الجمعة 26 إبريل 2024
سياسة

خبير في التأهيل الحضري يفكك أبعاد التثمين الملكي للمدن العتيقة

خبير في التأهيل الحضري يفكك أبعاد التثمين الملكي للمدن العتيقة الملك محمد السادس

كان للعاصمة الحمراء مراكش لقاء مع الملك محمد السادس الذي ترأس يوم الاثنين 22 أكتوبر 2018، حفل تقديم مجموعة من التدابير المتخذة لإنجاز المشاريع المندرجة في إطار برنامج تثمين المدينة العتيقة لمراكش من جهة، وكذا برامج تأهيل وتثمين عدد من المدن العتيقة الأخرى كسلا ومكناس وتطوان والصويرة من جهة أخرى، "أنفاس بريس" لمواكبة هذا الحدث اتصلت بخبير في مجال التعمير والتأهيل الحضري والذي  أدلى بالتصريح التالي طالبا في نفس الوقت -عدم  ذكر اسمه-:

يرى الخبير المذكور بأنه بخصوص المدن العتيقة، فقد كانت هنالك برامج واتفاقيات سابقة لكن ما تم في مراكش أمس تحت إشراف ملكي يمكن اعتباره نقلة نوعية وخطوة جديدة في إطار تأهيل هذه المدن والتي أسميها بالأنسجة العتيقة أو الأصيلة، ولعل ما يميز المغرب من هذه الناحية هو أن أغلب الدول تتوفر على أنسجة عتيقة ولكنها لا تشكل عندها كإطار للعيش، بخلاف المغرب الذي  يعد من بين الدول القليلة في العالم الذي يسعى إلى حماية أنسجته العتيقة والأصيلة التي تمثل إطارا للعيش، كما يحرص المغرب على الحفاظ عليها كمكون أساسي داخل المجتمع بالنظر لطابعها وكيانها المميز والمعروف كمراكش وفاس ومكناس إلخ..، وبالتالي يضيف خبير التأهيل الحضري، يمكن قراءة المدن المغربية ذات الأنسجة العتيقة من خلال عدة أبعاد:

- البعد التاريخي: وهذا نلمسه منذ القديم وكذلك في عهد الحماية الفرنسية، حيث في إطار التيار الحضاري الثقافي للهندسة المعمارية الذي كان يتبناه ليوطي، اتخذ هذا الأخير قرارا بالحفاظ على الأنسجة العتيقة بالمدن المغربية بأشكالها الهندسية وتفاصيلها المعمارية. كما أن هذا المنحى ظل سائدا أيضا بعد الإستقلال، حيث بقي المغرب كدولة وحضارة وشعب مرتبطا بمدن العتيقة كإرث حضاري غني.

- البعد الثقافي: وهذا ما يلمسه كل من يلج المدن العتيقة و يحس به وبمكنونه وأصالته ويحيله إلى بناة هذه الحضارة التي ما زالت مستمرة، ويطرح أسئلة حول ما تركوه من نفحات فكرية حول طريقة عيشهم  ولباسهم وتواصلهم ومبادلاتهم إلخ..

- البعد الديني: وهذا مهم، لأن في الأنسجة العتيقة يلاحظ تواجد المعابد من مساجد وصوامع وسيناكوك والملاح وهذا يترجم عمق القيم التي تبناها المجتمع المغربي منذ القدم وتترجم التضامن والتعايش بين مختلف الطوائف. .

- البعد الإجتماعي: فقد تميزت المدن العتيقة بأنها كانت فضاءات لا تظهر ملامح التفرقة أو التفاوت الاجتماعي بين الفئات والسكان، بحيث يمكن أن تجد الفقير يسكن بجوار الغني وفق مبادئ الحومة والتضامن والتآزر والمثير اليوم أننا نسجل أن المدينة العتيقة تستقطب طرفا كبيرا من المهاجرين من القرى والبوادي؛ بمعنى آخر تشكل المدينة العتيقة فضاء مستقطبا لساكنة غير ميسورة.

- البعد الإقتصادي: المدن العتيقة لم تكن مجالات للسكن فقط بل كانت محركا أساسيا للنشاط الإقتصادي كالصويرة مثلا. فالمدن العتيقة حافلة بقيسارياتها وبازاراتها ومتاحفها إلخ..، وهي بالتالي نقطة جاذبة للسياحة  الداخلية والخارجية.

ويخلص محدثنا إلى القول بأن المبادرة الملكية في تثمين وإعادة تأهيل المدن ذات الأنسجة العتيقة جاءت  لتؤكد أن هذه المدن بالإضافة إلى أنها ما زالت تعتبر إطارا للعيش. فإعادة هيكلتها تأتي كي تجعل منها فضاءات منسجمة مع متطلبات هذا العصر. وذلك بإصلاح وصيانة مرافقها القديمة وترميمها ودعمها بمرافق جديدة أخرى، والبحث لها عن وظائف جديدة ثقافية كالمتاحف والمعارض وسياحية كالفنادق إلخ... وبالتالي خلق دينامية جديدة بهذه المدن العتيقة، والتي لا  يخفى على أحد ما  سوف تخلفه من آثار على مستوى إنعاش الاستثمار وتوفير فرص الشغل.