سبق لنا أن وقفنا على عينة من تدوينات الفضاء الأزرق لمدرسة عمربن الخطاب للتعليم العتيق بطنجة، في سياق إسقاط الأصولية للحالة التركية على المغرب خدمة للأفق الانتخابي للحزب الحاكم.
وقد ختمنا هذا الرصد بالقول: " سنرى بأية ثقافة ستتعاطى الوزارة المعنية، ليس فقط، مع غربة التعليم العتيق في هذه النازلة، مع ظاهرة المعارضة الدينية لمرجعية إمارة المؤمنين، والمتعاظمة من بوابة هذا التعليم.سنرى!".
وكما لاحظ القارىء، فقد نحتنا عنوان هذا الرصد من هذه الخاتمة: "حتى لا يتحول التعليم العتيق الى ماكينة لصنع المعارضين لإمارة المؤمنين".
ومن جملة هذه الملاحظات أن تسيب بعض الخطباء - كما رصدنا في الشمال مؤخرا- لهم ارتباط بالتعليم العتيق؛ إما كمدرسين أو خريجين. من ذلك؛ فؤاد الدكداكي وعبد الكريم القلالي ويونس السباح وادريس العلمي ومصعب الغزاوي..
اليوم سنقف على ما هو أعمق من هذه الملاحظات، من خلال تتبع ظهور آليات تنظيمية لتأطير هذه المعارضة الدينية الصاعدة، من إدارة الشؤون الإسلامية.
1-تتمثل الآلية التنظيمية الأولى في حركة التوحيد والاصلاح من خلال"جمعية طلاب ومحبي التعليم العتيق للتربية والثقافة بطنجة".حيث تنظم لقاءات تواصلية ودورات تكوينية ومسابقات قرآنية بمؤسسات التعليم العتيق، بالإضافة إلى المحاضرات والندوات.. وقد سبق لنا في " أنفاس بريس" أن تتبعنا خبر مشاركة المندوب الجهوي للشؤون الاسلامية بطنجة..في ندوة هذه الجمعية حول التعليم العتيق، وخبر تدخل وزارة الأوقاف لإلغاء مشاركته في هذه الندوة، لأنه ترجح لديها انتظام باطنها، في مناهضة قرارأمير المؤمنين بمراجعة مناهج ومقررات التربية الدينية.
وكانت هذه الجمعية تروم من خلال المشاركة العلنية للمندوب الجهوي للشؤون الاسلامية بطنجة، ولعضو المجلس العلمي بالمضيق، وهو مرشد تربوي للتعليم العتيق، في هذه الندوة، تعبيد الطريق السيار لمشروعية تغلغلها في أوساط التعليم العتيق بجهة طنجة -تطوان -الحسيمة.
لكن ما هو جدير بالانتباه، أن هذه الجمعية الفتية، التي حصلت على وصل الإيداع النهائي في 27 يناير 2016،عقدت اجتماعها في الشهر الموالي مع المندوب الجهوي؛ حيث وضعته في صورة برنامجها السنوي. وتضيف صفحة هذه الجمعية على الفايسبوك، أنه تم"التنسيق مع المندوبية الجهوية بشأن تنزيل المرحلة الاولى من البرنامج السنوي2016".
من هنا تكون ادارة الشؤون الإسلامية بطنحة، متورطة في مباركة كل مراحل تنزيل رهانات حركة التوحيد والاصلاح،في التعليم العتيق.
2-وتتمثل الآلية التنظيمية الثانية في الوهابية المغراوية،من خلال نادي ابن ابي زيد القيرواني بكلية أصول الدين بتطوان،حيث نقرأ على صفحة مدرسة عمر بن الخطاب للتعليم العتيق،بالفايسبوك،ما يلي : "صبيحة اليوم الأحد 29 مارس2015، تشرفت مدرسة عمر بن الخطاب للتعليم العتيق بطنجة، بزيارة قام بها السيد المندوب الجهوي للشؤون الإسلامية، بجهة طنجة تطوان،الدكتور محمد السعيد الحراق، رفقة وفد من طلبة كلية أصول الدين بتطوان، من تنظيم نادي ابن أبي زيد القيرواني، تخللتها زيارة لمرافق المؤسسة،مع كلمة توجيهية تربوية ألقاها السيد المندوب.
وقد التحق بهذا الجمع الكريم، فضيلة الشيخ محمد احمامو،وفضيلة الشيخ محمد السعيدي الجردي.
واختتمت الزيارة بتسليم تذكار للسيد مدير المدرسة،من طرف نادي ابن أبي زيد القيرواني".
للتذكير فالشيخ احمامو الوارد في هذه التغطية هو المشرف على مدرسة التوبة للتعليم العتيق بطنجة، وهو من أبرز وجوه السلفية/الوهابية بطنجة كالشيخ محمد الجردي الذي سبق ان اعتبر الديموقراطية صنما، يجب هجرها كالرجز، وهو يفسر سورة المدثر في مناسبة دينية بحضور المندوب الجهوي ..وقد وقفنا في " أنفاس بريس"، في إبانه على هذا التسويق للفكر الداعشي في مناسبة رسمية!
ما يحصل في الشمال من صناعة للمعارضة الدينية من داخل التعليم العتيق، من خلال هذ الآليات التنظيمية للحركة الأصولية الإخوانية منها والوهابية، قد نجد لها في مناطق اخرى مسميات مغايرة، لكنها في الجوهر هي لنفس النبع ونفس الرهان.
لكن الملفت للنظر في هذه الصناعة المركزة، هو مباركة إدارة الشؤون الاسلامية لها. قد يكون الوعي الشقي وراء ذلك، وقد يكون الوعي المقلوب لمفهوم "التواصل".
في كل الأحوال ما كان لهذا الانفلات الإداري أن يتسع - حسب من أحطناهم من المتتبعين بهذا الإشكال- لو لم يكن أصل الداء في الأصولية الموجهة لمديرية التعليم العتيق بوزارة الأوقاف. وتلك قصة أخرى !
الحراق، مندوب الشؤون الاسلامية بطنجة، تحتفي به جمعية طلاب التعليم العتيق
