Thursday 8 May 2025
سياسة

من ينقذ هذا الشعب الذي يجد اليوم نفسه وجها لوجه مع الأصوليين؟

من ينقذ هذا الشعب الذي يجد اليوم نفسه وجها لوجه مع الأصوليين؟

لا أحد يملأ الساحة السياسية اليوم غير الأصوليين، السلفيين الجهادين التكفيريين والإخوان.

هذه هي الحقيقة المرة التي يشهدها واقعنا اليوم على إيقاع الاستحقاق التشريعي القادم.

إننا حين نتأمل المشهد العام منذ الاستقلال إلى اليوم نجد أن الذي كان يقود معركة البناء الديموقراطي هو اليسار مشكلا من الاتحاد الاشتراكي كامتداد للاتحاد الوطني للقوات الشعبية، ومن حركة اليسار الراديكالي التي انبثقت خلال بداية سبعينيات القرن الماضي. وحتى حين كان يشتد القمع بالسياسيين، تواصل النخبة الفكرية رسالة الدفاع عن الحريات، وعن ممتلكات الوطن الرمزية. وفي هذا الإطار نقرأ مواقف عبد الله العروي ومحمد عابد الجابري ومحمد برادة وعبد اللطيف اللعبي وغيرهم...

اليوم تغير الموقف.

النظام كان قد ابتدع في ثمانينيات القرن الماضي آلية لاستقطاب بعض الرموز الثقافية لإضعاف اليسار. وحين جاء التناوب التوافقي سال لعاب بعض المثقفين الذين تسارعوا نحو موائد السلطة. والنتيجة اليوم أن المغاربة صاروا بلا يسار سياسي وثقافي أو يكاد. إن ما يعزز قولنا هو فراغ الساحة من مواقف الكتاب والفنانين وأصحاب الرأي.

اتحاد كتاب المغرب الذي كان قلعة الدفاع عن الرأي الحر، والمساند للشعب صار بلا لسان.

بعض الأساتذة الجامعيين الذين ينظرون في كتبهم للانتقال الديموقراطي، ولسؤال الشرعية والمشروعية، وللدفاع عن المقاربات المقارنة بين المغرب وآسيا وأمريكا اللاتينية في مواجهة الطاغوت الامبريالي، نراهم  اليوم ينبطحون أمام جاذبية السلطة، مسوغين فكر التحكم والدولة العميقة فقط من أجل تعبيد الطريق نحو الاستوزار، وتقاسم الريع السياسي. النقاد غرقوا في مستنقع أنانيتهم القاتلة بالانكفاء على تحليل النصوص بلا مرجعية مجتمعية. الفنانون في المسرح والتلفزيون والسينما صاروا خاضعين لمنطق الضحك الرخيص الذي هو منطق السوق المتوحشة.

في ظل هذا الغياب القاسي يصبح الشعب أعزل، بلا سند، لأنه بلا يسار وبلا نخبة. فمن ينقذ هذا الشعب الذي يجد اليوم نفسه وجها لوجه مع الأصوليين؟