الأحد 19 مايو 2024
سياسة

الشاعر عدنان: أدعو للتصويت على فيدرالية اليسار الديموقراطي

 
 
الشاعر عدنان: أدعو للتصويت على فيدرالية اليسار الديموقراطي

لم أشأ الخوض في هذه "الكوميديا الحيوانية" - على حد وصف رواية "هوت ماروك" - والمرتبطة بالانتخابات التي تعرفها البلاد في 7 أكتوبر، خاصة وأن مغاربة العالم مقصيون من المشاركة السياسية في مصادرة ظالمة لمواطنتهم واستخفاف تامّ بالدستور. لكنّني أخشى أنَّ البعض اليوم يتحامل على حزب العدالة والتنمية وهو يتهمه بالنزوع إلى أسلمة المجتمع وتهديد الحريات الفردية، ويخوّف الملكية منه مفتعلًا بذلك نقاشا غير ذي موضوع. فالملاحظ النزيه لن يجد في مواقف البيجيدي بهذا الخصوص إلا إشارات الولاء، بمبالغة فجّةٍ أحيانًا، حدّ التراجع عمّا جاء به دستور 2011 من وعود ديمقراطية على مستوى فصل السلط وبناء دولة المؤسسات. وإذ أجد نفسي على طرف نقيض مع حزب العدالة والتنمية فليس لأنه حزب إسلامي، ولا لأنه يهدّد استقرار البلد كما يروّج البعض، ولكن ببساطة لأنه تفّهَ أحلامنا وخان الأفق الديمقراطي الذي فتحنا عليه دستور 2011 على محدوديته، وأيضًا لأن الحكومة التي قادها ألهتنا بشعاراتها الشعبوية الطنّانة قبل أن تفاجئنا بارتداء وزرة التلميذ النجيب لصندوق النقد الدولي لتمارس على الطبقة الوسطى في المغرب سياسات نيوليبرالية متوحشة: الإجهاز على التعليم العمومي والصحة العمومية، بمحاربة رجال التعليم والطلبة الأساتذة كما الأطباء والطلبة الأطباء، فيما لم تتردد في مجاملة رجال الأعمال والمستثمرين بمختلف أنواع الإعفاءات الضريبة، وغض الطرف عن المفسدين وسراق المال العام برفع شعار بنكيران الشهير (عفا الله عما سلف). لذلك أعتقد أن التصويت العقابي ضدّ هذا الحزب قد يكون أجدى من خيار المقاطعة. لكن مرة أخرى، أتفهم الوضع الحرج الذي يجد فيه عموم المغاربة أنفسهم وهم لا يجدون بدائل حقيقية أمامهم. فهل نعاقب حزبا له مع ذلك حظ من المصداقية والتجذر الشعبي واستقلالية القرار لكي نصوّت على أحزاب ليست أكثر من هولدينغات سياسية للأعيان ورجال المال والأعمال؟ هل نعاقب البيجيدي بالتصويت لصالح مرشحين مدراءُ حملاتِهم الانتخابية الحقيقيون هم رجال السلطة وأعوانُها؟ لذلك، وللخروج من وضعية "الأحلى الأمَرّ"، ولكي لا نبقى حبيسي الاختيار المؤسف بين اليمين النيوليبرالي المُتسربل بالإسلام، واليمين المخزني المتشدِّق بشعارات الحداثة، أرى أنه آن الأوان لكي نيمّم يسارًا. لا لنختار حزبا قد يحكم. فهذا مطلبٌ دونه خرط القتاد، ولكن في الأقل لنقوّي معارضة جادّة وحقيقية. من أجل أن يظل للممارسة السياسية بعض المعنى، أدعو للتصويت على فيدرالية اليسار الديموقراطي. تشبثا منّي بالسياسة كممارسة لموقف ممانع يطمح لإقامة مشروع مجتمعي بديل وبشكل ديموقراطي مستقل بعيدا عن "الكوميديا الحيوانية" التي يشهدها "مغربنا الساخن".