الثلاثاء 19 مارس 2024
سياسة

السفير السنوسي يشرح كواليس تخطيط الحسن الثاني لاسترجاع الصحراء وتنظيم المسيرة

السفير السنوسي يشرح كواليس تخطيط الحسن الثاني لاسترجاع الصحراء وتنظيم المسيرة السفير السابق أحمد السنوسي والملك الراحل الحسن الثاني

ينقل أحمد السنوسي، السفير المغربي الأسبق بالجزائر، والممثل الدائم للمغرب في الأمم المتحدة (سابقا)، تفاصيل المعركة التي خاضها الملك الراحل الحسن الثاني مع الجنيرال فرانكو لاسترجاع الصحراء، حيث أطلق في وجه الجيش الإسباني حربا سلمية شارك فيها 350 ألف متطوع مغربي ويشرح تفاصيل إشراكه في سر تحضير المسيرة..

+ يرى البعض أن منطلق تحرير الصحراء كان منطلقا أعرج منذ بداية الاستقلال، حيث لم يحسن المغرب المفاوضات مع الإسبان آنذاك في 1956 حتى يتحقق الاستقلال التام لكل المناطق المغربية المحتلة وليس التفاوض حول المنطقة الخليفية بالشمال والمغرب الفرنسي فقط. ما هو رأيك؟

- لا ننسى أن فرانكو هو الذي كان يحكم إسبانيا آنذاك. ففي الوقت الذي وافق الفرنسيون على منح المغرب استقلاله، اضطر الإسبان إلى التخلي عن المنطقة الشمالية اضطرارا، وهم لم يقدموا على تلك الخطوة حبا في سواد عيون المغرب. ولما بدأ جلالة الملك التفاوض مع الإسبان حول الصحراء كان التحاور مع فرانكو مثل التحاور مع الصخر الأصم، لدرجة أنه لما كنا نرافق سيدنا إلى مدريد كان يخرج من عند فرانكو ويقول لنا «هذا (أي فرانكو) مسمار الهند». وهذا يبرز أن الصحراء كانت تمثل للجنيرال فرانكو أهمية أكبر مقارنة مع ما كان يمثله المغرب لفرنسا. فالصحراء كانت القاعدة التي اعتمد عليها فرانكو للسيطرة على الحكم بإسبانيا، فضلا عن ذلك فرجاله بالصحراء هم الذين مكنوه من مقاومة الشيوعيين، أضف إلى ذلك أن المغاربة كانوا يسيرون منطقة إشبيلية كلها وعلى رأسهم الماريشال أمزيان. وبالتالي، فموقف الإسبان لا علاقة له بموقف الفرنسيين، وهو ما جعل سيدنا يسايرهم بالتي هي أحسن، خاصة وأنه في عهد الإسبان كان هناك خليفة بالشمال، من حسن الحظ هو المرحوم الوطني مولاي الحسن بن المهدي الذي كان مغربيا حتى النخاع، ثم الوطني عبد الخالق الطريس، وغيرهما.. مما ساعد على تذليل عودة الشمال إلى المغرب.

+ هذا يهم المنطقة الخليفية، ولكن كيف نفسر تلكؤ المغرب في بداية الاستقلال في استرجاع الصحراء، خاصة وأن جيش التحرير لما نزل إلى الجنوب لمقاومة الإسبان والفرنسيس لم يتم التعامل معه بالشكل المطلوب؟

- أبدا، هذا غير صحيح، إذ كانت الوضعية آنذاك من الناحية المنطقية والاستراتيجية في غير صالح المغرب، إذ لم يكن له آنذاك جيش مهيكل. فالوحدات التي كانت ترابط بالمغرب كانت معظمها وحدات فرنسية وإسبانية غداة استقلال المغرب، فضلا عن ذلك لم تكن لنا قوة موازية لمواجهة جيوش فرنسا وإسبانيا، مما كان يقتضي التعامل مع الوضع بالمنطق. ولم نبدأ كدولة نستغل الظروف إلا مع تلاشي قوة الجنيرال فرانكو. لكن رغم ذلك فلا ينبغي أن ننسى أن المغرب منذ 1956 بدأ بالمطالبة بالصحراء وشرعنا في طرح الملف في الأمم المتحدة منذ ذاك الوقت.

+ هل تعتبر موافقة المغرب على إدراج ملف الصحراء في اللجنة الرابعة الخاصة بتصفية الاستعمار خطأ استراتيجيا مثلما يحلو للبعض قوله؟

- لا، لأن العمل في الأمم المتحدة مبني على ما تملكه من وسائل وما تملكه من قوة وما تتوفر عليه من دعم. والمغرب لم يسبق له إطلاقا أن تخلى عن المطالبة بالصحراء، سواء قبل الحصول على الاستقلال في شمال البلاد أو بعد التوقيع على معاهدة الاستقلال، بدليل خطبة المغفور له محمد الخامس في محاميد الغزلان التي كانت مخصصة لضرورة استكمال وحدة المغرب وتحرير أقاليمه الجنوبية.

+ كيف نفسر الاتهام الموجه للمغرب الرسمي بأنه «تواطأ» مع الإسبان والفرنسيس لسحق جيش التحرير الذي كان معبأ لتحرير الصحراء في 1958 و1957؟

- القول بهذا عار، هذا عار.. وهذه العبارة أرفضها جملة وتفصيلا. ففي 1958 كنا مستقلين، كما أن فرنسا وإسبانيا تكتلتا ضد القبائل. والمغرب كان لا يملك سوى بضع طائرات لا تؤهله لمواجهة قوة الإسبان والفرنسيين آنذاك، إذ لو خاض الحرب ضدهما فقد تقوم فرنسا ليس بالرد بل وربما بإعادة احتلال المغرب. و«حشومة» إطلاق لفظة «تواطؤ». فأنا شخصيا عشت هذه الأحداث وكنت قريبا من سيدنا الحسن الثاني ومن والده محمد الخامس الله يرحمهما، وأعطونا معا الدروس في الوطنية وفي احترام قيم المغرب والمغاربة، وآمل أن تحدث رجة فينا قوامها «الله ـ الوطن ـ الملك» والكف عن إطلاق الكلام على عواهنه.

+ المغرب استغل مرض الجنيرال فرانكو ليخوض سباقا محموما لاسترجاع الصحراء. كيف؟

- لما بدأت قوة فرانكو تضمحل برزت قوة صاعدة تمثلت في اليسار الإسباني، مما جعل الحكومة آنذاك تبحث عن مخرج في علاقتها مع المغرب خوفا ليس من الفضيحة بل من «البهدلة» من طرف المغاربة. وارتأى سيدنا أن الوقت قد حان لإعطاء جرعة للملف، فذهبنا للأمم المتحدة ووجدنا أمامنا الإخوة الجزائريين، وقلنا لهم دعونا نذهب إلى محكمة العدل الدولية وآنذاك ستتأكدون هل نكذب أم ندافع عن قضية عادلة.

+ موازاة مع هذه المعركة الدبلوماسية، قرر الملك الحسن الثاني الإعلان عن المسيرة الخضراء لاسترجاع الصحراء وكنت أنت آنذاك سفيرا للمغرب بالجزائر. هل طلبت منك السلطات المغربية إخبار الرئيس الجزائري هواري بومدين بقرار المسيرة أم لا؟

- المسيرة الخضراء كانت سرية والتحضيرات لها كانت تتم في سرية تامة، ولم يكن من المعقول إشاعة الخبر وإلا سيفسد كل شيء. إلا أن سيدنا الله يرحمه بنى استراتيجية. فالإسبان إن لم تهددهم، فلن تنتزع منهم شيئا، خاصة وأن فرانكو كان يحتضر والحكومة الإسبانية تبحث عن مخرج للمأزق. تهديد إسبانيا ليس أمرا سهلا، فهي عضو في الحلف الأطلسي والدخول معها في حرب معناه أن المغرب سيواجه الحلف الأطلسي كله بقوته وتطور سلاحه، وبالتالي كان المرحوم الحسن الثاني منشغلا بالبحث عن صيغة أخرى تحقق المراد. من هنا جاءت فكرة المسيرة الخضراء، أي خوض «حرب سلمية»، وهذا العنوان (أي «حرب سلمية») صار عنوانا لدرس يدرس الآن في الجامعات الأمريكية المختصة.

+ ألم يكن القرار يتضمن مغامرة، خاصة وأن إرسال 350 ألف مدني أعزل إلى صحراء مستعمرة من طرف جيش عنصري قد يؤدي إلى مجزرة؟

- كان الحسن الثاني الله يرحمه يستحضر مختلف السيناريوهات، وكان يحيط نفسه بمستشارين من كل الحقول، وبالتالي لا يمكن أن يغامر المرء بـ 350 ألف فرد بدون احتياطات. فالمتطوعون سيتوجهون بدون سلاح وفرانكو كان قاب قوسين أو أدنى من الموت ولن يتمكن الإسبان من تمديد عمره، وبالتالي كان كل شيء مرهونا بما سيجري في تلك الأيام الثلاثة أو الأربعة.

+ كيف كانت تتم التحضيرات للمسيرة الخضراء بالموازاة مع التفاوض مع الإسبان؟

- كان وزير الخارجية آنذاك هو مولاي أحمد العراقي وكانت المفاوضات شاقة، والإسبان رغم علمهم بأن فرانكو يحتضر فهم لم يكونوا يرغبون في التخلي عن رغبته في بقاء الصحراء تحت مظلة الإسبان، من هنا ذكاء الحسن الثاني، فهو يعرف أنهم سيظلون متشبثين بموقف فرانكو لكنه فكر في عنصر لدفعهم لتجاوز عرقلة فكر فرانكو، فكان قراره الذي يتطلب توقيتا مدروسا وتباتا في الإرادة.

+ البعض يقول إن المغرب نظم المسيرة الخضراء لاسترجاع الصحراء، لكونه عاش انقلابين عسكريين (الصخيرات والطائرة) والحسن الثاني بذلك أراد إلهاء الجيش في قضية الصحراء. ما هو قولك؟

- أبدا، وهذا كلام لا أساس له من الصحة إطلاقا ولا سند له. فعن أي عسكر تتحدث في الانقلاب؟ فهما «جوج ديال العسكر». أما الجيش فكل رجالاته ونسائه وبدون استثناء هم أكثر تشبثا بوطنيتهم وبوفائهم وبولائهم وبإخلاصهم وبحبهم لوطنهم ولملكهم. والتاريخ أظهر من قاد الانقلابات. فهما كما قلت جوج ققط (c'est tout. pas plus). أما القول بـ «إلهاء العسكر» فهذا مجرد هراء. فهل سنخترع قضية تتضمن مخاطر ونأخذ 350 ألف مدني وليس 350 ألف عسكري، ويدخلون الصحراء. فهذا الجزء من الأرض مغربي ولابد من تحريره واسترجاعه ليلتحق بباقي التراب الوطني، وهي قضية مفروضة على كل مغربي وواجب على كل مواطن أن يساهم في هذا الاسترجاع والتحرير.

+ أنت كنت سفيرا للمغرب بالجزائر، هل تم إخبار الرئيس بومدين أم لا؟

- تم إخباره قبيل المسيرة ببضعة أيام.

+ من أخبره بذلك؟

- كان هناك وفد يترأسه الوزير الحاج أحمد باحنيني، وكان حينها وزيرا للثقافة إن لم تخنّ الذاكرة وكنت آنذاك سفيرا بالجزائر، ورافقت الحاج باحنيني ولاحظت أن الجزائريين استقبلوا القرار (أي قرار المسيرة الخضراء) بـ «الزعف»، إذ «زعف» علينا الرئيس بومدين.

+ لماذا؟ هل امتعاض بومدين يرتبط بعدم تصديق المغرب على معاهدة ترسيم الحدود مع الجزائر شرقا والمعروفة باتفاقية إفران عام 1972؟

- رد الفعل الجزائري كان عنيفا وتساءلوا كيف ستواجهون 350 ألف نسمة نحو الصحراء؟ وبأي طريقة؟ وما معنى ذلك؟ فقلنا لهم إن كل الترتيبات تم اتخاذها والاستراتيجية مدروسة ونحن متيقنين بأن المسيرة ستمر في أحسن الظروف. وخلاصة القول إن الجزائريين لم يكونوا فرحين لقرار المسيرة الخضراء.

+ لماذا اكتفت المسيرة بالطاح على الحدود مع الصحراء التي كانت مستعمرة ولم يتوجه المتطوعون إلى العيون؟

- لم يكونوا في حاجة إلى ذلك. فالمهم هو أن المغاربة تخطوا الحدود الوهمية والمسيرة أدت دورها والجنود الإسبان لم يطلقوا النار على المدنيين.

+ ما السبب إذن الذي جعل مجلس الأمن الدولي يطلب من المغرب وقف المسيرة؟

- هذه طريقة كلاسيكية عند مجلس الأمن، علما بأنه لا ينبغي أن ننسى أن حملة الجزائريين كانت جد شرسة، والمغرب وهذا هو المهم، حقق آنذاك مبتغاه من تنظيم المسيرة وخرج الإسبان وعادت الصحراء إلى وطننا وتم تعيين أحمد بنسودة أول عامل على العيون.

+ من كان يرأس الوفد المغربي بالأمم المتحدة آنذاك؟

- كان إدريس السلاوي ومولاي أحمد العراقي وزير الخارجية، وأنا كنت مستشارا عينني جلالة الملك لدى الوفد المغربي بالأمم المتحدة. ومما أغاضني هناك أن إفريقيا كانت مشهورة بالرشوة، ورشوة العديد من الوفود الإفريقية تحتاج مني إلى مجلد لأصف لك الوضع، وكنا نذهب إلى اللجنة الرابعة، فلاحظت أن جل الأفارقة لن يساندوا مطلب المغرب ويعترفوا لنا بحقنا في الصحراء. فبدأت معنويات وفدنا تنهار، فدخلت على وجه السرعة إلى المغرب لأستشير مع سيدنا ولأخبره بمعنويات الوفد المنهارة، ففوجئت بمعنوياته المرتفعة، وبأن «الدنيا هانية» بالنسبة إليه.

وفي اليوم الثاني لمقامي بالرباط التقيت بأحد أصدقائي الذين سبق أن درسوا معي بباريز وهو بيرنار ليفي، وسألني: هل تستعدون لحرب؟ فأجبته بالنفي مستغربا. ثم ما لبث أن أردف بسؤال آخر: ولكن لماذا اشتريتم 350 ألف غطاء خاص بالجيش؟ وبما أنني لم أكن على بينة من أي شيء بدأت أستهزئ من صديقي قائلا له: «باراك علينا، آش من الحرب يا ليفي، واش انت أحمق؟». ومع ذلك لم يستسلم ليفي مجيبا: "إن لم يكن المغرب سيخوض الحرب، فلماذا يشترى 350 ألف غطاء إذن؟".

+ متى وقعت هذه الواقعة؟

- أظن أنها حدثت قبل الإعلان عن المسيرة الخضراء بحوالي أربعة أو ثلاثة أشهر لم أتذكر التاريخ بالتحديد.

+ وماذا حدث لما أخبرك صديقك اليهودي ليفي بملف 350 ألف غطاء؟

- ذهبت عند سيدنا في الليل، لأنه سبق ودعانا للحضور عنده في العشاء (وهذه مناسبة أجدد فيها دعواتي للباري عز وجل أن يسكنه فسيح جناته) فاستأذنته قائلا: «واش آسيدنا كنوجدو شي حرب؟». فرد علي: «آش من حرب؟» فقلت له: «نعم سيدي، راه واحد صاحبي كان يقرا معي في كلية الحقوق بباريز وهو الآن تاجر كبير وقال لي راه العسكر ديالنا شراو من الدارالبيضاء 350 ألف غطاء». فأجابني رحمه الله: "آه الغطاء للي شرينا، كتعرف احنا اعتدنا شراء 50 ألف أو 60 ألف غطاء. وهذه السنة أردنا أن نوفر حوالي 15 أو 20 في المائة من الثمن، فقررنا شراء 350 ألف غطاء وسنساعد على تخفيف العبء عن الميزانية".

جواب الملك اعتبرته منطقيا، وما إن غادرت القصر وعدت إلى منزلي حتى اتصلت بصديقي ليفي وقلت له: «حرام عليك كنت غادي تحشمني مع سيدنا»، فرد علي بنبرة الواثق من نفسه قائلا: "طيب إذا كان الأمر كما تقول لاقتصاد كلفة شراء الأغطية، فما قولك في قضية طبع 350 ألف قرآن بمطبعة بالمحمدية؟ فهل ستسلمون 350 ألف قرآن للعسكر كذلك؟".

وبما أني لم أكن على بينة من أي شيء، خاصة وأني قادم للتو من نيويورك، فضلا عن كوني كنت من قبل في الجزائر، قلت له سأستفسر حول الموضوع. وفعلا في الغد التقيت بصاحب الجلالة وأخبرته بما دار بيني وبين صديقي. فرد علي سيدنا: «فعلا كاينة، حنا كنطبعو 350 ألف قرآن، ولكن هاذ العام قررت أن أرسل لرؤساء الدول المسلمين الأفارقة 10 آلاف أو 15 ألف قرآن لكل واحد». وكان المرحوم الحسن الثاني يحدثني ببرودة وواثقا من نفسه.

في الغد صباحا، قلت لصديقي ليفي بأني كنت عرضة للضحك يوم أمس أمام صاحب الجلالة. فقال لي «قل لي علاش مشى الجنيرال الزياتي إلى تكساس في هيوستن لزيارة أكبر مستودع للقوات الأمريكية ليفتش عن صناديق بالكاوتشو يمكن أن ترميها الطائرات على علو منخفض بحجم 5 أطنان مخصصة للماء.

+ ما هي الوظيفة التي كان يزاولها الضابط الزياتي آنذاك؟

- كان مكلفا بالعتاد.

+ وماذا قال لك صديقك؟

- لم يقل شيئا، بل طرح السؤال يقينا منه أنه كان يعرف شيئا ما. وفي المساء التقيت سيدنا وخفت أن أقول له شيئا فيغضب مني وربما قد أوصف بالبلادة. ومع ذلك استأذنته قائلا: «اسمح لي يا سيدي راه صاحبي عاودتاني سألني سؤالا غريبا جدا: راه الزياتي مشى للميريكان باش يشري صناديق الماء بصحبة مجموعة من الضباط؟

فقال لي سيدنا: «منين خرج هاذ صاحبك؟» أجبته: «كان يدرس معي وهو تاجر وشاف هذه المعاملات الكبرى فطرح التساؤلات». فطلب مني الملك أن ألتحق به في القصر في الساعة 9.30 ليلا. ولما ذهبت إلى القصر، وجدت في صالة الانتظار مجموعة من كبار الضباط.

+ من هم؟

- وجدت الجنيرال بناني والجنيرال القادري والجنيرال الزياتي والجنيرال زرياب والجنيرال بنسليمان الذي كان هو دينامو العملية وما تطلبه من تنقل وتأمين الطرقات وغيرها. وفوجئوا حينما رأوني.. فبما أنهم أدوا القسم للحفاظ على السر، ساورتهم الشكوك حول حضوري، وبدأ بعضهم يسألني عن العائلة وعن عملي في الجزائر. ولما دخل صاحب الجلالة سلموا عليه وقال لهم سيدنا: «السنوسي راه عندو أخبار غريبة» ثم أردف «يا فلان جيب القرآن، وطلب مني سيدنا أداء القسم». ولما أديت القسم تساءلت هل فعلا المغرب سيدخل الحرب. فقال لي جلالته: "واش الحرب تتم بـ 350 ألف قرآن. فـ 350 ألف مغربي هازين القرآن ولفظة الله أكبر والراية المغربية سيتوجهون إلى الصحراء لصلة الرحم مع إخوانهم هناك، وهذه هي المسيرة الخضراء".

+ متى أديت القسم لحفظ السر؟

- أظن شهرين أو ثلاثة قبل الإعلان الرسمي عنها من طرف صاحب الجلالة. وذكرت ذلك في كتاب لي سيصدر عما قريب سميته «المغرب الصحراوي»، وهي عبارة استلهمتها من خطاب لصاحب الجلالة سيدنا محمد السادس.

+ وماذا حدث بعدما أديت القسم أمام الحسن الثاني؟

- توجهت إلى الملك وقلت له، لو تسمح لي يا سيدنا باقتراح. فأجابني: «تفضل» فقلت له: «أنت ساعدت الدول العربية كلها، فلماذا لا ترسل كل دولة عربية وفدا عنها ليشارك في المسيرة الخضراء ولو بوفد يضم 10 أفراد فقط». فاستحسن الفكرة. ثم اقترحت عليه قائلا: «واش ما كتشوفش يا سيدنا حضور وفد من شبان أمريكا أيضا في المسيرة الخضراء». فأجابني: «واش أنت أحمق» فقلت له: «أنا نجيبهم يا سيدنا» فأعطاني الإذن وتوفقت في إحضار وفد من شباب عائلات أمريكية شاركوا في المسيرة الخضراء.

(من أرشيف أسبوعية "الوطن الآن)