أعادت واقعة شهدتها مدينة وجدة، ليلة الأربعاء 25 يونيو 2025، إلى الواجهة النقاش حول أداء بعض المصحات الخاصة ومدى التوازن بين البعد الإنساني والخدمات الصحية ذات الطابع التجاري، خاصة في الحالات الاستعجالية التي تتطلب تدخلاً فورياً لإنقاذ الأرواح.
وتعود تفاصيل الحادث إلى نقل أحد المواطنين في حالة صحية حرجة إلى قسم المستعجلات بمصحة الضمان الاجتماعي، حيث خضع لفحص طبي أظهر ضرورة إجراء تدخل جراحي عاجل على مستوى القلب، نظراً لمعاناته من تصلب حاد في الشرايين. ونظراً لعدم توفر الإمكانيات لإجراء العملية في تلك اللحظة، اضطرت عائلته إلى نقله إلى إحدى المصحات الخاصة بالمدينة.
وحسب رواية مقربين من العائلة، طُلب منهم أداء مبلغ مالي يقدر بحوالي 7 ملايين سنتيم لإجراء العملية، قبل أن يتقلص هذا المبلغ إلى 15,000 درهم، على اعتبار أن الفارق ستتكفل به الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي (CNOPS)، كمبلغ ضروري لإجراء العملية، مع تقديم شيك ضمان في انتظار تفعيل التغطية الصحية من الجهة المؤمنة. ورغم استجابة العائلة لهذه الشروط، تعذر إجراء العملية في الوقت المناسب، ما أدى إلى وفاة المريض في الساعات الأولى من الصباح.
تسلط هذه الواقعة الضوء على مجموعة من الإشكالات المرتبطة بالتكفل الطبي في الحالات الحرجة داخل بعض المؤسسات الصحية الخاصة، وخصوصاً ما يتعلق بالإجراءات المالية والإدارية التي قد تؤثر سلباً على سرعة التدخل الطبي.
كما يطرح الحادث تساؤلات حول آليات مراقبة جودة الخدمات الصحية في القطاع الخاص، وضرورة وضع بروتوكولات واضحة وملزمة للتعامل مع الحالات الطارئة، بما يضمن حق المواطن في العلاج السريع والمنصف، ويكرس أحد الحقوق الدستورية الأساسية: الحق في الحياة.
وفي السياق ذاته، يعيد هذا الملف إلى الأذهان بعض ممارسات القطاع خلال فترات سابقة، مثل جائحة كوفيد-19، حين برزت الحاجة إلى تفعيل أكبر للدور التكافلي للقطاع الخاص في مواجهة الأزمات الصحية.
ويطالب فاعلون في المجال الصحي والحقوقي بتعزيز الرقابة الإدارية والطبية على عمل المصحات، وتفعيل آليات المساءلة في حال وجود تقصير، إلى جانب مراجعة الإطار القانوني المنظم للعلاقة بين المصحات الخاصة ومؤسسات التأمين الصحي، بهدف تعزيز ثقة المواطنين في المنظومة الصحية ككل.