الخميس 25 إبريل 2024
مجتمع

رشيد لزرق: حضور الرميد والداودي في ندوة حامي الدين ترسيخ لعنصر القبيلة وضرب لدولة المؤسسات

رشيد لزرق: حضور الرميد والداودي في ندوة حامي الدين ترسيخ لعنصر القبيلة وضرب لدولة المؤسسات رشيد لزرق

خلف حضور كل من مصطفى الرميد ولحسن الداودي الوزيرين بحكومة سعد الدين العثماني، وهم جميعا من العدالة والتنمية في الندوة التي نظمها القيادي المثير للجدل عبد العالي حامي الدين من نفس الحزب ليوم الجمعة 2 مارس 2018 بمقر منتدى الكرامة بالرباط، ردود فعل قوية على اعتبار أن حضور الوزيرين يشكل خرقا الفصل 109 من الدستور و من شأن ذلك التأثير على القضاء. وفي هذا الإطار توصلت "أنفاس بريس" من الدكتور رشيد لزرق المحلل والخبير في الشؤون الدستورية بالورقة التالية:

"أعتبر بداية أن حضور وزيرين من الحكومة المغربية، للتضامن مع حامي الدين عبد العالي هو مس واضح باستقلالية القضاء وخرق للمادة 109 من الدستور بالنظر إلى أن صاحب الندوة حاني الدين ما زالت قضيته رائجة في المحكمة. و هذا يضرب في العمق المكتسبات التي تحققت في هذا المجال. فاستقلالية القضاء تفترض عدم خضوع القاضي أو المؤسسة القضائية لأي تأثير أو ضغط كيفما كان مصدره و من أي فرد أو أية سلطة أو مؤسسة قضائية أخرى، فالتجرّد يبقى شرطا يرتبط بعقلية القاضي وقناعاته وأفكاره المسبقة والشخصية تجاه القضية و أطرافها.

ومن هذا المنطلق أعتقد أن حضور وزيرين مع حامي الدين في شخص الدوادي و الرميد أمر مثير للغاية خاصة بالنسبة لهذا الأخير الذي شغل منصب وزير العدل في الحكومة السابقة، و يشغل اليوم منصب وزير الدولة في حقوق الإنسان ويضرب في العمق ما كان يصرح به في مرافعاته حول إصلاح العدالة، الشيء الذي يجعلنا نتساءل كيف يستطيع وزير أشرف على إصلاح العدالة ويحضر في مثل ندوة حامي الدين أن يقنع المنظمات الدولية بكون المغرب يتوفر على استقلالية السلطة القضائية؟ ثم أليس من شأن حضوره في قضية معروضة على القضاء أن يعطي مؤشرا سلبيا للمتتبعين بالخارج؟ وإذا قاربنا المسألة على مستوى الداخل أليس حضور الوزيرين في الندوة المذكورة مساس بمبادئ مثل المساواة بين أبناء الوطن الواحد و خرق فادح لمبدأ فصل السلط، لما في حضورهما من تأثير على القضاء وبمقومات المحاكمة العادلة؟

إن ملابسات هذه الواقعة تدخلنا إلى دولة القبيلة وليس دولة المؤسسات؛ ولكي أشرح ذلك فإن صفة القبلية تتجسد ولا شك في ذلك في مبادرة العضوين الوزيرين بصفتهما ينتميان لحزب العدالة والتنمية وليس بصفتهما وزيرين في حكومة الدولة و كل الشعب المغربي !؟، وبالتالي أعتقد أنه كان يفترض فيهما أن يقفا على مسافة واحدة بين حامي الدين صاحب الندوة و عائلة آيت الجيد. لأن قيام الوزيرين بنصرة أبناء عصبتهم يفقد الثقة في الدولة و المؤسسات، و يفتح الباب لمنطق الحماية السياسية، وهو الأمر الذي يسير في الإتجاه المعاكس لتجذير دولة المؤسسات.

و لهذا أؤكد مرة أخرى على أن حضور الوزيرين في الحكومة في ندوة حامي الدين يضرب استقلالية القضاء وما يترتب عن كل ذلك من تداعيات، على اعتبار أن القاضي يجب أن يكون مستقلا تجاه السلطة الحكومية، كما يجب عليه في الآن نفسه أن يتجرد من أهوائه النفسية والشخصية مع توخي الحذر و التحرر من أي تأثير قد يحدثه فصيل من الفصائل السياسية، وهو ما يحتم على القاضي الذي سيبث في القضية و الفصل في النازلة أن يقوم بمهمته في استقلال وحياد تامين ويحتكم إلى العقل والفانون دون خضوعه لإكراهات وضغوطات سياسية من شأنها التهديد والمساس باستقلالية القضاء والمحاكمة العادلة.".