الأربعاء 27 نوفمبر 2024
كتاب الرأي

عادل السعداني: عندما يفشل بنكيران

عادل السعداني: عندما يفشل بنكيران

في ظل" البلوكاج المفاوضاتي" الذي تعرفه عملية توليد الحكومة الثانية لعبد الإله بن كيران،وبغض النظر عن من يتحمل المسؤولية ،برزت على السطح العديد من التحليلات والقراءات للحالة الراهنة للمشهد السياسي المغربي مصحوبة بالعديد من الفتاوي المغلوطة والتي تكشف بالواضح والملموس ان أصحابها لا آهلية لهم للحديث في هكذا مواضيع :فهناك من نادى في إطار الإفتاء في حل أزمتنا الحكومية إلى حكومة تقنوقراطية ،وهناك من دعا إلى تشكيل الحكومة بقيادة الحزب الثاني ، بل هناك من تجرأ وقال أن مسألة تشكيل الأغلبية تبقى حق متاح لجميع الأحزاب المشكّلَة للبرلمان ،ومن يستطيع ذلك له رئاسة الحكومة.
هي فتاوي عديدة تلك التي تم ضبطها في حالة تسلل مؤخرا بدعوى إفتقادها للمنجية القانونية والدستورية رغم انها المنهجية الوحيدة المختصة بمثل هاته الإشكاليات فالمغرب هو دولة دستورية وبالتالي فالدستور هو الحَكم المختص ولا يمكن لأي سلطة ان تتجاوز نصوصه أو تشتغل خارج إطاره بما فيهم الملك ،بل أكثر من ذلك فالملك هو الساهر الأمين على تطبيق الدستور وحسب نصه الذي يقول في فصله 42"الملك رئيس الدولة ...ورمز وحدة الأمة وضامن دوام الدولةواستمرارها،يسهر على احترام الدستور وحسن سير المؤسسات الدستورية،وعلى صيانة الإختيار الديمقراطي "،ومنه نستنتج أن الملك لا سلطة لديه خارج الإطار الدستوري وبالتالي لا يمكنه تشكيل حكومة تقنوقراطية أو حكومة حزب ثاني مادام الدستور لم يتح له ذلك بعد العودة لجميع فصوله،بل نجد ان النص الدستوري يتحدث فقط وعلى سبيل الحصر في فصله 47: " يعين الملك رئيس الحكومة من الحزب السياسي الذي تصدر الإنتخابات البرلمانية"
وهو ما قام به الملك من خلال تعيين بنكيران لتشكيل الحكومة،إلا ان المشكل الذي تمخّض هو صعوبة تشكيل الأغلبية رغم ضرورتها لتنصيب الحكومة مادامت هاته الأخيرة غير قائمة إلا بعد موافقة أغلب أعضاء البرلمان على برنامجها وتصريحها الحكومي حسب نص الدستور.
فما الحل الدستوري إذن لحل هاته الإشكالية : تشكيل أغلبية برلمانية حكومية ؟
قبل الجواب لا بد من التذكير أن بالعودة لنصوص الدستور نكتشف فراغا كبيرا وشُحّاً في النصوص رغم انهاإشكالية متوقعة والعديد من الدول عبر التاريخ الحديث عرفت مثلها .
وعليه لم نجد أمامنا إلاحلين لا ثالث لهما في حالة عودة بنكيران إلى بيته بعد فشله في تشكيل أغلبية لحكومته الثانية :
- ان يستدعي الملك شخصا آخر ينتمي للحزب الذي تصدر الإنتخابات وهو ما يعني العدالة والتنمية ،لكن قراءتنا لهاته التخريجة الدستورية القانونية دفعتنا للتساؤل : كيف سيكون رد فعل العدالة والتنمية هل سيوافق على المنهجية أم سيتضامن مع أمينه العام المحارَب في تشكيل حكومة ثانية ؟أكيد أن جميع أجهزة الحزب وصقوره ومناضليه سيرفضون المنهجية حفضا وصيانة لكرامة بنكيران.
إذن وبعيدا عن هذا الحل لن يبقى أمامنا إلا حل دستوري وحيد وهو حل الملك للبرلمان والدعوة لإنتخابات برلمانية جديدة،فحسب الفصل 96"للملك بعد استشارة رئيس المحكمة الدستورية ورئيس الحكومة ورئيسي مجلس النواب والمستشارين ان يحلهما او أحدهما"،وهي تخريجة دستورية تدفعنا للتساؤل مرة أخرى عن التكلفة التي سيتحملها الوطن و المواطن مرة أخرى؟ وماذا عن النتائج لو جاءت مشابهة للحالية ؟
ما يحدث اليوم من بلوكاج هو العبث بعينه ولا ضحية له دون هذا الوطن ،الذي تحمل الكثير من عفن هاته النخبة السياسية.