بتجريد عن حدود الزمان والمكان، ليس هناك من تشخيص نفسي إلا وأثبت بديهية طبع الإنسان "العادي" المنحاز إلى الرضى بألطف الأقدار، والنفور من أسوئها. إلا أن البادي كون الشيخ عمر بنحماد، نائب رئيس حركة التوحيد والإصلاح، وبرغم صدمة المباغثة التي تلقفته وهو في عز متعته مع الشيخة فاطمة النجار، وانتشرت تبعاتها انتشار ضغينة التشويش على طهارة إسلام المغاربة في نفوس المقنعين به، قد كان لها نصيب من النتائج الإيجابية عليه، وربما تجد مؤداها في قول الإمام الشافعي "جزى الله الشدائد كل خير، أبانت لي صديقي من عدوي".
وحتى إذا كان هذا الداعية يقر بأن أعداءه كثر إلى درجة استحالة عدهم، فإن اجتهادات بعض الفايسبوكيين حاولت تقصير المسافة ومد يد المساعدة لشيخنا لدله على شخص تبين بالملموس تخلفه عن تدخل استباقي كان بمقدوره تجنيب المتورط ملابسات تلك "الشوهة"، خاصة وأن له كافة الإمكانيات لفعل ذلك. وبالمختصر المفيد، ليس هذا المكشوف عنه سوى نبيل بنعبد الله، وزير الإسكان والتعمير، الذي لم يكن من الصعب عليه توفير "برتوش" للرجل ومرافِقته من أجل إبعادهما عن العيون، وتجنيبهما التوجس من أنظار تحسب أنفاسهما قبل اقتحام خلوتهما دون استئذان.
وتأسيسا على هذا المعطى، لم يجد مبحرو الفضاء الأزرق، في إطار مؤازرة بنحماد التطوعية دائما، عذرا للوزير بنعبد الله الذي ومنذ تقلده المسؤولية الحكومية رفع شعار "محاربة السكن العشوائي"، لكن تأكد إخراجه لعينة أشد "تحنسيرة" ممن يسكنون القصدير من مخططه، وهم المستغيثون بسياراتهم لتقوم بمَهمة لم توجد لأجلها. مما نتج عنه ردة فعل قوية بلغت حد مطالبته بالإستقالة، ووضع "سوارت" الوزارة جانبا ثمنا لتخليه عن تسليم مفاتيح غرفة لناصح بحت حنجرته بأن "الخير في المساعدة، والبيوت مصدر السعادة".
ولعل من مكر الصدف، يعلق آخرون، أن الوزير الذي "خوى بالشيخ" في أصعب المواقف، واتُهم بـ"عدم تقديم المساعدة لشخص في حالة حرجة"، رجلا متفتح التوجه وليس في حاجة لإقناع أو مجرد تلميح لما كان يستوجب فعله بمبادرة تلقائية، مع أنه كان سيحظى بدعوات من فمين لطالما رطبت ألسنتهما بذكر الله وخصال الرسول مع السلف الصالح الذي كان له الفضل في أن نعلم أن هناك ما يفيد قول: "من أصيب بالقاذورات فليستتر بستر الله.. ومن يبد لنا صفحته نَقِم عليه كتاب الله".
هي إذن وصمة عتاب ستظل على جبين بنعبد الله من بنحماد، ووحده الله يعلم إن كانت قد أغنت خزان الدروس الدنيوية التي تلقاها في الفصل الأخير من مرجع "الصديق عند الضيق"، أو يفكر في أن يدمجها ضمن برنامج دعوي يتغيي بأن الدال على الخير كفاعله بعد تدني نسبة اتباع مورديه لنصيحة "إفعل ما أقول، ولا تفعل ما أفعل"، وبالتالي، الحث على اتباع نهج "شرح ملح" بعنوان "عيبنا واحد".
ولو أن موضوع هذا التصادم رجالي صرف بين لحية "أصولية" وشارب "ستاليني"، فإنه لا يستثني وإن ضمنيا الطرف الثاني الخاسر في القضية كجنس أنثوي. وحتما، فإنه لا يطلق على الذقن شعيرات ولا ينبث "موسطاش"، فقط، وفق تصنيف أحد المعلقين، ينتمي لجناح صاحبات "الجلالب والقوالب"، الذي يضم فاعلات، مناضلات، نشيطات، متمرسات، و"خِبرة" أيضا. ومن هذا المنطلق جر بنعبد الله عليه كذلك استياء فئة أخرى من الجنس اللطيف، وهو المعروف بحسه الدبلوماسي الذي يحرص، قدر الإمكان، على إخراج "شوكة قراراته بلا دم".
وعلى ذكر شريكة بنحماد في الفضيحة و"الحصلة" فاطمة، يُرجح أن يكون لها وقع مؤثر في إذكاء حنق بنحماد تجاه الوزير، وليس ببعيد أنها الضاغطة رقم واحد على زميلها الدعوي للاتصال بمحاميتهما من أجل التحضير لإجراءات عقد القران حسب ما يحكى، ليس نزولا عند مقتضيات الشرع أو امتثالا لسنة الله ورسوله، طالما أن تجربة الحادث ستعلمهما المزيد من حيل التخفي، وإنما نكاية في الوزير حتى يكتسبا حق تسجيل الآتي من الأبناء بـ"الفور يا الشيفور"، بل والتفنن في تسميتهم بألقاب مؤرخة ومستفزة، من قبيل "البرتوش" و"القبوس" ولِما لا "لوكال".