السبت 20 إبريل 2024
مجتمع

قراءة في فاتورة مواطن كلفه خروف العيد نحو نصف قيمة شرائه

قراءة في فاتورة مواطن كلفه خروف العيد نحو نصف قيمة شرائه اللهم لا نسألك رد القضاء ولكن نسألك اللطف فيه...

يؤكد رجال الاختصاص في الاقتصاد أن كل كبش يكلف صاحبه نصف قيمة شرائه من أجل تدبير تبعات نقله وعلفه ومواد طبخه. والحصيلة، تبعا للمصدر ذاته، فإن الخروف الذي دفع مقابله 2000 درهم على سبيل المثال يتطلب مصاريف إضافية تقدر ب1000 درهم. علما أن هذه الحاجيات تدرج ضمن قائمة الضروريات مما يفسر أن الفاتورة مرجحة للارتفاع إذا ما تم اقتناء آلات التبريد أو الطبخ أو غيرها من المستلزمات التي تستدعيها طبيعة هذه المناسبة. وبين اللحظة التي تتم خلالها عملية بيع وشراء الخروف، ونظيرتها التي يتحول فيها هذا الضيف إلى كتلة لحمية فوق الموائد، تمتد رحلة استهلاكية مرهقة، تعتبر الطبقة الكادحة الفئة الأكثر تأثرا من متاعبها، نظرا لعجز معظم أفرادها عن إيجاد مسار بين محن الغلاء، الولع بإغراءات الاقتناء، وأَسر ديون الاقتراض.

وحتى نقترب  بشكل ملموس من متوسط التكلفة الإجمالية التي يتحملها المواطن باعتبارها لا تنتهي بلفظ الكبش لآخر قطرة من دمه، تعقبنا آثر الخدير شفيق منذ أن غادر بيته في اتجاه السوق وإلى أن صرف آخر درهم رصده لتغطية تبعات هذه المناسبة. علما أن الخدير البالغ 45 سنة، موظف يتقاضى مبلغ 3500 درهم شهريا، وتمنحه إدارة الشركة 1000 درهم كإعانة مجانية لشراء الأضحية، و1000 درهم أخرى على شكل قرض يقتطع من راتبه بنسبة 250 درهم نهاية كل شهر. استقل شفيق سيارة أجرة من الحجم الكبير من شارع الكمندار إدريس الحارثي بالدار البيضاء والوجهة سوق ممتاز ب"الدريسية"، وخلال هذه الرحلة التي بلغت مدتها 10 دقائق أدى 4,5 دراهم زيادة على 7 دراهم اقتنى بها حبلا بلاستيكيا. وجد الخدير أكباشا من مختلف الأحجام والأسعار يصل بعضها إلى 5000 درهم، لكن حالته تستوجب شروطا معينة لا يمكنه بأي حال إغفالها، سواء تلك التي تعلقت بما خصصه من غلاف مالي للاقتناء، وأيضا عدد أفراد أسرته الخمسة.

وهذا ما راكم مجموعة من الأسباب كانت نتيجتها شراء صاحبنا لكبش في حدود مبلغ 2600 درهم. اضطر الخدير إلى دفع 55 درهم لصاحب سيارة شحن "هوندا" لغاية نقله إلى جانب الكبش للبيت، وللإشارة فإن هذا المقابل تؤخذ فيه بعين الاعتبار مسافة الطريق، ناهيك عن إمكانية استعداد صاحب الخروف للتنازل عن بلوغ بيته بعد غيره أو رفضه. لهذا، كلما أصر الزبون على أن تكون وجهة منزله هي الأولى يطلب منه مبلغا مرتفعا والعكس صحيح، اللهم إن كان موقع البيت يفرض تلك الأولوية. عقب مسيرة قادته إلى حي جوادي عبر شوارع محمد السادس والمنظر العام والوحدة العربية، ومرورا بشارع واد زم و6 نونبر وبعض أزقة حي المسعودية، كانت المحطة الأخيرة.

ولحسن حظ شفيق أن بيته يتسع لاستضافة الخروف دون مشاكل تذكر، مما أعفاه من إيداعه بـ"كاراجات حراسة الأغنام"، وبالتالي تجنب أداء نحو 50 درهم إضافية. لكن بالمقابل وجد نفسه مجبرا على تخصيص 20 درهم لشراء العلف، وبائع الكلأ هذا هو نفسه الذي تكلف بشحذ شكاكين الخدير الخاصة بالنحر نظير 25 درهم، علما أنه اشترى سكينين ب30 درهم. إلى حدود هذه اللحظة يعتبر شفيق نفسه في تحد وصمود أسطوري أمام المتطلبات غير المتناهية، وهو الذي سلم زوجته يومين قبل شراء الأضحية مبلغ 700 درهم لاقتناء حاجياتها من التوابل والخضر، وكذا بعض اللوازم البسيطة بالمطبخ كـ"الشواية والقضبان والمجمر والطاجين..".