السبت 20 إبريل 2024
مجتمع

الباحث الزياني: تفشي "شرع اليد" تعبير عن ضعف المؤسسات الدولاتية

الباحث الزياني: تفشي "شرع اليد" تعبير عن ضعف المؤسسات الدولاتية بوشتى الزياني، باحث في علم الإجتماع

قال بوشتى الزياني، باحث في علم الإجتماع تعليقا على شريط الفيديو الذي راج خلال هذا الأسبوع في شبكات التواصل الإجتماعي والذي يظهر فيه مجموعة من الشباب الملثمين يحملون عصيا، في منطقة خلاء ويمارسون عنفا جسديا ولفظيا على خمسيني وشابة، بدعوى أنهما يمارسان الرذيلة والإفطار العلني في رمضان، إن هذا الحادث لا يمكن فهمه وتفسيره، إلا بربطه بأحداث مماثلة سابقة شهدها المجتمع المغربي، مضيفا أنه ليس الحادث الأول من نوعه، بل سبقته حوادث مماثلة في عدة مدن مغربية، حتى أصبحت تنعت مثل هذه الأحداث " بحكم شرع اليد"، أو " قضاء الشارع"، الذي يشير إلى أخذ الفرد أو الجماعة لحقه بيده، مما يطرح للنقاش من جديد إشكال الدولة المدنية، فقضاء الشارع – يضيف محاورنا - هو تعبير عن ضعف المؤسسات الدولاتية وهو ضعف أو غياب له ثلاثة مظاهر:

أولا: تعبر هذه الظاهرة عن ضعف مؤسسات الدولة، وعدم قدرتها على توفير الحماية للمواطن وتطبيق القانون، والتدخل في الوقت المناسب، فإذا كانت الدولة كمؤسسة لها وظيفة فرض القانون وحماية الحقوق والحريات الفردية والجماعية واحتكارها للعنف المشروع داخل فضائها العام، فإن غياب أو ضعف مؤسساتها يؤدي إلى فراغ يسمح باستمرار هذه الظاهرة التي تنتمي إلى ما قبل الدولة المدنية، فمثلا كان يتم قتل اللصوص بشكل جماعي بالأسواق الأسبوعية أو المواسم دون محاكمة (شرع يد الجماعة)، لذلك تتناقض مثل هذه الممارسات مع طبيعة الدولة القائمة على الحق والقانون كما دافع عنها مجموعة من الفلاسفة.

ثانيا: تعبر عن غياب فكرة الدولة في البنيات الذهنية لدى كثير من الفئات الاجتماعية، فكثير من الأفراد والجماعات يعيشون داخل الدولة بيد أنهم خارج إطار الدولة، إما أنهم أفراد لا توجد لديهم فكرة القانون في أذهانهم نتيجة التهميش الذي تعرضوا له (اقتصاديا وتعليميا)، وإما أنهم يريدون العودة بالمجتمع إلى نموذج متخيل للإسلام، مما يجعلنا أمام فكر ينافس الدولة على مشروعية السيطرة على الفضاء العام وطلب الطاعة، هذا الوضع يدل بشكل واضح على مقاومة لقيم الحداثة السياسية، التي لم تخترق كل بنيات المجتمع نتيجة تهميش كثير من المناطق وفشل المنظومة التربوية، التي تعيد إنتاج قيم وعلاقات ما قبل الدولة المدنية.

ثالثا: ترتبط أحداث قضاء الشارع أو شرع اليد غالبا بطابو الجنس، إذ غالبا لا يستيقظ الضمير الأخلاقي لهؤلاء إلا عندما يصادفون فتاة بلباس معين، أو مثلي الجنس أو رجل وامرأة في الفضاء العام، ويحاولون القصاص منه مدافعين عن حقوق الله، وهذا لا يعني بالضرورة أنهم ضد هذه السلوكات بل إنها تعبر عن نوع من السكيزوفرينية يعيشها الفرد المغربي، في علاقته بالجنس والتدين، أي تناقض السلوك الفردي الخفي مع التمثل الجماعي الظاهر.

وفيما يتعلق بالألفاظ النابية بالفيديو أوضح الزياني إنه يمكن توضيح ذلك من اعتبار سلوك شخص يمر من أمام المسجد أثناء الصلاة عاديا في حين يستيقظ ضمير حراس الأخلاق - بما فيهم غير المواظبين على الصلاة وغيرها من الطقوس الدينية - عندما يشاهدون شخصا يفطر في رمضان حتى وإن كانت له رخصة دينية، وهذا يعبر عن نزوع السلوك الديني لهؤلاء نحو إسلام طقوسي جماعي يرتبط بالتدين الجماعي أكثر مما يرتبط بالبعد الروحي الفردي والتقرب من الخالق في إطار علاقة خاصة وفردية.