الجمعة 26 إبريل 2024
كتاب الرأي

مصطفى المنوزي: الملكية التنفيذية زعيمة الأغلبية الحاكمة

مصطفى المنوزي: الملكية التنفيذية زعيمة الأغلبية الحاكمة مصطفى المنوزي

هل تتذكرون هذا العنوان لقطعة في تلاوة أحمد بوكماخ، جزاه الله، على حكمه ونعمته علينا بدروس تفيد في الحياة، كما هو الشأن لدى ابن المقفع في كليلة ودمنة. قبل أيام انطلقت حملة على مسؤولين محسوبين على  اليسار، وآخرين محسوبين على الحزب الحاكم في مناصب حساسة، مناصب الأمن والثقة..

حملة يصعب التكهن بتداعياتها السلبية، وأهمها عدم تركيز الناس على القضايا الاستراتيجية والمصيرية والمشاكل الحقيقية اليومية.. فالأزمات المثارة قد يكون مهندسوها فعلا على حق، بحكم الفساد المستشري؛ ولكن في العمق، وكما أثبتت التجارب، قد يراد بها باطل، كحملة تطهيرية، ثلثها انتقامي الغاية، وهي في هدفها لا تخدم سوى المتوافقين على قواعد لعبتهما المشتركة.. إنها حرب المواقع وصراعات من أجل التموقع.. فهناك ثلاثة مجالس أساسية يتم الرهان عليها والتوجس من محتوى تشكيلها البشري. فالمجلس الأعلى للسلطة القضائية والمجلس الأعلى للأمن، وكذا إعادة هيكلة المجلس الوطني لحقوق الإنسان بما فيه اللجن الجهوية والآلية الوطنية المستقلة للوقاية من التعذيب، تعد هي سببا من أسباب افتعال الحروب الباردة في صيغة ترهيب وتخوين وتكفير بوسائل متداولة ومتبادلة فيما بين «مشاريع المتنافسين».

فإذا كان مقبولا التنافس في أفق خلق توازن عام  يفيد الدولة والبلاد، فليس من المقبول بتاتا الاشتغال بمنطق الإقصاء لضمان هيمنة واحتكار، خاصة في ظل سيطرة «تحالف» موضوعي للأصوليين، مما يوحي بأن اللحظة الديمقراطية لن ترى النور في الأمد المتوسط، ومما يدعو إلي مزيد من اليقظة، فأجواء ما بعد الحراك الحسيمي وما قبل الحراك الفبرايري تلوح في الأفق، ولا يسع الحقوقيين الديموقراطيين سوى  التريث تجاه هذا التردد بكل ما أوتوا من حكمة.. فخيار الاصطفاف صعب ولن ينفع معه استخدام قانون «وحدة وصراع المتناقضات» بشكل ميكانيكي يجعل من عدو العدو صديقا، مما يؤكد فشل اليسار والمتعاطفين مع تاريخه «المجيد» في حسن تدبير التحالفات وترتيب التناقضات جدليا..

فالاختيار بين دعم هذا القطب ضد «شقيقه» القطب الآخر، وهما من جذع مشترك، شبيه بالمعادلة المستحيلة للخيار بين الموت شنقا أو بالغاز.. ويبدو أن الحكمة تقتضي أن الوطن في غنى عن حرب أهلية يؤطرها ذكاء لفظي، بدل ذكاء اجتماعي  يقلص الخسائر ويحول دون تكرار مآسي الماضي.

نعلم جيدا أن للبيت رب يحميه، وأن  للعقل «الأمني» جانبه المستنير، فالسيناريوهات متعددة لديه، ولابد من استحضار ابن مسكويه من خلال فكرته المأثورة «الفضيلة وسط بين رذيلتين».

فهل يخلو الوعاء الوطني من بديل خارج منطق نص «الذئبان والثعلب»؟ وهل نحتاج إلي كل هذه البلبلة والجعجعة لامتصاص النقمة ولجبر الخواطر أو كسر أخرى؟