الجمعة 26 إبريل 2024
مجتمع

محمد المتوكي: رسالتي إلى حامي الدين... " الروح عند الله عزيزة "

محمد المتوكي: رسالتي إلى حامي الدين... " الروح عند الله عزيزة " عبد العالي حامي الدين، و الراحل أيت الجيد بنعيسى
على إثر حضور كل من مصطفى الرميد، ولحسن الداودي الوزيرين في حكومة العثماني، الندوة التي نظمها عبد العالي حامي الدين (العدالة و التنمية)، الجمعة 2 مارس 2018، بالرباط، وما خلفته من ردود فعل تتعلق بمدى تأثريها على القضاء، في ملف اغتيال أيت الجيد بنعيسى.
وجه ذ . محمد المتوكي، عضو مؤسس لمؤسسة ايت الجيد بنعيسى للحياة و مناهضة العنف ومناضل و مسؤول سابق في فصيل الطلبة القاعديين التقدميين، رسالة عنونها بـ " رسالتي إلى ح. الدين " الروح عند الله عزيزة"، جاء فيها ما يلي:
عقد المدعو " ح. الدين " اليوم الجمعة ندوة صحفية بأحد فنادق الرباط؛ بعدما سبق أن اعتذرت نقابة الصحفيين المغاربة عن استضافة الندوة بمقرها بالرباط؛ الندوة التي تميزت أساسا بحضور كل من الوزير م . ر والوزير ح .د - بالرغم من تأكيد مسير الندوة أن حضورهما هو بصفتهما الحزبية و " النضالية " - و التي تأتي قبيل موعد استدعاء " حامي الدين " أمام قاضي التحقيق لدى محكمة الاستئناف بفاس يوم الاثنين المقبل، الموافق 5 مارس الجاري ؛ و بعد مشاهدتي لتسجيل الندوة الصحفية كاملة وجب الإدلاء بالملاحظات التالية:
- أولا : ما هي الرسائل التي أراد " منظمو هذه الندوة الصحفية إيصالها على بعد أيام قليلة من بداية التحقيق ؟ ماذا يعني حضور وزيرين في الحكومة الحالية في الندوة الصحفية؟ هل هو دعم حكومي ام حزبي ؟ ما هو الجرم الذي ارتكبته عائلة الشهيد و رفاقه عندما لجؤوا إلى القضاء ؟
فالأكيد أن محاولة التفاعل مع هذه التساؤلات لن تأخذ مداها دون أن نذكر " الرأي العام ؛ و قبلهم " الدكتور " ح. الدين و جمعيته " الحقوقية " - التي سبق لها أن أصدرت بيانا في نفس الاتجاه قبل أسابيع - بأن الحق في التقاضي كحق مقدس و سلوك حضاري هو من أهم المبادئ الضامنة لحقوق الإنسان و المكفولة بمقتضى الشرائع السماوية و القوانين الوضعية؛ بدءا بقوله تعالى في سورة النساء الآية 65 " فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا''؛ و مرورا بالشرعة الدولية لحقوق الإنسان " الإعلان العالمي لحقوق الإنسان و العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية و السياسية حيث نصت الفقرة ثالثة من المادة الثانية أن "كل فرد من حقه الالتجاء للأجهزة القضائية...»، كما نصت المادة الثامنة على أنه «تتعهد كلّ الأطراف في هذا العهد بأن تكفل توفير سبيل فعّال للتظلم لأي شخص انتهكت حقوقه وحرياته المعترف بها في هذا العهد"؛ و انتهاء بالدستور المغربي من خلال " الفصول 6 و 23 و 119 ..."؛ كما لا يختلف اثنان على أن القضاء من الأركان الأساسية لسيادة القانون؛ و بأن الحق في التقاضي- كإيماننا بقرينة البراءة كأصل - هو خير ضامن لإقامة العدل الذي قال عنه أرسطو بأنه قوام العالم ؛ و عبره فقط يمكن تفادي العدالة الخاصة؛ و إرساء السلم الاجتماعي المنشود ؛ و نعتقد أن لجوء عائلة الشهيد بنعيسى و رفاقه إلى القضاء طلبا للإنصاف و الحقيقة يدخل في هذا الباب.
و في اعتقادي المتواضع بأن المدعو " ح الدين " و السادة الوزراء و البرلمانيين و " الحقوقيين " الذي حضروا اليوم في هذه الندوة الصحفية قد زاغوا عن الصواب عندما حاولوا عن سبق إصرار و ترصد التأثير و الضغط على القضاء ؛ بخرقهم مبدأ دستوريا ومن المبادئ الأساسية للمحاكمة العادلة و هو مبدأ " المساواة أمام القانون " ؛ كما انه من غير المستساغ أن يشكك في نزاهة و استقلال القضاء و المؤسسات بحضور " ممثلي الأمة " و الوزراء ، و من بينهم من ترأس و اشرف على ورش اصلاح القضاء ؛ كما يبدو لنا أن الأمر في اعتقادنا لا يتعلق بحضور حزبي محض وإنما حضور سياسي حكومي ، خاصة بالنسبة " م . ر " الذي خرق مقتضيات الفصل 263 من القانون الجنائي الذي يجرم أي أفعال أو أقوال من شانها التأثير على القضاء قبل صدور الحكم . و بناءا عليه تتجاذبنا و نحن نمحص الرسائل الخطيرة التي مررت اليوم في هذه الندوة الصحفية أمام طرحين لا ثالث لهما ، فإما إننا نحن أمام قضاء نزيه و مستقل و بالتالي لا يوجد هنالك مبرر حقوقي أو سياسي ...إلخ ، لتنظيم هذه الندوة الصحفية أو غيرها ؛ و اما اننا لم نصل بعد إلى " اصلاح حقيقي للقضاء " و بالتالي يتحمل الحزب الحاكم الذي ينتمي إليه ح. د ــ الذي يقود الحكومة لولايتين متتاليتين ــ و الوزير م . ر - وزير العدل و الحريات السابق - المسؤولية السياسية و الأخلاقية كاملة على فشل " مشروع إصلاح العدالة " .
ثانيا : ورد في مداخلة ح. الدين و محاميه جملة من المغالطات و كأن المغاربة من دون ذاكرة توثق الأحداث و الوقائع التي تدحض كل المزاعم التي عرضها من قبيل تبرير عدم استجابته لاستدعاء قاضي التحقيق ;بحيث تناسى انه بالأمس القريب و على لسان محاميه الادريسى انه نفى أصلا أي استدعاء للمثول أمام قاضي التحقيق - مضمون هذا التصريح متوفر في جل المواقع الإخبارية - ؛أما المغالطات المرتبطة بالعائلة و رفاق الشهيد و مؤسسة الشهيد آيت الجيد بنعيسى للحياة و مناهضة العنف فهي لا تعد و لا تحصى بدءا بمحاولته تجاهل معركة رفاق الشهيد في مختلف مواقع نضالهم السياسي ( القاعديين التقدميين ؛ حركة الديمقراطيين المستقلين ؛ حزب اليسار الاشتراكي الموحد ..) أو الحقوقي ( الجمعية المغربية لحقوق الإنسان ؛ جمعية الدفاع عن حقوق الإنسان؛ منتدى حقوق الإنسان لشمال المغرب ...) منذ جريمة اغتيال الشهيد سنة 1993 إلى يومنا هذا من أجل الحقيقة و معاقبة كل الجناة المباشرين و غير المباشرين المتورطين ؛ و يكفي أن نستحضر مثلا ان رفاق الشهيد هذا الأسبوع نظموا أنشطة تخلد الذكرى الخامسة و العشرون لاغتياله في الرباط و القنيطرة و تطوان و تازة و بلجيكا ؛ و يمكنه أن يعود لشبكة الانترنيت لكي يتأكد أن رفاق الشهيد و عائلته لم يفوتوا موعدهم مع شهيدهم طيلة 25 سنة، أن الجميع و بالرغم من اختلاف تقديراتهم و مواقعهم يناضل من أجل أن يبقى الشهيد بنعيسى و كل شهداء الإجرام الظلامي " بوملي المعطي،عمر بنجلون، فرج فودة ؛ شكري بلعيد ...إلخ ، أحياء و شهداء على همجية و بربرية عصابات الإسلام السياسي، و جرس إنذار حقيقي يحذرنا من الخطر الزاحف على الدولة و المجتمع .