السبت 20 إبريل 2024
منبر أنفاس

عبد الله ناصر بجنف: المرأة العربية في الفنون المرئية

عبد الله ناصر بجنف: المرأة العربية في الفنون المرئية

في المكتبة الإسبانية من الصعب الحصول على مراجع أو دراسات تفصيلية عن الفن العربي المعاصر، وخاصة وأن إبداعات الفنانين العرب مازالت مجهولة ولا تحظى باهتمامات الباحثين والأساتذة في الجامعات والمراكز الفنية في إسبانيا، لذلك كرست الباحثة الإسبانية في تاريخ الفن المعاصر وعلم المتاحف الأستاذة الدكتورة هوليا بارروسو بيار جهدها في إبراز إبداعات الفنانين والفنانات في الفن المعاصر في العالم العربي، حيث صدر لها في  12 ديسمبر 2016 كتاب بعنوان "المرأة العربية في الفنون المرئية" باللغة الإسبانية تحت إشراف دائرة الصحافة والإعلام في جامعة سرقسطة بسرقسطة عاصمة منطقة أراغون في شمال شرق إسبانيا وبدعم من حكومة مقاطعة سرقسطة والاتحاد الأوروبي.

الكتاب يعطي لمحة عن واقع الفن التشكيلي في تسعة دول عربية مطلة على البحر الأبيض المتوسط وهي المغرب، تونس، الجزائر، ليبيا، مصر، الأردن، لبنان، سوريا وفلسطين، كما يشير إلى دور المرأة العربية، والتي تحولت إلى أبرز محاور هذا الإبداع وحضورها القوي في المحافل الفنية في الوطن العربي وعلى المستوى العالمي.

هذا الكتاب يعتبر الثاني للباحثة هوليا بارروسو بيار، حيث أصدرت كتابها الأول بعنوان "الفن العربي المعاصر في شمال أفريقيا (مصر، تونس، الجزائر والمغرب)" في يوليوز عام 2014.. وقد زارت هذه الدول وتعرفت عن قرب عن واقع الفن المعاصر والأعمال الفنية، وكذلك المنشآت الثقافية من متاحف وصالات العروض الفنية، وكذلك المراكز التعليمية من المعاهد والكليات الفنون التشكيلية والمرئية، وخرجت باستنتاج توجته في هذا الاصدار الجديد.

الفن العربي بكل أنواعه شهد تطورات وتحولات انسجاما مع العصر الذي عاصرته ولكل دولة عربية ظروفها وبيئتها المتميزة في إرساء قاعدة في إبراز الفنون المختلفة، منذ القرن السادس خضعت كل الدول العربية تحت سيطرة الإمبراطورية العثمانية باستثناء المغرب والذي حافظ على نمط فنونه مستلها من إبداعات الوجود الإسلامي في الأندلس، بعد نيل كل الدول العربية لاستقلالها تبلورت الشخصية الفنية العربية بمختلف توجهاتها الفكرية والفنية والثقافية والفلسفية، وعاصرت أيضا بروز القومية العربية والتغييرات السياسية والاجتماعية والكثير من الأحداث منها ثورات الربيع العربي التي انهارت بسرعة. لبنان ومصر من أوائل الدول العربية الذين تأثروا بشكل مباشر بالفن الأوروبي المعاصر من خلال التواجد المباشر أو عبر إرسال البعثات الطلابية الى فرنسا وبريطانيا.

في السنوات الماضية برزت الكثير من الوجوه الفنية النسائية من خلال مشاركتها الداخلية والخارجية مبشرة بعهد جديد وخاصة وأن الفن يتفاعل مع الاحداث ووسائل التقنية الحديثة اسهمت في إيجاد قنوات التواصل بين الفن والجمهور.

في محتوى الكتاب نجد اسماء عديدة لرائدات الفن العربي المعاصر من ابرزهن: جاذبية سري، مريم عبد العليم إنجي حسن أفلاطون من مصر، الاميرة فخر النساء زيد من الأردن،  إيتيل عدنان من لبنان وزلفى السعدي من فلسطين، ومن الفن الفطري والسريالية نجد الفنانات الشعيبية طلال من المغرب، فاطمة حداد المعروفة باسم  باية من الجزائر، هوليانا سيافيم من لبنان.. ومن وجوه التيارات الفنية الحديثة نجد الأميرة وجدان علي من الأردن، ليلى الشوا وسهى شومان من فلسطين.. ومن أبرز الفنانات في الوسائط المتعددة والتنصيبية نجد أسماء مثل منى حاطوم من لبنان، لالة السعيدي وصفاء الرواس من المغرب، مريم بودربالة وهدى غربال من تونس، غادة عامر وآمال قناوي من مصر، وزينب سديرة وزليخة بوعبد الله من الجزائر، أروى من ليبيا، ودينا حدّادين من الأردن.. وقائمة طويلة من الوجوه الفنية في هذه الدول.

يحتوي هذا الكتاب على 218 صفحة بالحجم المتوسط 15*21 ويتكون من خمسة فصول رئيسية: الفصل الأول لمحة مختصرة عن الفن المعاصر في الدول العربية المطلة على البحر الأبيض،الفصل الثاني الفن والبنية التحتية من مراكز تعليمية وثقافية ومتاحف وصالات العروض الفنية في دول شمال إفريقيا، الفصل الثالث الفن والبنية التحتية من مراكز تعليمية ومتاحف ومراكز ثقافية في سوريا، الأردن، لبنان وفلسطين، الفصل الرابع دور المرأة العربية في الفنون المرئية، الفصل الخامس لمحة عن أبرز الفنانات في الدول المطلة على البحر الأبيض المتوسط ودورها في تفعيل النشاط الفني.. كما تم التطرق لبعض أعمالهم  والتيارات الفنية التي تأثرت بها..

كتاب المرأة العربية في الفنون المرئية في الدول المطلة على البحر الأبيض المتوسط يعتبر إضافة جديدة إلى المكتبة الإسبانية للتعرف عن قرب لواقع الفن العربي المعاصر ومكانته في الخارطة الفنية العالمية، خاصة وأن الفن لغة عالمية ليست بحاجة الى ترجمة فورية والإبداع هي صفات البشرية بغض النظر عن اللغة والانتماء العرقي، وهي وسيلة مباشرة لتفاعل وتجانس البشرية عبر اللوحة الفنية والصورة والنحت والشعر والموسيقى والكلمة، لأن عالمنا اليوم بحاجة ماسة في غرس أواصر الصداقة والمحبة بين الشعوب لإبعاد شبح الكراهية.