أكد احميدة النيفر، الأستاذ الجامعي بتونس، أن هيئة الحقيقة والكرامة خرجت من بين فرث ودم، مبينا في لقاء مع موقع "أنفاس بريس"، الصعوبات الجمة التي واجهت خلق هذه الهيئة المكلفة بتنظيم وعقد جلسات استماع علنية لضحايا ومرتكبي انتهاكات حقوق الإنسان على السواء لتونس خلال عهدي الرئيسين بورقيبة وبنعلي، ومهامها كشف حقيقة تلك الانتهاكات المتعلقة بظروف وكيفية وأسباب وقوعها، وسبل ضمان عدم تكرارها في المستقبل، وكانت صعوبات سياسية تعترض هذه الهيئة من قبيل التجاذبات السياسية والتحديات حول قدرتها على الاستقلالية، في الوقت الذي يتهم فيه رموز وشخصيات، بل وطيف سياسي بعينه بأنه امتداد لمرحلة ما قبل الثورة.
ولم يخف النيفر أن تونس استفادت كثيرا من التجربة المغربية في مجال العدالة الانتقالية، مع اختلاف في المنهجية، مادام ان ضحايا الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في المغرب صرفت لهم تعويضات وتم جبر الضرر في عدد من الملفات، عكس نظرائهم في تونس حيث ما زال الامر يتعلق لحد الساعة بجلسات استماع فقط. وأكد النيفر أن تونس استفادت كذلك من تجربة جنوب إفريقيا وأخذت إيجابيات التجربتين المغربية وجنوب إفريقية، وتجاوزت سلبياتهما، مادام ان لكل محيط خصوصياته في التعامل مع متسببي هذه الانتهاكات..
وبخصوص محاسبة مرتكبي هذه الانتهاكات والتخوف من ان يصبح الأمر انتقاميا، أجاب احميد النيفر بأن بعضهم مازال على قيد الحياة، وبأن كل من ثبت تورطه في هذه الانتهاكات ينبغي أن يساءل ضمن المحاكمة العادلة ويلقى جزاءه من قبل قضاة متخصصين، وإلا سنصبح أمام خروقات في المحاكمة العادلة، وهذا يمس بمبدأ العدالة الانتقالية، وبان النقاش الدائر هو المصاحبة النفسية للضحايا جبر الضرر في بعض المناطق التي طالها تهميش مقصود من خلال مقاربة تنموية واجتماعية في ارتباط كل هذا بالانتقال الديمقراطي في تونس.
يذكر أن شهادات ضحايا الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان بتونس وذوي الشهداء في جلسات الاستماع العلنية، كشفت على ماض أسود لانتهاكات حقوق الانسان كان مدثرا باسم التنمية الاقتصادية، حيث تلقت هيئة الحقيقة والكرامة برئاسة الحقوقية سهام بنسدرين طلبات 62 ألف ضحية يمثلون كل التيارات السياسية والحقب التاريخية ومناطق الجمهورية كافة، وقد شرعت الهيئة في جبر الضرر الفوري لضحايا انتهاكات حقوق الإنسان، وعالجت إلى حد الآن أكثر من 3 آلاف ملف توفرت فيها الشروط القانونية..