الخميس 18 إبريل 2024
مجتمع

الدرويش: وزارة التعليم العالي أخطأت العنوان في لقاء مراكش الموسوم بعبث السياقة المزدوجة

الدرويش: وزارة التعليم العالي أخطأت العنوان في لقاء مراكش الموسوم بعبث السياقة المزدوجة الأستاذ محمد الدرويش (يمينا) والوزير سعد أمزازي

نظمت وزارة التعليم العالي يوم الثلاثاء 2 أكتوبر 2018، بمراكش، لقاء وطنيا حول موضوع "البيداغوجيا والإجازة في المؤسسات ذات الاستقطاب المفتوح". وفي هذا الإطار أجرت "أنفاس بريس" حوارا مع الأستاذ محمد الدرويش، الباحث والفاعل السياسي والجمعوي، رئيس المرصد الوطني لمنظومة التربية والتكوين، حيث ناقشت معه الموضوع وجوانب أخرى مرتبطة بالأزمة التي بات يعيشها التعليم العالي بالمغرب، دون أن ينسى الحديث عن عبث السياقة المزدوجة...

+ ما هو رأيك في هذا اللقاء المنظم من طرف وزارة التعليم العالي وموضوعه المتعلق بالبيداغوجيا في الكليات ذات الاستقطاب المفتوح، وما هو الجديد المطروح؟

- أعتقد أن الكل مجمع على أن التعليم العالي في المغرب، ومنذ سنوات، يعيش أزمة بنيوية تؤدي إلى هدر في الطاقات البشرية والمالية والمادية، بل تؤدي إلى قتل الطموح ونفس الاجتهاد، ليس فقط لدى الطلاب، بل أيضا لدى الأساتذة الباحثين والموظفين والأسر، ولدى المجتمع بكل مستوياته ومكوناته.. ويمكن القول إن أسباب هاته الأزمة متعددة ومتداخلة ومتشعبة، لكن الوزارة الوصية تتحمل القسط الأكبر في ذلك.. فمنذ سنوات وسياسات الارتجال والانفراد بالقرار وتهميش الكفاءات وحجب الطاقات والمحسوبية والزبونية وغيرها، ممارسات تعرفها بعض المواقع مما لا يحفز على البذل والعطاء، هي عناوين تدبير وتسيير، بعضها متداخلة مع بعض.. واليوم ينظم هذا اللقاء بمراكش بعد هدر خمسة عشرة سنة من الزمن المغربي لنعيد نفس القضايا والإشكالات بلبوس مغاير، وعلى لسان شخوص آخرين. فما قلناه هناك في لقاء بولون، تم كذلك في مراكش، أن ثمة هدرا للزمن الجامعي، إذ يحصل الطالب على الإجازة بمتوسط ثماني سنوات، ها نحن نقول اليوم نقول إن الهدر زادت أعداده، وإن الطالب يحصل على الإجازة في أربع سنوات ونصف كمعدل متوسط.

ثم إن الارتجالية والعبث والانتقائية وانعدام الرؤيا والتصور لمشروع مجتمعي جوابا عن سؤال: أي دور للتعليم العالي ولأي مجتمع، سمات طبعت الإعداد والافتتاح والمناقشة، وربما الاختتام. إنه العبث على طوال أكثر من عشر سنوات.

+ دائما نتكلم عن الأزمة، فهل هذا لقاء للتصحيح أم الإصلاح، أم ماذا؟

- هو لقاء لكل شيء إلا للانطلاقة الجيدة والواعدة لمشروع طموح يعد أحد مفاتيح تطور المغرب وتقدمه، وهو المشروع الذي يحظى برعاية سامية لجلالة الملك محمد السادس منذ سنوات، لكن الارتجال والانفراد بالرأي والتسرع يقتل كل شيء جميل وواعد.. هو لقاء يصلح للمؤسسات ذات الاستقطاب المحدود، وذلك ما يمكن أن نفهمه من بعض ما ذكر في ورقته التأطيرية و كلمات الافتتاح، وهي المؤسسات التي تعيش اليوم في أغلبها الإكراهات والمشاكل المذكورة، وهي كذلك أصبح أغلب خريجيها لا يجدون الشغل، وبعض أنواع التكوين بها صار تقليديا ومتجاوزا وغير مطلوب في سوق الشغل.. فأين الخلل، هل في أساتذة المؤسسات ذات الاستقطاب المفتوح.. كذلك اسمح لي أن أخبر الرأي العام بأن كل شيء معد سلفا بتفاصيله وهندسته وإخراجه، سيء للغاية.. فالقرارات تتمثل في إجازة في أربع سنوات، ومحاولة تحويل المؤسسات إلى مراكز تكوين مهني ومطالبة الأساتذة بإعادة التأهيل والتكوين في تخصصات جديدة، علما أنه نسجل غياب تمثيلية حقيقية للأساتذة الباحثين والإداريين والطلاب.. فأغلب من حضر مسؤول إداري فوق رأسه سلطة.. أعتقد أن الطرح مغلوط من الأساس ومجانب للصواب وحق يراد به باطل، إذ لا يمكن التوجه بالنقد والانتقاد لمؤسسات تستقطب ما يقارب التسعين بالمائة من إجمالي طلاب التعليم العالي في ستين مؤسسة يؤطرها ما يقارب ثمانية آلاف أستاذ باحث، ودعوة هؤلاء إلى إعادة التأهيل ومسايرة العصر وغيرها من الشعارات الرنانة.. فجميع دول العالم بها هذا النوع من المؤسسات، وكلها تحتفظ برسالتها الأساس المتمثلة في صناعة النخب وتكوين الأطر للمجتمع واستكمال إعداد المواطن الناظر والناقد والمحلل والمهيئ للتأقلم مع الواقع، ولم يكن يوما مطلوب منها أن تصبح مؤسسات للتكوين المهني التي لها هذا الدور ولها القدرة على التأقلم مع المهن التقليدية والمعاصرة.. ومن جهة أخرى أعتقد أن الوزارة أخطأت العنوان، إذ عليها أن تطرح السؤال باسم ثلاثي المنظومة على الاتحاد العام لمقاولات المغرب وعلى رؤساء الشركات وممثلي الغرف.. والذين كانوا وما يزالون أعضاء في مجالس الجامعات والمؤسسات منذ العمل بالنظام الحالي، ماذا قدموا وما هي مساهماتهم لتطوير منظومة التعليم العالي، وكم هي فرص الشغل التي وفروها لتلك المؤسسات. كفى من جعل ثلاثي المنظومة سببا مباشرا في أزمتها، فلذلك أسباب أخرى.

لذلك أعتقد أن ما يجري اليوم بمراكش قد يكون ضربة أخرى من الضربات التي توجه للتعليم العالي العمومي، فالأزمة أزمات.. ولإيجاد الحلول لها لا بد من البدء من البدايات، وأخاف أن يلقى هذا المشروع مآل الإجازة المهنية في التربية.

+ وما هو موقف النقابة الوطنية للتعليم العالي بتركيبتها الحالية مما يجري، وقد كنت كاتبا عاما سابقا لها؟

- عفوا لست مؤهلا للحديث باسم هذا الإطار التاريخي الوطني الذي أعطى مناضلوه الكثير للوطن ولمنظومة التعليم العالي والبحث العلمي، فللنقابة ناطق رسمي هو الأخ الكاتب العام، ولها أجهزتها الوطنية، وهي أدرى بما يجري هنا وهناك.. لذلك أرجو إعفائي من الجواب. لكن دعني أقول ما لاحظته، وهو تحية السيدين الوزيرين للنقابة الوطنية للتعليم العالي ولأخرى، وبذلك ساوت التحية هاته بين إطارين، كما ساوت بينهما الوزارة في المنحة المخصصة.. وهذا أمر استغربته نقابة لها 68 سنة نضال، وتمثيلية ما يقارب التسعين بالمائة من أعداد الأساتذة الباحثين، تساويها الوزارة مع نقابة لها ما يقارب العشرة في المائة من حيث التمثيلية، حسب نتائج اللجن الثنائية.. ونعرف جميعا ظروف وأهداف تأسيس النقابة الوطنية للتعليم العالي، كما نعرف زمن وهدف وظروف تأسيس الثانية.

وفي المقابل علمت أن الوزارة طبقت النسبية في عدد حضور لقاء مراكش وهو ما أعتبره عبث السياقة المزدوجة.