بالمواجهة التلفزيونية الأخيرة التي جمعت أمس الخميس 24 نونبر 2016 كلا من فرانسوا فيون وآلان جوبي تكون قد اقتربت ساعة الحسم لانتخاب من يمثل اليمين والوسط في الانتخابات الرئاسية بفرنسا خلال ماي 2017، والتي من المنتظر أن تشهد المواجهة مع مرشح اليسار والذي لم يحسم فيه بعد، ومارين لوبين مرشحة أقصى اليمين.
لقاء الأمس بين فيون وجوبي أكد تباعد وجهات النظر بين مقاربة الأول المعروف بنزوعه اليميني التقليدي المحافظ قريبا جدا من خط ساركوزي، وتناغما مع خط التشدد الذي صار يمثل عنصر جذب لليمين التقليدي الفرنسي من أجل ما يعتبره إرضاء للكتلة الناخبة، وقطع الطريق على مرشحة الجبهة الوطنية، وذلك في مواجهة جوبي الذي يبدو الأكثر اعتدالا نسبيا في ما يتعلق بقضايا قانون الشغل وملف التقاعد، وخاصة ملفات الهجرة والأمن والعلاقات مع العرب والمسلمين، والأجانب بشكل عام .
وبالعودة إلى نتائج الأحد الماضي، والى نتائج استطلاعات الرأي التي تمنح فيون كل الحظوظ لتفتح له الطريق نحو قصر الإليزي، نجد أن الأمر في هذه الحالة انتصار لخط التشدد تجاه القضايا التي تهم الجاليات العربية والإسلامية وعموم الأجانب. ومعناه أن فرنسا الأنوار قد استسلمت هي الأخرى للمد المحافظ جدا، وصارت قاب قوسين أو ادنى مما آل إليه الوضع في الولايات المتحدة الأمريكية عقب انتخاب دونالد ترامب، وكذا في ما يعتمل في أحشاء ناخبي النمسا وهولندا وإسبانيا وغيرها، خاصة إذا أخذنا بعين الاعتبار ترهل اليسار الفرنسي، والاشتراكيين خصوصا، حيث تبدو حظوظهم واهية في العودة إلى قصر الإليزي.
من هنا أهمية المخاض الذي تشهده فرنسا اليوم، ومن هنا أيضا مشروعية تخوفات الأجانب والمهاجرين المقيمين بفرنسا من نتائج الرئاسيات المقبلة، والأكثر من ذلك الترقب الذي يسود الملاحظين لمعرفة تداعيات احتمال انتخاب فرانسوا فيون في رئاسيات فرنسا المقبلة على الخريطة الجيواستراتيجية العالمية خاصة وأن فيون -وما يمثله من اتجاه متشدد في المحافظة- لا يكن الود للعديد من الحركات الإسلامية (وعلى رأسها الإخوان المسلمون) بالعالم العربي، وبالتالي احتمال أن تتوسع دوائر التضييق على الأصوليين بالمنطقة العربية الذين استفادوا من دعم معنوي وإعلامي قويين في الفترة التي رافقت ما يسمى "الربيع العربي".