السبت 27 إبريل 2024
كتاب الرأي

الحسن زهور:شطحات الوزير الداودي تدخل في خانة النفاق السياسي او " تدويخ" المواطنين

الحسن زهور:شطحات الوزير الداودي تدخل في خانة النفاق السياسي او " تدويخ" المواطنين الحسن زهور
ما قام به الوزير لحسن الداودي، بمشاركته في احتجاج عمال شركة سانترال امام البرلمان نتيجة الضرر الذي لحقهم، هي خرجة سياسية تستدعي الكثير من الملاحظات التي يجب أن لا تمر دون الإشارة إلى أضرارها و نتائجها السياسية السلبية.
ان يحتج السيد الداودي كمواطن مغربي و يشارك في احتجاجات عمال تضرروا بسبب المقاطعة فهذا حق مشروع تضمنه له حقوق المواطنة و لا مؤاخذة على ما قام به للتعبير عن رأيه الحقوقي و السياسي، لكن ان يشارك المحتجين أمام البرلمان، وهو ما يزال يحمل مسؤولية رسمية و سياسية كوزير فهذا ما لا يقبله الفكر و العمل السياسيين.
فان يحتج السيد الوزير مع المحتجين أمام البرلمان على الحكومة التي هو وزير فيها شيء يثير السخرية لأن أولى أبجديات العمل السياسي في البلدان الديمقراطية التي تحترم شعوبها أن يقدم الوزير المحتج استقالته لكي لا يتحول العمل السياسي الى مسرحية سمجة تضر بالنظام الديمقراطي.

و لفهم مشاركة السيد الوزير في الاحتجاج باعتباره شكلا من أشكال المعارضة على الحكومة الذي هو طرف فيها لا بد من ربط هذا الحدث بالعمل السياسي و الفكر الإيديولوجي لحزب العدالة و التنمية الذي يقوم على الازدواجية السياسية التي لا ترى حرجا في الجمع بين ممارسة العمل الحكومي و بين ممارسة المعارضة في نفس الوقت، الشيء الذي يتعارض و النظام الديمقراطي. هذه الازدواجية هي ما يطبع العمل السياسي لهذا الحزب، و هو ما نراه في الكثير من المواقف السياسية التي يصبح فيه هذا الحزب ممسكا برئاسة الحكومة و في نفس الوقت يتبنى مواقف معارضة في البرلمان و في التجمعات الخطابية الأخرى كأنه حزب معارض و هذا يدخل في خانة النفاق السياسي او " تدويخ" المواطنين. و آخر صورة له هو الخروج الإعلامي الأخير للنائب البرلماني السيد عبد الله بوانو ينتقد فيه بحدة عمل و تقرير اللجنة النيابية حول أسعار المحروقات مع انه هو رئيسها و اعدت تحت رئاسته تقريرا حول مهمتها، فهل نحن "مداويخ" الى هذه الدرجة( فما قام به عمال سنطرال المحتجون من طرد السيد الوزير من وقفتهم الاحتجاجية هو وعي متقدم لأن مهمة الوزير هي إيجاد الحلول و ليس الاحتجاج على نفسه).
لندع المرتكز السياسي و الإيديولوجي المتحكم في هذا الحدث لنسائل السيد الوزير عن مبعث هذا التعاطف الكبير مع المحتجين من عمال سنترال امام البرلمان( و هذا حق مشروع لهم) و لماذا بالضبط المشاركة النضالية و العاطفية للسيد الوزير مع عمال شركة سانطرال المتضررين؟
و السؤال يقودنا إلى سؤال آخر يطرح على السيد الوزير باعتباره وزيرا لكل المغاربة وهو : ما سبب الاختفاء السياسي للسيد الوزير عن حدث احتجاجي قام به عمال و كوادر شركة " سامير" بسبب توقيفها عن الاشتغال مما مس قطاعا حيويا و استراتيجيا لبلدنا وهو قطاع تكرير النفط الذي توقف كليا و تضررت منه الأف الأسر المغربية؟
ثم لنعرج قليلا إلى الجنوب الشرقي من وطننا لنوجه بصر و بصيرة السيد الوزير الى صمته و اختفائه السياسي عن مأساة عمال منجم اميضر بعمالة تنغير الذين اعتصموا هم و سكان اميضر اربع سنوات قرب منجم الفضة الذي تحتضنه بلدتهم احتجاجا على استغلال الشركة للموارد المائية و الإقتصادية وتهميشهم من حقهم في العمل و التنمية في وقت تحتضن قريتهم اكبر منجم فضة بافريقيا.
من حق السيد الداودي الإحتجاج كما يحتج المتضررون و لن نصادر حقه في الإحتجاج لأنه حق من حقوق المواطنة كمغربي، لكن ان يحتج و هو ما يزال يلتحف عباءة الوزير على حكومة هو وزير فيها فهذا ما لا تقبله التقاليد الديمقراطية التي لا تقبل الجمع بين الحكم و المعارضة لان الجمع بينهما صفة ملازمة للأنظمة اللاديمقراطية حين يوهم الحزب الحاكم الجماهير / الرعية بانه في صفها و هو يمارس عليها ديكتاتوريته.
يقول المثل الامازيغي" سين ئسان غ تاكوست ؤر تنمالان" بمعنى حصانان لا يجتمعان في رباط واحد، اي لا يمكن الجمع بين الشيء و نقيضه في نفس الوقت.
                                                                     - الحسن زهور، باحث ومحلل سياسي