Thursday 8 May 2025
سياسة

منير باهي: الشعبُ لا يحبّ الجبناء...

منير باهي: الشعبُ لا يحبّ الجبناء...

ماذا لو قال إلياس العماري في حملته القادمة ما أفكر فيه؟

فليس أمامه إلا خصم واحد اسمه عبد الإله بنكيران. صحيح أنه الزعيم الوحيد المعترَف له بقدرته على حصد أصوات الملايين من الناخبين، لكنه أيضا المرشح الوحيد المعترِفُ بعجزه عن تحقيق آمال الملايين من المواطنين.

ماذا لو قال إلياس العماري: "أيتها الناخبات، أيّها الناخبون. لن أقول لكم إني أفضل من بنكيران. كلا. جميعُنا سنظل نشهد بأن هذا الرجل نظيف جدا، وطني جدا، مخلص جدا، طيب جدا... ولكنه جبان جدا. والشعب لا يحب الجبناء".

لطالما اشتكى من "التحكم". وكان واضحا أنه يسمي حزبَنا ذراعا من أذرع التحكم، لكنه لم يسمّ أبداً رأسَ التحكم. ولا يملك الشجاعةَ ليسميَه. وحين تشكو للناس تعرضَك لاعتداء، ولا تستطيع تسمية المعتدي ولا رسمَ ملامحه، فإنك إما كذاب أو جبان. والمؤمن لا يكذب، والشعب لا يحب الجبناء.

نعم، أعترف لكم بشجاعة ـ ودون أدنى شعور بالعار ـ أن حزب الأصالة والمعاصرة هو حزب صنعته الدولة. ولطالما كانت الدولة تتدخل لتمنع حزبا واحدا من السيطرة على كل شيء، حتى لا تلتهم "الأغلبية الانتخابية" حقوق "الباقين" الذين لا يشاطرون الحزب أفكاره والذين لا يصوتون. تماما كما صنعتِ الدولة حزبَ العدالة والتنمية نفسَه كي تقلّم به أظافر حزبٍ ظل يتفاخر بقدرته على إنزال الشعب إلى الشارع.

نحن جميعا ـ بشكل أو بآخر ـ صنيعةُ الدولة.

لكن، ماهي الدولة؟ الدولةُ ليست أشباحا ولا عفاريتَ ولا تماسيح كما يظنّ بنكيران. "الدولة" هي مؤسسات قائمة تضمنُ الاستقرار ولا تتأثر بمزاجات الناخبين. مؤسسات راسخةٌ يقف على رأسها جلالة الملك.

من هنا بالضبط، جاء ارتباك عبد الاله بنكيران، لأنه لم يستطيع أن يرسم حدوداً لهذه "الدولة". هو يعلمُ جيدا من أين تبدأ، لكنه يجهل تماما أين تنتهي. فبدا في كثير من المواقف الحاسمة رجلا مترددا موسوسا، يتوهّم كل فاسد كبير ركيزة من ركائز الدولة، فيبلع لسانَه معتبرا خوفَه خوفاً منه على الدولة من أن تنهار. فما حاجة المواطنين إلى رئيس حكومة يقتطع من قوت يومهم ولحمهم ومستقبلهم وكرامتهم ما يمنع وقوع دولة يقتات منها الفاسدون؟

على أي رئيس حكومة أن يعطي التوقير فقط لجلالة الملك ولأسرته الكريمة ـ كما تواضعنا جميعا على ذلك ـ وما عداها يطبق عليه حكم القانون المؤيد لتطلعات الشعب. بلادُنا في حاجة إلى رئيس حكومة لا يخشى "العفاريت"، ولا يجبن أمام "التماسيح". رئيسِ حكومة ينحاز دون خوف إلى مصلحة الشعب إذا تعارضت مع مصلحة الذين يدّعون قربهم من رأس "الدولة"؛ من رجال سلطة وسياسة ورجال أعمال وإعلام و... ومتملقين. فتعارض المصلحتين يعني أن هؤلاء "المقربين" أدعياء، كذابون، منتحلون، ولا يمكن أبدا أن يكونوا من ركائز "دولة" يرأسها جلالة الملك.

نحنُ في هذه المرحلة، لم نعد في حاجة إلى رئيس حكومة متواضع يشاطر الفقراءَ الخبزَ والبكاء والإحساس بالضعف والعجز. فالضعفاء ينتخبونه وهم يعتقدون بأنهم أخيرا صاروا قوةً إذ توحّدوا في رجل واحد، وما عادوا ضعفاء عاجزين. نحن في حاجة إلى رئيس حكومة لا يشبه البسطاء في ضعفهم، بل في قوتهم إن توحّدوا. في حاجة إلى رئيس حكومة قوي جدا ـ وبنكيران يدعي بأني قوي بما يكفي ـ  يدير شؤون البلاد جنب جلالة الملك دون وسائط من أشباح أو عفاريت أو خدّام الدولة. في صورة يلتحم فيها الملك والشعب ضدّ الفاسدين، وضدّ الذين في كلّ مرة يهددون ـ إن مُسّوا ـ بانفلات الشارع أو بانهيار الدولة.

كم هو مثير للشفقة أن يبرر بنكيران جبنَه بأنه خوف على الدولة من أن تقع. فلْتقعْ دولةُ الفساد هذه مادام البقاء فيها للشعب والملك. فليفر الأغنياء بأموالهم، وليسحبوا أرصدتهم، وليحرضوا علينا الأعداء... لقد فعلها المستعمر من قبل، ولا خوف على دولة يلتحم فيها شعب بملكه من أن تنهار.

نعدكم، وسنفعل. وسيرى بنكيران عملَنا وحزبُه والناخبون. إنهم أصحاب سلطة. سلطةِ المساءلة والعقاب.

أشيرُ ـ ختاما ـ إلى أني أشبه عبد الإله بنكيران ماضياً، وإن اختلفنا الآن. كلانا كان مناضلا مطارَدا ساخطا على الأوضاع حالما بالتغيير. كلانا ناضل من داخل جماعته، مؤمنا بأفكارها ومرجعيتها. فقط، هو ظن بنضاله أنه يخدم الله، فانتهى إلى خدمة الدولة. وأنا بنضالي ظننت أني أخدم الشعب، وما أزال أظن أني ـ إن ترأست الحكومة ـ سأخدم هذا الشعب".

ماذا لو قال زعيم البام ما فكرتُ به؟