الخميس 25 إبريل 2024
كتاب الرأي

محمد حفيضي: بعد نتائج الفيفا.. هل سيستمر المغرب في أكل أبنائه؟

محمد حفيضي: بعد نتائج الفيفا.. هل سيستمر المغرب في أكل أبنائه؟ محمد حفيضي

قد يكون حظ المغرب سيئا لهذه الدرجة..!

وقد تكون مسؤولية تنظيم كأس العالم أكبر بكثير من المغرب..

وقد يكون المغرب أخفق التفاوض والتواصل الدبلوماسي من أجل كسب أصوات تجعله يتصدر اللائحة!

وقد تكون قوى سياسية واقتصادية عظمى مارست ضغوطها لإزاحة المغرب..

أسئلة كثيرة يمكن طرحها.

في كل الحالات.. التنظيم قد يكون من نصيب المغرب في يوم من الأيام.

لكن يبقى السؤال المحوري.. ما الجدوى من التنافس على تنظيم كأس العالم مادامت إمكانياتنا وبرامجنا وإصلاحاتنا ومشاريعنا هي نفسها؟ لم تعرف ثورة تنموية حقيقية!

أظن أن التحدي الكبير الذي ينتظر صناع القرار في هذا الوطن، هو الاستثمار في مغرب جديد يسرع من وثيرة التنمية من خلال تخصيص ميزانيات استثنائية لمعالجة عيوب البلد، وتأهيله برأس مرفوع لمنافسة بعض الأوطان التي تفتقد لتاريخها، وكانت بالأمس مبنية للمجهول.. لكنها تطورت وتغيرت واقتسمت الثروة بشكل عادل، ليستفيد منها الوطن بشكل عام وأبناء الوطن.

إذا تحدثنا فقط عن إمكانيات المغرب البسيطة فيما يخص بعض المجالات والقطاعات الحيوية، فالأمر سيجعلك تشعر بالغبن والسخط والعار.

من منا لا يعرف واقع الصحة المؤسف..؟ الحديث فقط عن أقسام المستعجلات سيتطلب منا مجلدا..

من منا ليس على اطلاع بوضعية التعليم السائر في طريق الهاوية والأجور الهزيلة وحقارة الحد الأدنى للأجور مقارنة بمستوى المعيشة والتضخم؟

من منا لم يعان من وسائل النقل المهترئة..؟

من منا راض عن خدمات الإدارة المغربية وجودة البنيات التحية..؟

نواقص كثيرة.. وعيوب مختلفة.. تتطلب منا نقدا ذاتيا موضوعيا..

علينا أن نتطلع لمستقبل أفضل وتغيير رؤيتنا لتنمية الوطن...

فمن يرى المغرب من السماء يخرج بخلاصة واحدة مفادها.. المغرب يسير بسرعتين؛ وحتى لا أخون المعنى حرصت على استعمال المصطلح الفرنسي الذي يجسد ما أريد تصويره.

Le Maroc à deux vitesse..

والأخطر أن كلا السرعتين مختلفتين.. سرعة لا تتجاوز 20 كيلومتر وهي المغرب الآخر الذي يُحزن كل المغاربة الأحرار... ثم مغرب ثانٍ يتجه بسرعة تتجاوز 100 كيلومتر، وهنا الحديث عن مغرب القطار السريع TGV والترامواي ومطار مراكش ومشروع الطاقة الشمسية..

منذ سنوات ونحن نشخص واقع المغرب.. منذ سنوات ونحن نحاول إزالة الغبار عن مغرب "المزوق من برا أش خبارك من الداخل"..

منذ سنوات وملك البلاد يخطب غاضبا.. وينتقد عمل السلطة الإدارية والمنتخبة.. يتوصل بتقارير عن الاغتناء الفاحش وسرقة الثروات بدون رقيب ولا حسيب...

منذ سنة 1994، وللمرة الخامسة، ونحن نحاول تنظيم كأس العالم.. لكننا نقدم مقترحات تنموية على الورق وأفلام مؤسساتية مغرية.. وبمجرد صدور النتائج.. نعود أدراجنا وتتبخر المشاريع والاستثمارات التنموية التي كانت مبرمحة.. وتختفي الميزانيات..

حان الوقت لنستفيد من الدروس السابقة.. حان الوقت لصناعة مغرب جديد حقيقي.. بعيدا عن مغرب الشعارات ومغرب لغة الخشب.. ومغرب العام زين.

حديثنا وتعبيرنا وتشخيصنا للوضع.. نابع من غيرتنا على المغرب..

حقا.. لا نريد من الوطن أن يأكل أبناءه.. ولا نريد منه أن يُلدغ من الجحر 6 مرات..