الاثنين 16 سبتمبر 2024
كتاب الرأي

محمد بن طاهر: أحداث "نيس" التي أيقظت كراهية الفرنسيين المتجذرة للعرب

محمد بن طاهر: أحداث "نيس" التي أيقظت كراهية الفرنسيين المتجذرة للعرب

"إننا نتجاهلهم أصلا، ولم نقم بأي فعل ضدهم. إنهم بدائيون، وقد يكونون بجرأة زائدة. إنما الأكيد هو أنني أفضل رؤيتهم في بلدهم بدل التواجد بيننا". هذا ما قاله فرنسي على إثر أحداث سنة 1973 العنصرية التي أثيرت ضد العرب. وعلق آخر "إنهم بعادات لا نفهمها، ظلت كما هي تقبع في سلوكهم لما يفوق الثلاثين سنة من غير تطور ولا خطوة إلى الأمام".

من هم هؤلاء العرب الملقى بهم في مرمى القصف؟ إنهم المهاجرون المغاربيون الذين ألصقت بهم رسميا كل مظاهر الهمجية والتخلف، فصاروا مطاردين على الدوام بل ومبعث الدعوة لإبادتهم الجماعية بصفة كلية. وفقط في أحداث "نيس" الأخيرة تناوب الكثير من الفرنسيين على بصق مكان قتل منفذ عملية الدهس محمد لهوج بوهلال، الذي كان سببا في إزهاق روح 84 ضحية وجرح أزيد من 100 آخرين. كما تعرضت زوجته السابقة لوابل من الشتم والسباب والترهيب كذلك بمجرد مغادرتها مكان الاعتقال الذي زجت فيه من أجل التحقيق معها، وذلك تحت أنظار السلطات المحلية وبعض فضوليي المنابر الإعلامية. لكن وأمام كل هذا، هل فكرنا قليلا في من كان لهم فضل مساهمة الدفع باقتصاد هذه الجهة الجميلة؟.

بالعودة إلى ما قبل نحو 43 سنة، حيث شنت اعتداءات "جراس" التمييزية ضد العرب عام 1973، نستحضر ما قاله عبد الله مغنيس الذي حضر الأحداث كشاهد عيان. إذ ذكر بأنه لما كان يخرج ليلا في تجاه إحدى دور السينما أو مقهى ويتعرض لمكروه، يلجأ إلى مقر الدرك لطلب النجدة، إنما تكتنفه الصدمة لما يجيبه المعنيون بعبارة: "حسنا.. سننظر في الأمر"، وهو الرد الذي لم يكن يرقه كعربي. فـ"سننظر في الأمر" رد فعل غير مقبول ولا يليق في مثل تلك الحالات الحرجة التي تتطلب تدخلا عاجلا. ولربما ذلك ما أخرج كاهن الكنيسة عن صمته، وعبر عن عدم أحقية القول بأنهم مسيحيون لما ينظرون باحتقار لأناس أجانب يعيشون بقربهم. ولهذا التمس العذر من كل أفراد جالية الشمال الإفريقي إن كانوا مغاربة أو تونسيين أو جزائريين على اقترفه في حقهم أهل مدينة "نيس".

إن العنصرية سواء كانت بفعل فردي أو نتيجة قرارات نظامية في هذا البلد الهادئ تضع مسافة فاصلة مع المهاجرين وأبنائهم، وتنتج خطابا عنيفا وفضفاضا حول تلك الكراهية. وحتى إذا أردنا وضع مقارنة ما بين ضحايا الاعتداءات الإرهابية وقتلى الحروب سنجد بأن "الحربين العالميتين الأولى والثانية أفنت أعمار الملايين. فيما لم يتجاوز ضحايا الجهاديين بأوربا وأمريكا 4000 قتيل. علما أن 90 في المائة من تلك المجازر التي ارتكبت من قبل إسلاميين أصوليين استهدفت مسلمين"، كما كتب فرهد خوسروخافار.

وفي المقابل، كتب رشيد بن زين بأنه: "خلال هذا الظرف، تشدد عائلات الضحايا التي تتجرع تبعات الألم الذي يكسر دواخلها، على أن الحب أقوى من الحقد، وابتسامة أبنائهم المفتقدة تظل أصلب من نداءات القتل "الداعشية". شجاعتهم وجسارة صمودهم، وأيضا حكمتهم هي دروسي التي تمنحني قوة ترسيخ الاعتقاد بأن للحياة معنى".