الأحد 24 نوفمبر 2024
منبر أنفاس

يحيى عمران:فصل المقال بين شرعية الزعامة و"زعامة الشرعية" منيب، العماري أنموذجا

يحيى عمران:فصل المقال بين شرعية الزعامة و"زعامة الشرعية" منيب، العماري أنموذجا

في حمأة الصراع ،أو لنقل الجدال السياسي والإعلامي المفتعل الذي تدور رحاه الآن بسرعة قياسية ، خصوصا بعد استضافة موقع بديل للسيد إلياس العماري أمين عام الاصالة والمعاصرة ، رجل الدولة، حديث زمانه، وما صاحب هذا الحدث من ردود افعال باردة متزنة من لدن السيد إلياس حول ما قالته الزعيمة التاريخية السيدة نبيلة منيب عنه ، وعن التشكيك في كفاءته المعرفية وقدرته على تدبير شأن السياسات العمومية للشعب المغربي، من جهة، وتحفظات بل تشكيك قطاع واسع من انكشارية شبيبة الاشتراكي الموحد في توقيت الاستضافة، والتوجية المسبق المدبر للأسئلة، التي سنحت لامين البام أن "يتبورد" ويعزف، على نقيض خصومه ومنتقدته السيدة نبيلة، يعزف معزوفة الفقر على الاوتار الحساسة للمغاربة والمتتبعين، ليسجل النقط ويظهر بمظهر الرسول الامين المبعوث من السماء ،لانقاذ العالم وتخليص الشعب المغربي من كل همومه ومشاكله ،المثقلة بلامبالاة الحكومات السابقة ،وتخطيط المخزن، والتدبير المبيت من لدن الاسلام السياسي في شخص حزب العدالة والتنمية.
فاستطاع بذلك تأليب الرأي العام الوطني ضدها ، وإعطائه الفرصة لشرعنة انتسابه إلى الأسر المهمشة التي لم تنل حظ التعليم، وهذا موضوع آخر فيه ما فيه، محملا الدولة مسؤوليتها في الأمر ومشرعنا ايضا انتسابه الى الاسرة اليسارية في مجموعة المستقلين اليساريين.
مياه هائجة مرت تحت الجسر، وربما قد كان الرجل فرحا لإرسالها لمن يهمهم الامر عاجلا او آجلا.
بعيدا عن فتح رشاش الاحكام المسبقة،و رشق الاعلام بالاتهامات المجانية، يبدو ان الزعيمة الشريفة والمناضلة الشعبية ،الشرعية الغيورة، والمصادق عليها بين كل الاحزاب ، حتى المخزن نفسه سقطت في فخ مخالب المخزن ومن والاه من العماريين والماجديين ... عبر اقوال وسلوكات لا يمكن التوقف عندها لانها صغيرة صغر حجم من يريدون لها ذاك، ويحاولون الزج بها في بئر سحيقة لايعرف لها قرار، مثلما وقع مع عدد من الذين كانوا محسوبين على اليسار وما ادراك ما اليسار. وعسى اللعبة تنجح مرة اخرى مع امراة حديدية تتسم بالغرور السياسي والانفعالية الزائدة، التي اختارت، رغم قدومها من اسرة ميسورة الارتماء في احضان الاسرة اليسارية الشعبية المهمشة المهضومة الحقوق والمحاصرة من الداخل والخارج. دون ان تختار ان تكون من خدام الدولة بمفهوم المفكرين الجدد حصاد وصديقه.
نعم نجحت رجاحة العقل للزعيمة نبيلة منيب؛ الأمينة العامة للحزب الاشتراكي الموحد، وخرج الحزب رابحا من هذا الضجيج الإعلامي حتى وإن كان البعض وضع نظاراته السوداء، وشرع في جلد الذات، والإعلان عن فقدان الثقة في الزعيمة وتقلص حجم قاعدة القواعد والمتعاطفين.
الصراحة في تقديري الخاص، ربح الاشتراكي الموحد عن غير وعي، و على حساب الشخصية الجدالية التي اضحت حديت صباح ومساء كل فاعل سياسي صغير أو كبير، يميني او يساري او إسلامي.. والشاهد على هذا هو ما بات يعرف قبيل الانتخابات التشريعية وفوز البام بانتخابات الجهات، ظاهرة "موسم الهجرة نحو البام" ، وليسمح لنا المرحوم الطيب الصالح على هذا التناص المجروح.
ما كان لنبيلة منيب ان تستعجل به، أمام هذا الانتصار، ممارسة الفعل السياسيي المتزن القائم على التروي والاناة ، والابتعاد عن الانفعالات والعواطف الجياشة، وتقديم نموذج على صدق المصطلح الذي نحتته في الفعل السياسي المغربي المعاصر،" البؤس السياسي".
مثلما كان عليها التواضع وتقديم الاعتذار لمتتبعي الموقع وعناصر هيئته لنيل تعاطف اكبر وتمديد اوسع للقواعد والمخلصين والمتعاطفين ، باعتبارهم مشاريع مناضلين. والاستماع او التشاور مع الكوادر والكفاءات الكبيرة التي يعج بها الاشتراكي الموحد.
دون ان تبقى على عنجهيتها ورعونتها" حيت انا تنقول كلام واعر" وتفكر في الربح والخسارة للرأس مال الرمزي للحزب. فالحزب ليس لها، او غرقة من غرف بيتها الخاص، بل هو إرث مشترك بين جميع المنالين والمناضلات. فندعوها، دعوة الصغير الى الكبير، ان تتخلى عن مقولة "انا وحدي نضوي لبلاد". وتبقى في نظر المغاربة والخصوم والفرقاء والقواعد والاعلاميين خصوصا الجبل الذي لا يهزه ريح.
ولا تسير وفق نهج لا يلائم زعيمة الزعماء، مثلما صنعت في ندوة العرائش إذ رفضت المشاركة بعلة أنها غير مستعدة لتبييض وجه "فاسد"، وتقصد وجه المصطفى المريزق، قيادي حزب "الأصالة والمعاصرة"، الذي كان مقررا أن يجلس إلى جانبها على منصة واحدة في الندوة، قبل أن تتهم المنظمين، بالمتاجرة بصورتها، بعد أن وضعوها على ملصق خاص بالإشهار عن الندوة، وحين أطلعها الموقع على كون المنظمين أعدوا لها هدية، قالت منيب: "غير يزيدوها فيهم". او حيناعتبرت في حوار مع موقع "الأول" حركة "أمل" مشروعا مخزنيا مواليا لحزب "البام".
المطلوب ان تحافظ المرأة الحديدية المناضلة على توازنها واتزانها وتفطن بلين ورفق للمخططات الدائرة بمحيطها، خاصة انه من حقها ان تغضب وتزبد وترغد لكن داخل قواعدها وامتداداتها الشريفة المناضلة.
ما على الرأي العام المغربي والدولي أن يطلع على معطياته، هو أن الزعيمة الشرعية التي تجدد لها الولاية للمرة الثانية ، لما قدمت للاشتراكي الموحد من إشعاع وأضواء وبريق على قلة وسائله المادية والتقنية واللوجيستسكية التي تقدم لباقي احزاب الدولة، يسارا كانت او يمينا. في وقت يفتخر باحتضانه للشرفاء والكوادر والمناضلين والأطر والدكاترة والأكاديميين والباحثين والجامعيين ، والأهم من هذا وذاك المخلصين للشعب والوطن والامة،و الوطنيين الاحرار.
أنهي إلى أسماعكم وأسماع قرائي الأعزاء إن المرأة الزعيمة تحمل مشروعا تسميه الخط الثالث. ماذا تقصد بالخط الثالث؟؟
تقول إن مشروع الخط الثالث، الذي يهدف إلى إرساء الدولة الديمقراطية الحديثة، متناقض مع المشروع المخزني الرافض للديمقراطية والمتردد دوما أمام الإصلاحات التي لم تعد قابلة للانتظار ومتناقض مع المشروع الأصولي، الذي أبانت الانتخابات السابقة لأوانها التي نظمت، بعد اندلاع الربيع العربي، نهاية 2010 و2011، على قدرته التعبوية الكبيرة، نظرا لاستفادته من الوضع الاجتماعي المتأزم والناتج عن أنظمة مستبدة، عملت على التفقير والتجهيل، عمقت الفوارق وسهلت على التيارات الأصولية، الظهور كحاملة لتطلعات الشعوب في التغيير.
فهو اذا خط ثالث ضدا على القطبين المتنافرين بالمغرب: خط الاصولية الدينية التي تغلغلت في أوساط قطاعات واسعة من المملكة، فاتاحت لها شرعية الصناديق شرف تحمل المسؤولية وتقلد المناصب الحكومية. في وقت كانت في وضع الارتياح التام بعيدا عن اكراهات الشارع، وحركاتها الاحتجاجية ، غير مطالبة بتاتا بضرورة اصلاح المدخل الدستوري.
فنحن اذا نتحدث عن تيار محافظ، دائما حسب نبيلة منيب، متأسلم سياسي اجتماعي اقتصادي، لا يحمل رؤى واضحة لمستقبل الشعب، محكوم برواسب المساجد والزوايا في تدبير الشان العام، يفتقد الى الحنكة والتجربة السياسية. والغريب انه يتبنى نهج الراسمالية المتوحشة.
أم الخط الثاني؛ فهو الذي يقدم بطاقته التعريفية من تجميع المشتت من الفارين والغاضبين من تيارات أخرى، و يعلن عن نفسه من تلحيم للمجزء المقسم من تعبيرات وتلوينات رأى فيها أنها ستعزز مشروعيته الوجودية وهويته السياسية. يفتقد الى الشرعية التاريخية والمرجعية.
هو قطب اذا صنع، مثلما صنعت أقطاب أخرى منذ بداية الاستقلال( الفديك مع رضا اكديرة..)
من طرف مؤسسات المخزن لحماية مصالحه والحفاظ على امتيازاته الدستورية والاقطاعية وسلطته اللا محدودة. قطب يقدم عبره السيد إلياس العماري، انه قطب حداثي جاء لمواجهة الإسلاميين، يكا فح من اجل قيم الديمقراطية وحقوق الانسان..
"من هنا تبرز راهنية المشروع الذي نحمله" تقول: مشروع الخط الثالث الذي نناضل من أجله وضرورة التعبئة حوله، مشروع يؤمن بتحرر الإنسان وقدرة الشعب على تدبير الشأن العام وعلى ممارسة السيادة الشعبية، وعلى التداول السلمي على السلطة وعلى العمل على ضمان التوزيع العادل للثروة وتحقيق العدالة الاجتماعية وتحقيق المواطنة الكاملة".
فصل القول، لقدوقع ما لم يكن في الحسبان، بفعل فاعل مدبر استراتيجي، خرج البيجيدي من الحساب، ورمي به بعيدا. لانعلم كيف، غير أن ما نعرفه إن "الحب المخزني" قد يقفز عن التاريخ قبل الجغرافية.