الخميس 28 مارس 2024
منبر أنفاس

عبد اللطيف الركيك: تحت ظلال العولمة.. رسائل عالمية

عبد اللطيف الركيك: تحت ظلال العولمة.. رسائل عالمية

- الرسالة الأولى: من ضيق العزلة إلى رحابة العولمة

ظل فعل التواصل بين بني البشر ضعيفا خلال الحقب الموغلة في التاريخ، وأخذ يتطورا شيئا فشيئا بفضل الاختراعات التي اهتدى إليها الإنسان في المجالات كافة. فبالرغم من وجود أشكال معينة من الاتصالات بين الأمم الشعوب القديمة المختلفة التي استوطنت ربوع الأرض، فإن مساحة جهل تلك الشعوب عن بعضها البعض ظلت شاسعة، ولذلك بقيت معرفتها بما كان يمور في الأنحاء الأخرى من كوكب الأرض من مستجدات حضارية ملفوفة بالكثير من الغموض، ومطبوعة بطابع الأسطورة أحيانا، حتى أن جزءا مهما من البسيطة المأهولة ظل إلى فترة ليست بالبعيدة مجهولا بالنسبة لباقي الشعوب.

وبمرور الزمن وتوالي الحقب التاريخية الطويلة، وبفضل التقدم المضطرد في تقنيات ووسائل التواصل والاتصال التي أوجدها الإنسان على فترات متباينة في مجموع أنحاء الأرض، أخذت المسافات تتقلص رويدا رويدا، حتى أصبحت فكرة الإنسان عن أخيه الإنسان الذي يستوطن معه نفس الكوكب تتقلص تدريجيا إلى أن أمكن في عصرنا الراهن، وبفضل الإمكانات التواصلية الهائلة التي أصبحت في متناول الإنسان الحالي، تقريب المسافات بشكل غير مسبوق في التاريخ، وبالتالي تسريع وتيرة التبادلات الثقافية والحضارية تأثيرا وتأثرا على امتداد الحيز الذي يعمره الإنسان في كوكبنا.

وبذلك انتقل الإنسان من استيطان كوكب مترامي الأطراف، يتخذ تواصليا صورة جزر حضارية متباعدة، وظل يعمل بشكل حثيث على بناء جسور التواصل بوسائل بسيطة إلى طور التبادل السريع لعدد هائل من الرسائل الحضارية في وقت قياسي بفضل العولمة التي باتت تجسد اليوم قمة ما يمكن أن يتوفر للإنسان على مر تاريخه الطويل من إمكانيات تواصلية. فعبر قناة العولمة أصبحت تلك الرسائل الثقافية والحضارية تتزاحم بين أمم وشعوب الأرض لحد درج معه إنسان العصر الراهن على وصف العالم على شساعته بـ "القرية الصغيرة" في توصيف مجالي وحضاري للدلالة على سرعة عملية التثاقف الجارية اليوم بين شعوب الأرض.

- الرسالة الثانية: عولمة تدمير الطبيعة باسم استمرارية الإنسان

وبقدر ما كان تعثر الرسائل الحضارية في القديم بسبب "تخلف" وسائل الاتصال والتواصل والتعارف والتثاقف بين أمم المعمورة له أوجه سلبية، فلربما كانت له إيجابيات أيضا، لعل من أهمها التخفيف من حدة التدافع الذي يقع بين الشعوب في العصر الراهن بفعل التقارب الذي أتاحته العولمة، وحفظ الهويات والخصوصيات المحلية من لوثة التعولم بسبب تعثر عملية التواصل في الماضي، بينما لم يعد بالمستطاع حاليا التنكر لما تحمله العولمة من قيم ولا حتى حجب الرسائل غير المرغوب فيها أو غربلتها أتقاءا لشر الغزو الثقافي الذي تتعرض له الكيانات الثقافية المحلية، وذلك بسبب الانفتاح غير المتحكم فيه في ظل العولمة.

اليوم، شُرّعت الأبواب، وباتت رسائل العولمة تتناثر على أنحاء الأرض كافة دون حسيب، ودون أن يكون بمقدور أي كان التحكم فيها أو توجهها. وبقدر ما وضعت العولمة أمام شعوب الأرض فرصا حقيقية للتنمية لا يمكن إنكارها، إذ مكّنت الجميع من التأثر والتأثر والاستلهام والاستفادة من ثمار التقدم، فإنها، وعلى خلاف ما حدث في العصور القديمة من التاريخ من جهل الإنسان الذي يكاد يكون مُطبقا بما كان يعتمل في الأنحاء البعيدة وحتى القريبة من مجاله الجغرافي، فإن العولمة قد وضعت الإنسان المعاصر في قلب التحولات والمستجدات المتواترة التي تحدث في الأنحاء الأخرى مهما بعُدت. إن هذا الانفتاح الذي أتاحته العولمة هو الذي مكّن من كشف الوجه الآخر البشع لعمل الإنسان على البسيطة، وعرّى عن فاتورة كل هذا التقدم التواصلي الهائل الذي توصل إليه الإنسان على شكل رسائل سلبية غذت عالمية بحكم التقدم التكنولوجي الهائل.

وربطا بما سبق، يلاحظ أن مسير الإنسان نحو الحضارة عبر التفاعل مع الطبيعة من حوله قد أفرز الكثير من التبعات السلبية، فمسيرة التطور التي أوصلتنا اليوم إلى رحابة العولمة قد تمت بالدرجة الأولى على حساب الكوكب الذي نحيا منه وعليه. ذلك أن فعل الإنسان تجاه الطبيعة ظل على الدوام محكوما بأنانية مفرطة قوامها تسخير واستغلال عناصر الوسط الطبيعي في مسعى تحقيق ظروف حياة أفضل دون الالتفات إلى تكلفة ذلك على الأوساط البيئية، حتى أن استفحال هذه المسلكيات المتغطرسة من جانب الإنسان قد أوجد نوعا آخر من العولمة، وهي عولمة تدمير الطبيعة والقضاء على الأوساط الطبيعية.

لقد بات الجميع اليوم يُدرك حجم الخسائر التي أصابت كوكبنا كنتيجة لأنانية وجشع الإنسان، وبحثه المستمر عن مصالحه الخاصة دون النظر إلى تبعات ذلك على الطبيعة. ثمة مخاطر بيئية عالمية أو متعولمة أصبحت تهدد بشكل واقعي الوجود البشري على سطح الأرض في الآماد المتوسطة والبعيدة، وبالتالي بات من شبه المؤكد بأن الإنسان سيدفع، إن آجلا أو عاجلا، ثمنا باهضا لمسلسل استنزاف الطبيعة. فمن ثقب الأوزون إلى الاحتباس الحراري الناجم عن تزايد نسبة الغازات الدفيئة في الغلاف الجوي والذي يهدد بذوبان الجليد في القطب الشمالي وتزايد نسبة الغازات السامة في الجو، وزيادة درجة حرارة البحر ما يضاعف من خطر تَشكّل الأعاصير، إضافة إلى ندرة المياه، فوفقا لآخر الإحصاءات من اليونيسيف ومنظمة الصحة العالمية، هناك ما يقدر بـ 884 مليون شخص في العالم محرومون من الماء الصالح للشرب، و2.5 مليار دون مياه تستخدم للصرف الصحي. ينضاف إلى ذلك مشكل انجراف التربة، حيث تقدر مساحة الأراضي التي تأثرت بانجراف التربة في العالم حوالي 16,43 مليون كيلومتر مربع في حدود العام 1994. وتمثل المساحات التي تتأثر بظروف الجفاف أكثرمن ثلث مساحة اليابسة. ومن ناحية أخرى يمكن الحديث عن عولمة التصحر، حيث تصل المساحات المتصحرة في العالم إلى ما يقرب من 50 مليون كيلو متر مربع، كما أن 99 دولة في العالم يجتاحها التصحر ما يؤثر سلبا على حوالي 99 مليون شخص، وخسارة تصل إلى 40 مليار دولار سنويا، فضلا عن استنزاف مساحات كبيرة من المجال الغابوي، إذ أشار التقرير المعنون بـ "مؤشرات التنمية في العالم 2016" إلى أن العالم فقد نحو 1.3 مليون كيلومتر مربع من الغابات منذ العام 1990، هذا بالإضافة إلى تبديد الموارد الطبيعية، إذ فقدت الأرض حوالي 30% من مواردها الطبيعية ما بين سنتي  1970 و1995، كما أظهر تقرير صادر عن مؤسسة "كيو رويال بوتانيك غاردن" بعنوان "حالة الغطاء النباتي العالمي للعام 2016"، أن 21% من أنواع النباتات، أي نحو خُمسها، مهدد بالانقراض حاليا. كل هذه الظواهر الطبيعية التي تسبب فيها الإنسان بدأت تنعكس عليه بالسلب على شكل تغيرات مناخية وما يرافقها من فيضانات وأعاصير تأتي على الطبيعة وعلى الإنسان أيضا، فقد ذكر تقرير صادر عن البنك الدولي سنة 2016 بأن العالم يتكبد بسبب الكوارث الطبيعية خسائر تقدر ب 520 مليار دولار سنويا، وأن هذا الكوارث تُدخل سنويا حوالي 26 مليون شخص في دائرة الفقر.

كل ما أسلفناه، يبين على أن هذا الكائن الأكثر رقيا، والمستخلف في الأرض من أجل إصلاحها، لم يحفظ الطبيعة من حوله، وبالتالي لم يحفظ الأمانة التي عهد له بها الخالق، فعرّض الوسط البيئي لاستغلال مكثف وعشوائي دون ترشيد أو عقلنة، حتى أنه يجوز الحديث عن عولمة الإضرار بالطبيعة وإلحاق صنوف الأذى بها، ولم يتحدث الإنسان عن الاستدامة أو الحكامة الطبيعية التي نسمع بها اليوم في الخطابات إلا بعدما استشعر الخطر الحقيقي الذي بات يهدد وجوده المادي على سطح الأرض. إن استمر مسلسل التدمير العالمي العبثي للأوساط الطبيعية، سوف لن يترك للإنسان فرصا كثيرة لاستمرار جنسه إذا ظل مسلسل الإجهاز على الطبيعة بنفس الوتيرة التي نلحظها اليوم، وربما لن يكون بمقدوره في وقت من الأوقات إصلاح ما أفسده طوال المدد السابقة.

- الرسالة الثالثة: عولمة القتل باسم الدفاع عن النفس

فضلا عن تعميم الإساءة إلى الطبيعة، ما انفكت العولمة ترسل رسائل سلبية أخرى تمس الإنسان، لكن هذه المرة بشكل مباشر. فلعل ما نلحظه في العالم من حولنا هاته الأيام، هو أن الكائن الوصي على الحياة باعتباره مستخلفا في الأرض إلى أجل مسمى، قد ضاقت به السُبل وتقلصت لديه ممكنات التساكن والعيش في كنف السلم والأمن والأمان في هذه الربوع المترامية من كوكبنا، ليس مع الطبيعة وحسب، ولكن أيضا مع بني جنسه من البشر بفعل التدافع والتنافس في المصالح الذي أوجده التقارب التي أتاحته العولمة. إن العولمة بقدر ما تبعث لنا يوميا بما لا يعد ولا يحصى من الرسائل الإيجابية التي تكشف الجانب المضيء من فعل الإنسان من حيث ارتقائه إلى أعلى مراتب الحياة الميسرة، فهي أيضا تقصفنا كل يوم وبنفس القدر من الرسائل السلبية التي تكشف الجانب المظلم من فعل الإنسان على وجه الأرض، وبالتالي قدر البشاعة التي يتصف بها هذا الكائن غير الرحيم لا مع الطبيعة ولا مع نفسه.

ففي كل لحظة تتناقل أدوات العولمة من وسائل الاتصال والتواصل المتنوعة المزيد من الصور التي تكشف بشاعة الإنسان وتطرح الشك في خيريته وأفضليته على الكائنات الأخرى، مشاهد دموية من الحروب التي لا تكاد تنتهي منذ أن وجد الإنسان على ظهر الأرض، دماء تسيل في كل مكان في مسلسل همجي من القتل والتشريد والتهجير والإبادة والتطهير التي يرتكبها الإنسان صباح مساء، والتي لها أثر مدمّر على كل تلك السيرورة الطويلة للإنسان مع الحضارة والتحضّر وما أنتجته من رأسمال مادي ورمزي. فإذا نحن ألقينا النظر إلى الأنحاء الأخرى من الأرض سنجد عولمة للحرب التي نراها مشتعلة في أنحاء عديدة من الأرض، وعولمة في كوامن الشر لدى الإنسان، والتي انفلتت من عقالها لتكشف للجميع بشاعة الإنسان، ذلك الكائن الوديع المسالم الذي حولته العولمة إلى وحش لا يتورع عن الإتيان بجميع اشكال الأفعال الهمجية المنكرة في حق أخيه الإنسان بشكل يقطع الصلة بينه وبين الإنسانية ويُدخله في عالم التوحش والبهيمية. وهكذا، كشف تقرير لمعهد لندن الدولي للدراسات الاستراتيجية أن 167 ألف إنسان لقوا مصرعهم في عام 2015 نتيجة الحروب في أنحاء مختلفة من العالم. هذا إضافة إلى تزايد أعداد المهجرين واللاجئين، حيث أعلنت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في تقريرها لسنة 2016 أن عدد النازحين واللاجئين الذين فروا من النزاعات وحملات الاضطهاد في العالم، سجل مستوى قياسيا بلغ 65.3 مليون شخص في 2015.

وإذا وسّعنا زاوية النظر أكثر، سنجد أن القاعدة هي الحرب وأن السلام مجرد استثناء ولحظة استراحة للمتقاتلين، سنجد أنه لا توجد منطقة على سطح كوكبنا غير مرشحة للاقتتال والتناحر بأكثر وسائل الحرب فتكا وتدميرا، سنجد سلاما واستقرارا وقتيا خادعا ومصطنعا يُضمر مشاعر العداء والضغينة ويستبطن الاستعداد للحرب، سنجد أن الأمم الأخرى التي تعيش شكلا في كنف السلام، تعيش في واقع الأمر على إيقاع توترات وصراعات ظاهرة أو مستترة، فإن لم تكن ثمة حرب، فهناك بشكل أكيد استعداد على قدم وساق لحرب وشيكة لا يُعرف أوانها بعد. فبدل أن تنصرف مجهودات الإنسان في زماننا للإنفاق على ما يضمن الاستقرار لبني جلدته، فهو  يتسابق لصنع وإنتاج أنواع السلاح التي لا تخطر على بال، ومراكمة ما بحوزته من مخزونات الأسلحة، وهو يضع في حسبانه أن القادم دائما سيكون أسوأ، وأن هناك خطر محدق يتطلب الاستثمار في السلاح بدل السلام. ويأتي كل هذا الاستعداد الجهنمي للحرب بمبرر الدفاع عن النفس وعن المصالح، وضد من؟ ضد الإنسان أولا وأخيرا.

- الرسالة الرابعة: تيمتي الطبيعة والسلام في ظل العولمة

وبناء على ما سلف عرضه، فإن الوجه الآخر للإنسان في علاقته بالطبيعة وببني جنسه يثبت إلى أي حد وُجد هذا الكائن لعولمة التدمير، تدمير الطبيعة والعمران والإنسان. وعليه، فإن الحفاظ على الطبيعة إنما هي اكذوبة ومحاولة لإبراء الذمة طالما أن الثابت في سلوك الإنسان هو التسابق المحموم للإضرار بها اعتقادا منه بأنه ليس ثمة من سبيل لاستمرار جنسه غير استنزاف الطبيعة. ومن جهة أخرى، فإن السلم والسلام الذي يتغنى به الإنسان في عصرنا الراهن ليس سوى أسطوانة مشروخة ومشجبا يعلق عليه خيباته وفشله في تقبل الآخر والتعايش معه، حتى استحال السلام إلى مجرد وهم يملأ مخيلة الإنسان دون أن يجد إليه سبيلا في واقعه المعيش. فالذي يوجد في واقع الأمر هو التطاحن والتقاتل أو الاستعداد له. وبالمحصلة، فإنه لا يوجد سلام بقدر ما توجد فكرة السلام كفكرة مجردة ومثالية مقطوعة الصلة بواقع الإنسان، ولا سبيل لترجمتها كواقع عالمي تعيش في كنفه البشرية على أرض الواقع، فهذا ما يمكن استخلاصه من التنافس والصراع الذي يمثل ثابتا في الوجود البشري منذ الأزل وحتى أيامنا هاته. فإذا نحن بحثنا عن السلام في واقع الناس، فإننا لا نكاد نعثر له على أثر أو تأثير، بقدر ما نجد أن الإنسان في ربوع المعمورة إما في حالة حرب أو في طور الاستعداد لها ماسكا زناد أسلحته في انتظار الأسوأ. إن السلام في هكذا واقع ليس سوى سلام مصطنع ووقتي، بحيث نستطيع الجزم بأن الإنسان، كنتيجة للأطماع وانعدام الثقة، يستعد للحرب أكثر من استعداده لإدامة السلام أو صنعه.

إن صُنع السلام كفكرة قبل أن يكون واقعا معاشا، يقتضي زوال أسباب الحرب، وهي التنافس والتدافع اللاأخلاقي والرغبة الجامحة في تحوّز المصالح المشروعة وغير المشروعة. وحيث أن الإنسان قد جُبل على الترامي على ما بيد الآخر، فإن السلام يبقى مؤجلا ويأتي في مرتبة تالية بعد الحرب، فالأسبقية هي لإشعال الحروب، ثم يأتي بعد ذلك التفكير في السلام لاحقا، ما يعني أن السلام  لم يكن قط أولوية في تفكير الإنسان على مر تاريخه، وإنما وسيلة لإطفاء لهيب الحروب التي تبقى هي القاعدة في السلوك البشري.

فمتى يتوقف الإنسان عن الاستسلام لغرائزه وأنانيته تجاه الطبيعة وتجاه نفسه على حد سواء؟ متى تتوقف الشعوب على اختلاف أعراقها وأديانها وحضاراتها وألسنها عن التوهم بأنها هي الأفضل وأن على الأخرين أن يكونوا عبيدا لجشعها؟ متى تتوقف عن محاولة فرض نفسها على الآخرين على أساس أنها تمتلك ناصية الحقيقية دينية كانت أو ثقافية، والسعي لإجبار الآخرين على الامتثال لها؟

- على سبيل الختم

إن وجود الطبيعة كأحد مصادر حياة الإنسان تبقى مقرونة أشد ما يكون الاقتران بضمان الإنسان لديمومتها واستمراريتها حتى تنتفع بها الأجيال اللاحقة من جنسه، وحتى يضمن استمرار مقومات الحياة فوق الأرض، هذا الكوكب الذي شاءت الأقدار أن تعيش على سطحه الفسيح أقوام وشعوب وأمم بينها من الاختلاف والتنوع ما في الطبيعة من كائنات وأصناف لا حصر لها.. فالمفروض فيها هو قبول بعضها البعض من منطلق أنه لا يوجد عرق أفضل من عرق، وأن الذي يوجد أولا وأخيرا هو الإنسان الكوني الذي يتوجب أن يعي ويفهم الآخر المختلف ثقافيا، لا أن يسعى لفرض نموذجه الحضاري على الأخرين بالإكراه، وأن يقتنع بأن الأرض هي كوكب مشترك يستوعب كل الأجناس التي لها حق الحياة على ظهره.

قطعا لن يكون بمستطاع الإنسان أن يعيد الطبيعة إلى حالتها البكر قبل طور الاستنزاف، لكن هل في وسعه على الأقل التخفيف من مسلسل التبديد الذي تتعرض له؟

وهل يمكن للإنسان أن يعيش في بيئة طبيعية أقل تلوثا وبدون حروب؟