الخميس 28 مارس 2024
اقتصاد

تناقض القرارات الإدارية في نازلة مديرية الضرائب.. تمديد الخدمة بين القبول والرفض

تناقض القرارات الإدارية في نازلة مديرية الضرائب.. تمديد الخدمة بين القبول والرفض نور الدين بنسودة الخازن العام للمملكة

بغض النظر عن اشكالية الصلاحيات سواء المتعلقة بمؤسسة رئيس الحكومة أو الصلاحيات في مجالات أخرى ذات الاخصاص التي ترتبط جوهريا بتفعيل مضمون دستور 2011، هناك ضرورة لإعادة النظر في قوانين الوظيفة العمومية والقانون الإداري لتحديد سلطة المسؤولين السامين علاقة ببعض الموظفين السامين التابعين لهم الذين يمتنعون عن تنفيذ القرارات الحكومية بدعوى الخضوع لمسطرة الإجراءات. وفي هذا السياق المنهجي لتدبير الشأن الإداري يطرح سؤال هل تعتبر قرارات رئيس الحكومة غير ملزمة بالنسبة لبعض الموظفين العموميين نظرا لوجود تضارب بينها وبين القوانين الإدارية المعمول بها؟ وفي حالة التزام الدولة مع موظفين في أسلاك الإدارة لتمديد مدة الخدمة نظرا للضرورة الإدارية الملحة، هل هناك استثناءات قانونية يجب تنفيذها خصوصا حين تكون القرارات صادرة عن رئيس الحكومة؟

مناسبة هذا الحديث هو نازلة المدراء الثلاثة في مديرية الضرائب الذين تم تمديد خدمتهم في الوظيفة العمومية بعد إحالتهم على التقاعد ورفض مدير الخزينة العامة الرضوخ لقرار مكتوب من رئيس الحكومة يحثه فيه على القيام بتسوية الوضعية المالية لهؤلاء المدراء الجهويين للضريبة الذين تم الاحتفاظ بهم في الخدمة نظرا للضرورة الإدارية nécessité administrative.

لقد كان قرار رئيس الحكومة واضحا؛ تمديد الخدمة بالنسبة لهؤلاء الأطر لأنها ضرورية ومفيدة بالنسبة للمصلحة العامة، والإجراء في حد ذاته لا يكتسي أي طابع سياسي، نظرا لوضعية المعنيين بالأمر وخلوهم من أي انتماء حزبي أو سياسي، بل كان التحفيز على بقاء هؤلاء المديرين في مناصبهم نظرا لاستقامتهم ونزاهتهم وسيرتهم في العمل ومستوى أدائهم مهنيا ووظيفيا وإنتاجيتهم في المناصب التي اشتغلوا بها عدة سنوات. ومع ذلك فقد اعتبر الخازن العام أن هذا الإجراء غير قانوني، ورفض قرار رئيس الحكومة بإعادة إدماج هؤلاء كموظفين عموميين في مديرية الضرائب، ورفض أيضا الإفراج عن رواتبهم الشهرية كونهم تقاعدوا رسميا من وجهة نظره ولا يستحقون أكثر من معاشاتهم الشهرية.

رئيس الحكومة نظرا للحساسية التي يكتسيها الموضوع كاتب الخازن بأمر حكومي لتطبيق القانون في حدوده الفعلية دون اجتهاد، والإفراج عن رواتب الموظفين المعنيين، لكن الخازن العام كان متشبثا برأيه حول اعتبار المعنيين بالأمر متقاعدين من الخدمة ويستحقون معاشاتهم فقط، في حين لم يتم الحسم في الموضوع إلى أي جهة، سواء تسليمهم رواتبهم المستحقة أو تسوية وضعيتهم المادية كمتقاعدين... فبقي الموظفون الثلاثة في وضعية غير مسبوقة إداريا وجد استثنائية.

هذا الوضع كان من نتائجه حرمان المعنيين بالأمر من رواتبهم الشهرية مدة سنة تقريبا، مما أجبر المتضررين اللجوء إلى المحكمة الإدارية التي حكمت برفض الطلب، وبقيت وضعية المعنيين بالأمر تتراوح بين كونهم موظفين عموميين نشطين يشتغلون بشكل عادي طبقا للقرارات الصادرة في شأنهم من قبل وزير المالية ورئيس الحكومة، ولكن بدون مرتبات طبقا لقرار الخازن العام الذي اعتبرهم تقاعدوا رسميا من الخدمة ضدا على قرار رئيس الحكومة الذي ألح على إعادة إدماجهم في سلك الموظفين العاديين عن طريق التمديد للضرورة الإدارية؟

بين قرار رئيس الحكومة في الإدماج وتشبث الخازن العام في الرفض؛ بقيت وضعية ثلاثة مدراء جهويين للضريبة معلقة بين القانون الإداري والقضاء، وبقي الموظفون الثلاثة بدون رواتب حتى الآن.