الجمعة 29 مارس 2024
مجتمع

منتصر حمادة :هذه خلاصات تقرير حول حالة الدين والتديّن في المغرب 

منتصر حمادة :هذه خلاصات تقرير حول حالة الدين والتديّن في المغرب  منتصر حمادة
أصدر مركز المغرب الأقصى للدراسات والأبحاث، تقريرا حول حالة الدين والتدين في المغرب 2015/2017. في هذا الإطار اتصلت "أنفاس بريس" بمنتصر حمادة،  منسق ومحرر هذا العمل، فوافاها  بمضمون  التقرير  من جهة،  وبرأيه بخصوص، هذا  التقرير من جهة ثانية:
ا-على مستوى مضمون التقرير  :
لم تختلف منهجية إعداد النسخة الثانية من تقرير الحالة الدينية بالمغرب، مقارنة مع النسخة الأولى، والتي صدرت في منتصف 2015، مع إضافة همّت عنوان التقرير ومضامينه، ونوجزها في ثلاث إضافات:
1 ــ أما بالنسبة للعنوان، فكان حرياً مساعدة المتلقي على مزيد من التدقيق في هذه الفوضى المفاهيمية المرتبطة بالحقل الديني، وعوض الحديث عن الحالة الدينية، أو الحقل الديني أو المجال الديني.. إلخ، ارتأينا الحديث عن حالة الدين والتدين، من باب مساعدة المتلقي على الفصل بين سمو الدين، ونسبية أنماط التديّن، وهذه مهمة علمية أصبحت ضرورية اليوم.
2 ــ وأما المضامين، فكان ضرورياً مواكبة بعض عديد تحولات تمر منها المنطقة بشكل العام، ومنها المغرب، ومنه دلالات تسليط الأضواء الغربية على الخصوص، ونقصد بذلك ارتفاع أصوات بعض الأقليات الدينية، رغم أنه لا زالت "أقلية الأقلية" ومتواضعة الحضور الكمي والنوعي، ولكن مقتضى المواكبة البحثية يقتضي التوقف عند هذه الظواهر الجنينية، ولذلك، يتضمن التضمين محوراً حول ما اصطلحنا عليه بـ"تديّن الهامش"، وهناك محور آخر يتطرق لظاهرة اللادينيين في المغرب.
3 ــ تهم الإضافة الثالثة، الاقتراب أكثر من مقام الاستشراف، وجاء ذلك في المحور الأخير للتقرير، والمخصص للخلاصات، على هامش طرق باب التقييم والتقويم، وسبق أن أشرنا في الأرضية المنهجية للإصدار الأول إلى أن هذا الأخير، يروم التقرير أن يكون نواة تقرير استراتيجي خاص بالحالة الدينية، ومعلوم أن أهم محطات إعداد التقارير الاستراتيجية، تمر عبر محطات أربع: تجميع المعلومات، التحليل، التركيب ثم الاستشراف، وهذه محطات أربع من المفترض أن تتطرق لأهم معالم الخريطة الدينية في الساحة المغربية، ولذلك، يأتي الإصدار الثاني، في سياق الاقتراب أكثر من مقام التقرير الاستراتيجي الخاص بالحقل الديني،بمقتضى غياب هذا النوع الفريد من التقارير في المجال التداولي الإقليمي.
ويأتي هذا التقرير الأول لمركز المغرب الأقصى للدراسات والأبحاث، في سياق التفاعل النظري مع المستجدات الدينية التي طرأت على أنماط التديّن في المجال التداولي المغربي.
هناك مجموعة من الأهداف المرجوة من إصدار هذا التقرير، قد يجمع بينها المساهمة في الإجابة على الأسئلة التالية:
ـ ما هي أبرز معالم التديّن السائدة في الساحة المغربية اليوم؟ وما هي أبرز التوجهات الدينية لمغاربة اليوم؟
ـ هل ثمة متغيرات جلية وملموسة بين تديّن المغاربة في الأمس القريب (بُعيد حقبة حصول المغرب على الاستقلال) وبين تديّن اليوم؟
ـ كيف نفهم حركية التديّن بالمغرب اليوم بالنظر إلى طبية التحولات الاجتماعية والقيمية التي تعرفها الساحة، محلياً وإقليمياً على الخصوص.
ـ من منطلق أن المجتمع المغربي يوجد اليوم تحت ضغط التأثيرات القويّة للعولمة، (بسبب الانفتاح على العالم، ثورة وسائل الإعلام والاتصال، حركيّة الأفراد والأفكار..)، ما هي أهم آثار وتجليات هذه التحولات على تديّن المغاربة؟
ـ كيف تتفاعل الدولة ومعها التيارات الدينية البارزة، مع تدبير والتفاعل مع الشأن الديني للمغاربة؟
ـ ما هي أهم التحديات الميدانية التي تواجه وتتفاعل معها معالم التديّن في الساحة المغربية، سواء تعلق الأمر بتحديات عقدية أو مذهبية أو فكرانية/ إيديولوجية، محلية أو إقليمية أو عالمية؟
ـ ما هي معالم تفاعل من يهمهم أمر تدبير الشأن الديني (من مؤسسات رسمية وتيارات دينية، سلفية وصوفية..) مع التحديات التي تواجه التديّن المغربي؟
ـ ما هو موقع الدين في سياسات الدولة المغربية، وما هي معالم أداء المؤسسات الدينية التي أحدثتها الدولة من أجل صيانة "التديّن المحلي"، تفاعلاً مع إكراهات الساحة، الثقافية والدينية، المحلية والخارجية؟
ارتأينا في النسخة الأولى من التقرير الاشتغال بشكل قطاعي، عبر تخصيص كل محور لأداء أحد الفاعلين سالف ذكرهم، ولا زلنا على الخيار نفسه، على أمل الانتقال إلى مقام آخر من التناول.
وهنا، نشير إلى أن هذه التجربة هي الثانية بالنسبة لمُحرّري محاور هذا التقرير، ومعظمهم من شباب الباحثين في العلوم السياسية وعلم الاجتماع الديني، وبالتالي فمساهماتهم لا تخلو من عثرات، مع التنويه إلى أن هذه المساهمات، اجتهدت على قدر المستطاع في تحري أكبر قدر من الموضوعية وأخذ مسافة أكبر من التحيز.
مركز المغرب الأقصى للدراسات والأبحاث.
 2-اما على مستوى الرأي في صدور تقرير حالة الدين والتديّن في المغرب: 2015-2017  ان التقرير مساهمة نظرية في متابعة مستجدات الحقل الديني أو المجال الديني في الساحة المغربية، بمعنى أنه يتطرق لأداء جميع أو أغلب الفاعلين في هذا المجال، سواء تعلق الأمر بالفاعلين الرسميين، أو الفاعلين الجمعوين، وباقي أنماط التديّن، لذلك سنجد مثلاً، محوراً عن أداء مؤسسة إمارة المؤمنين، وأداء باقي المؤسسات الدينية، ومحوراً عن أداء الفاعلين الإسلاميين، من التيار الإخواني والسلفي، وكذلك محوراً عن أداء الطرق الصوفية، أو الظاهرة الشيعية في المغرب التي لا زالت في حالة جنينية، بل تطرق التقرير أيضاً إلى ظاهرة اللادينين المغاربة، وما اصطلحنا عليه بأداء تديّن الهامش، أو واقع التدين اليهودي في المغرب، مع أداء الطائفة اليهودية المتجذرة تاريخياً، كما توقفنا عند معالم التديّن عند الشباب المغربي، وأداء السياسات العمومية المغربية في التديّن مع تديّن الجالية المغربية المقيمة في الخارج.
وبمقتضى الخلط الكبير بين الدين والتديّن، وهو الخلط الذي نجده لدى الفكرانيات/ الإيديولوجيات الإسلامية الحركية وحتى الحداثية وغيرها من المرجعيات، كان لزاماً افتتاح التقرير بأرضية نظرية توضح الفوارق بين المفهومين.
ميزة التقرير أنه يأخذ مسافة من التقايرير البحثية الصادرة عن المؤسسات الدينية أو عن الحركات الإسلامية، على غرار تقرير تقرير الحالة الدينية في المغرب الذي يصدر مثلاً عن المراكز الإسلامية الحركية أو الحداثية أو غيرها، على قلتها، كما يأخذ مسافة من التقارير الصادرة عن المؤسسات الدينية، وبالتالي، نحتفظ بمسافة نظرية، تخول لنا ممارسة التقييم والتقويم، في معرض التعامل مع هذه التقارير، ومن يطلع على مضامين التقرير سوف يتأكد من ذلك، بل نزعم أن التقرير يتضمن العديد من المفاتيح النظرية الغائبة أو اللا مفكر فيها عند الباحثين والمسؤولين والإعلاميين وغيرهم، في معرض التفاعل مع معالم الحقل الديني في المغرب.