص في الأدب المقارن، والطالب الباحث بسلك الدكتوراه بجامعة بن زهر "عبد الحميد جمور، والأستاذة المحامية "كوثر بدران"، وكذا ثلة من الأساتذة والطلبة الإيطاليين والطلبة المغاربة من الجيلين الثاني والثالث.

استهل هذا اللقاء العلمي بمداخلة للقنصل العام للمملكة بمدينة فيرونا الإيطالية "أمينة سلمان"، رحبت في بدايتها بكل من رئيس جامعة فيرونا ومدير الدراسات الثقافية بها، و"محمد وعيد " المكلف بالمصلحة الاجتماعية بالقنصلية العامة والباحث في مجال الهجرة والإعلام، كما توجهت بكلمة ترحيبية لـ "عبدالسلام الفزازي" الأستاذ الجامعي بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة بن زهر بأكادير ومرافقه الطالب الباحث بسلك الدكتوراه "عبدالحميد جموري"، وقد طالت كلمات الترحيب الحاضرين من أساتذة جامعيين إيطاليين وطلبة.

وعقب ذلك، أشارت المتدخلة "أمينة سلمان" إلى أن القنصلية العامة للمملكة بفيرونا تدعم مثل هذه التظاهرات العلمية وتسعى جاهدة لإخراجها إلى حيز الوجود، مطالبة الطلبة المغاربة بمتابعة دراساتهم العليا بالجامعات الإيطالية، من أجل اندماج سريع وفعال في المجتمع الإيطالي. وارتباطا بموضوع الندوة العلمية، أوضحت السيدة القنصل العام أن المغرب تبنى منذ سنوات سياسة ناجعة في مجال الهجرة، مكنت من تسوية الأوضاع القانونية لعدد من المهاجرين المنتسبين لبلدان إفريقيا جنوب الصحراء؛ مؤكدة في هذا الصدد أن المغرب لم يعد فقط بلدا مصدرا للهجرة، بل أضحى بحكم موقعه الاستراتيجي وآفاقه الاقتصادية الواعدة بلدا مستقبلا لها ومتفاعلا معها. وقد استغلت "أمينة سلمان" هذه المناسبة العلمية، لتوجه الخطاب إلى المهاجرين المغاربة، طالبة منهم الحرص على احترام قانون البلد المضيف والإسهام في إغناء وإثراء التنوع الثقافي واللغوي للبلد المستقبل، معلنة أن القنصلية العامة سوف تعمل على تنظيم لقاء بمقر القنصلية العامة مع طلبة المهجر، تجسيدا لسياسة التواصل والانفتاح والقرب من قضايا واهتمامات الجالية المغربية بإيطاليا؛ مؤكدة في ذات السياق أن المهاجر المغربي لابد أن يكون خير سفير لبلده في الخارج؛ ومتمنية في ختام مداخلتها القيمة، أن تحقق الندوة العلمية ما رسم لها من أهداف ومقاصد. مقرة بأن التعليم هو قناة لا محيد عنها لتحقيق اندماج ناجع وفعال للجاليات في المجتمع الإيطالي.

وتناول الكلمة الأستاذ "محمد وعيد"، لامس من خلالها بعض القضايا من قبيل: أهمية الشراكات بين الجامعات الإيطالية والمغربية وقيمة "التعليم" في تحقيق الاندماج بالبلدان المستقبلة، وربط أبناء الجالية بوطنهم الأم، بالإضافة إلى إثارته للعلاقة التفاعلية بين الهجرة والإعلام.

عقب ذلك، توالت -تباعا- مداخلات المشاركين في هذه الندوة العلمية، منها مداخلة مدير الدراسات الثقافية بجامعة فيرونا الإيطالية، سلط من خلالها الأضواء على كثير من القضايا الشائكة ذات الصلة بالاندماج، مؤكدا على ضرورة التعايش بين مكونات المجتمع الإيطالي المتعدد الأعراق والثقافات دون تمييز أو إقصاء بسبب اللون أو الجنس أو الدين أو اللغة؛ مشددا على عدم اتخاد أحكام قيمة عن المهاجرين. وقد بسط ذات المتدخل عددا من الأمثلة ذات الصلة بالتنوع الثقافي، حرص عبرها على إبراز أهمية التواصل والتعايش والحوار سواء بين الديانات أو بين الأشخاص، لما لذلك من تأثيرات إيجابية في إغناء التنوع الثقافي للمجتمع الإيطالي.

أما "عبد السلام الفزازي"، الأستاذ الجامعي بجامعة بن زهر بأكادير، فقد تطرق من خلال مداخلته إلى جملة من القضايا ذات الصلة بالهجرة، من قبيل: "صورة المهاجر في الإعلام الغربي" و"الإسلاموفوبيا" و"الخصائص الثقافية والروحية للمهاجر". في حين تمحورت مداخلة الطالب الباحث "عبد الحميد جمور" حول الهجرة بالمغرب ذات الصلة بالمهاجرين القادمين من بلدان الساحل والصحراء، عزز من خلالها وجهات نظره بجرد لآخر المعطيات الإحصائية ذات الصلة. وختم تدخله متطرقا بإسهاب إلى بعض العوامل المتحكمة في معضلة الهجرة القادمة إلى المغرب من إفريقيا جنوب الصحراء، ولخصها في الفقر والنزاعات المسلحة والأزمات السياسية وانعدام شروط التنمية والأمن والاستقرار.

من جانبها تطرقت الأستاذة "مارطا ميلاني"، بإسهاب، إلى عدة قضايا تلامس الهجرة والمهاجرين، ترجمتها كلمة "التعايش" التي تقصي كل مفردات الكراهية والعنصرية والعنف والإقصاء، وتؤسس لرؤية متبصرة مبنية على قيم التعاون والتشارك وتبادل وجهات النظر والتجارب الإنسانية بين الإيطاليين والجاليات المختلفة المقيمة بإيطاليا، من أجل تواصل أفضل في مجتمع إيطالي متعدد الثقافات والأعراق.

وبما أن وجهات النظر الأكاديمية لا يمكنها الإحاطة بقضايا الهجرة واللجوء، دون استحضار بعض تجارب الهجرة الناجحة ببلدان الاستقبال،  فقد كان من الضروري أن تحمل الندوة مداخلة تعكس الهجرة في أبعادها الناجحة والمتميزة، وهو ما ترجمه حضور "كوثر بدران" (محامية) من الجيل الثاني، التي تقاسمت مع الحاضرين تجربة حياتها وتألقها وتميزها في المجتمع الإيطالي، بعدما شقت طريقها بنجاح في الدراسات القانونية، مؤكدة بما لا يدع مجالا للشك، أن الاندماج الحقيقي لابد أن يمر من بوابة التعليم الناجع والفعال، مع الإشارة أنها أخذت على عاتقها مهمة ترجمة المداخلات من الفرنسية إلى الإيطالية، في وقت تولى فيه الأستاذ "محمد وعيد" عملية ترجمة مداخلات الأساتذة الإيطاليين إلى العربية.

- أهداف الندوة العلمية:

تحكمت في هذه الندوة العلمية أهداف متعددة المستويات، منها تكريس تواصل وانفتاح القنصلية العامة للمملكة بفيرونا على محيطها المجتمعي وواقعها الثقافي، معززة بذلك الحضور الديبوماسي المغربي بإيطاليا، ومقاربة موضوع الهجرة والإعلام في بلد أوربي تتعايش فيه جاليات عديدة ومن ضمنها الجالية المغربية، التي تستدعي مواكبتها وتتبعها على المستوى الإعلامي خاصة فيما يتعلق بالتجارب الناجحة التي حققها بعض المهاجرين المغاربة بالمهجر (كوثر بدران نموذجا) والتي من شأنها أن تشكل "القدوة" و"النموذج" بالنسبة للجالية المغربية عبر العالم، خاصة الأجيال التي ولدت بالمهجر، كما أن هذه الندوة العلمية تحكمت فيها الرغبة في تحقيق نوع من التقارب الثقافي بين الجامعات الإيطالية والجامعات المغربية عموما، وبين جامعة "فيرونا" وجامعة" ابن زهر" بأكادير على وجه الخصوص.

- شراكة مرتقبة بين "جامعة فيرونا" وجامعة "بن زهر" بأكادير:

استثمارا لهذه الندوة العلمية، فقد تفضل "محمد وعيد" رئيس المصلحة الثقافية بالقنصلية العامة للمملكة بفيرونا والطالب الباحث بماستر "التحرير الصحفي والتنوع الإعلامي" بجامعة بن زهر بأكادير، (تفضل) بعرض فكرة خلق "شراكة" ثقافية متعددة المستويات بين جامعتي "فيرونا" الإيطالية وجامعة "بن زهر" المغربية، وقد لقيت الفكرة ترحيبا من جانب "مدير الدراسات الثقافية" بالجامعة الإيطالية وترحيبا مماثلا من قبل الأستاذ "عبدالسلام  الفزازي" بصفته ممثلا لجامعة "بن زهر" بأكادير، في انتظار عرض المشروع على الجهات الرسمية من أجل دراسته وتحديد أهدافه ومجالاته، قبل توقيع عقد الشراكة بين الجامعتين.

وفي أعقاب هذه الندوة العلمية، تم تكريم الأستاذ "عبد السلام الفزازي" من قبل كل من القنصلية العامة للمملكة المغربية بفيرونا ممثلة في "محمد وعيد" رئيس "المصلحة الثقافية" بذات القنصلية، و"مدير الدراسات الثقافية" بجامعة "فيرونا"؛ وفي تكريمه تكريم للأستاذ المغربي والجامعة المغربية.

- كاتب رأي، أستاذ التاريخ والجغرافيا، باحث في القانون، ومهتم بقضايا التربية والتكوين