السبت 21 سبتمبر 2024
اقتصاد

عنصرية الترهيب البنكي لـ BMCI تقلق الوسط الاقتصادي بالمغرب

عنصرية الترهيب البنكي لـ BMCI تقلق الوسط الاقتصادي بالمغرب

حين لا يقوم المواطن بواجباته نحو الأبناك فإنه يتعرض لا محالة للعقاب، لكن ما عسى هذا المواطن أن يفعله عندما لا تؤدي تلك المؤسسات المالية واجباتها نحوه؟ أو لما تدرجه مسبقا كشخص مسلوب الرأي والدفاع لتصعد في مواجهته منسوب الخرق إلى أن يصل درجة الترهيب والتهديد. وهنا لا يبقى السؤال مجرد سؤال يبحث عن رد، وإنما بوابة لطرح مجموعة قضايا تمس بشكل أو بآخر الوتر الحساس في مختلف المجالات الاقتصادية والاجتماعية وأيضا السياسية.
إذ وفي بلد لا يقبل أن يدعي أحد بأنه أكثر وطنية من الآخر، أو يوضع أي شخص كان ماديا أو معنويا في منأى عن العموم، يكون من باب المسلمات الابتعاد عن كافة ما يمكن أن يرسخ جميع تلك الاعتقادات التفضيلية. بيد أن واقع بعض الأدلة يعطي الانطباع بأن هناك من هم ملقحون ضد الخضوع لهذه المساواة وباستعلاء، ربما فقط لأن رأس مالهم كذا وكذا أو لكونهم أجانب مازالوا يبخسون قيمة المغاربة وإن في بلدهم.

التكتل ضد الترهيب

فنظرة خاطفة على قسم النزاعات بالأبناك تبين حجم وعدد من وجدوا أنفسهم أمام مقصلة الحجز أو الإكراه البدني، في حين أنه وبالمقابل تتيه الأفكار والضوابط عند ارتباط الأمر بصاحب حق من المواطنين أو مقاولة من المقاولات الفتية التي ألقت برقبتها مجبرة بين أرجل الأخطبوط البنكي وهو المدجج بشبكة من الإجراءات والضمانات والقوانين وآليات الاسترداد. وحتى إذا كانت الأمثلة كثيرة، فإن الخطوة التي أقدمت عليها مجموعة من المواطنين تحت «اسم تكتل ضحايا الترهيب البنكي»، أوجزت أهم العناوين العريضة لتفاصيل المعاناة، وأيضا أوجه التضييق الممنهج والممارس بإحكام ضدهم. بحيث وفي لقاء «الوطن الآن» مع عينة من المعنيين، وإن اختلفت بينهم صيغ التنديد والسخط، توحد جميعهم حول خيط رابط يدعو إلى التحاق المزيد ممن يقاسمونهم الهَم ذاته، في أفق تشكيل جبهة مقاومة ضدا عن كل أساليب التعنيف التي ما فتئت تشكل «كابوس ضغط» على مسار حياتهم المهنية، والمتراخي إلى عمق أحوالهم الأسرية.
وفي هذا السياق، تأسف عصام، البالغ 46 سنة، لوجود فرع بنك فرنسي على تراب مغربي يفرض تعسفاته على النحو الذي يستهويه، دون اعتبار لأي مصلحة من مصالح الزبناء. ويقصد عصام بقوله البنك المغربي للتجارة والصناعة، بعد أن لمح لذلك من خلال الدلالات التي رآها تليق بـ (BMCI)، والتي قال بأن أصدق ما يفسر معناها هو: Bordel Marocain de Commerce et de l'industrie Bank

مطر باريز الحامض

موضحا بأن تحويره لتلك المعاني لم يأت إلا من قبيل تراكم الأسباب المعبرة بحق عنها في تعامل البنك مع زبنائه، وأولها الإخلال السافر بجميع الشروط المؤسسة لعملية فتح الحساب، مما نجد معه أمورا وإن كانت من صميم التلاعبات، غير أنها مباحة بالنسبة لمسؤولي البنك. ومنها تغيير الوكالة المحسوب عليها الزبون إلى وكالة أخرى دون إخباره، والتقديرات العشوائية لنسب الفائدة، فضلا عن الانتقائية السلبية ذات الخلفية المزاجية الصرفة، والتي قد تحرم زبونا من حق لمجرد أن ابتسامته لم تعجب السيد المدير. كل هذا وغيره كثير، يخلص عصام المالك لمقاولة مختصة في نجارة الألمنيوم بالدار البيضاء، يقود حتما إلى تضييق الخناق على المقاولين الشباب، والإلقاء بهم في مطب وضعية العسر التي تقودهم بدورها إلى فضاءات المحاكم.
وعلى ذكر الحالات التي يدخل فيها القضاء على الخط بهذا الخصوص، شددت فوزية، وهي صاحبة مقاولة لصنع الألبسة، على أن ما يثلج الصدر في خضم كل تلك الخروقات البنكية هو وجود عدالة لنا كامل الثقة في حيادها، مستدركة بأنه ومع ذلك لا يسلم نساء ورجال العدل من محاولات التمويه والمغالطات التي تحاول الفروع الفرنسية تقديمها أثناء المرافعات. وسندهم في ذلك، تلفت فوزية، خبراء امتلكوا من خبرة التحايل ما يكفي لعرقلة المسار الطبيعي لمسلك القضايا. لهذا لم يعد غريبا احتلال هذا البنك صدارة المؤسسات المالية العاشقة لجر زبنائها إلى معترك الدعاوى. وقبل أن تكمل فوزية جملتها الأخيرة، قاطعها محمد، البالغ 53 سنة، والناقم كذلك على تعاملات الـ«بي إم سي إ» ليشير إلى أن «ما يحز أكثر في النفس هو أن هذا البنك لا يبدي رغبة في حل الإشكالات العالقة. أما السبب فهو أشد ألما من منطلق الرغبة في فتح المجال أمام لوبياته المندسة والتي يمكن وصفها بشبكات الهيمنة على ضمانات الضحايا، وابتلاعها بأثمنة زهيدة من عقر المزادات العلنية». في وقت، يتأسف المتحدث، يقع كل هذا أمام غفلة الجهات المتصلة إن من قريب أو بعيد بالموضوع، ومرور التلاعبات دون حسيب أو رقيب لتكريس أجواء الحيف والتستر الملغوم.
قمة تبعية الاستعمار المبطن.. إجبار المغاربة على حمل المظلات في بلدهم إن أمطرت بباريس
هذا، وعند سؤال عبد الجليل، البالغ 49 سنة، عما يحتفظ به من مواقف تجاه بنك «BMCI»، أكد ساخرا، أنه لابد من الاعتراف كون كل شيء على ما يرام لدى هذا البنك إلا مسألة خدمة الزبون، إذ يعاني من إعاقة مرهقة بعاهات لا تدع تخصصا إلا وشلت حركته. ولما نقول الزبون، يشخص عبد الجليل المنتمي لإحدى شركات صنع الأحذية، فإن المقصود تحديدا «كحل الراس» الحامل للدماء المغربية، أما المحسوبون على بني جلدتهم ممن يتكلمون لغة موليير وحتى أقربائهم من أحفاد شكسبير، فإنهم يلقون تعاملا مغايرا مشمولا بامتيازات تفضيلية.

الاحتراس الواجب

وفيما رأت الحاجة سعيدة، البالغة 56 سنة، أن ذلك التمييز الإقصائي يعكس خلفيات خطيرة حان الوقت للوقوف على مدى تأثيرها، خاصة وأنها تضرب العمق الاقتصادي المغربي في مقتل، أردفت مستدلة بِكمِّ المقاولات التي ضمنها من لفظت أنفاسها ومن بينها من لازالت تصارع النزع الأخير من وجودها. علما، تذكر المصرحة وهي محامية تؤازر المتضررين، أن إفلاس مقاولة واحدة مثلا يعني تشريد 100 عامل على الأقل، وعلى طريق قدرهم تقطع أرزاق 500 فرد من الأسر المغربية المتوقف مصدر عيشها على دخل المعيل «المشرد». لهذا، تحذر الأستاذة سعيدة، يجب الاحتراس كثيرا من هذا البنك الذي لا يولي أدنى اهتمام لمواكبة المقاولة المغربية، ويربط كل مجريات تدبيره بالشركة الأم من وسط باريس إلى درجة أنه يمكن تشبيه هذا الارتباط بإجبارية «فرضهم على المغاربة حمل المظلات في عز أيام الصيف إن تهاطلت الّأمطار بعاصمة بلدهم». أما الخوف كل الخوف، تختم المتحدثة، فهو وصول اليوم المنتظر حالة استمرار الوضع على ما هو عليه، والذي سيستيقظ فيه الواقفون وراء هذه الانتهاكات على أصوات حشود الزبناء وهي مبحوحة بصرخات بلوغ حدود الصبر منتهاها، وأيادي تحمل يافطات «ارحل..».