رئيس حكومتنا حفظه الله ممثل باهر، يختار لحظة التأثير والمناسبة، ويفضل دائما أن ترتبط بالدِّين.. قناة عربية لم تجد سوى رئيس حكومة المغرب لتجري معه حوارا حول انفجارات الحرم النبوي الشريف التي قام بها متعصب إسلامي أعمى، أساء إلى الدين وللأمة.. ربما نسيت القناة بأن الحكومة الحالية ورئيسها هي حكومة إسلامية على وشك أن تصل خط النهاية دون رجعة.. وربما الحوار مقصود بنية التأثير في كتلة الناخبين من أجل العودة إلى سدة الحكم يوم السابع من شهر عشرة. إن كان بنية مسبقة فالمسرحية أعطت أكلها فنطق من شاهدها سواء كان واعيا أو ساذجا أن رئيس حكومتنا رهيف القلب مسكين، وأن المتربصين به يمارسون ضده أبشع أنواع التضليل، وأنه الأرجح بالعودة لسدة الحكم إلى يوم الدين.
القناة العربية التي اختارت فقط المغرب ورئيس حكومتنا لكي يستنكر ما حدث في المدينة، خدمت أجندة حزب أغرق البلاد والعباد في الديون والنفايات.. تلمع صورته عن قصد، وتمارس أبشع أنواع التضليل. كان الأجدر أن تبتعد عن هذا التهليل بتلميع صورة حكومة من خلال ممارستها للتضليل..
لم يسبق لي في نازلة ما أن رأيت زعيم حزب سياسي ورئيس حكومة وهو على مشارف الانتخابات يبكي في حوار على الشاشة وبالمباشر، متأثرا بظروفه الصعبة واستحالة عودته بسبب مسلسل الفضائح والتشهير.. أن تمنح له قناة عربية، وليس مغربية حتى لا نتهمها بالتواطئ مع الحكومة، فرصة العودة والتأثير في كتلة الناخبين، هذا ما لا يقبله العقل والمنطق.. أن تختار القناة رئيس الحكومة المغربية الإسلامي للتعليق على حادث الاعتداء على الحرم النبوي، وهو زعيم لحزب إسلامي، انحياز وتواطؤ مخدوم، كان حريا على صناع القرار في هذه القناة اختيار محللين مهتمين بمجال الإرهاب والدين، وتبتعد عن الزعماء الإسلاميين الذين اختاروا السياسة.
سي عبد الإلاه بنكيران، أو كما يسميه الكثير من معارضيه بن زيدان تيمنا بارتفاع الأسعار في عهده، قد نجح في تمرير خطابه والتأثير في المغاربة، ببكائه متأثرا بما حدث، وكأن اللحظة بالغة التأثير تتطلب البكاء والشخير.
هو بقصد، ومن غير قصد، يحاول التأثير في كتلة الناخب عن طريق الدين، وهو يعلم أن الإرهاب ربطه الكثير بالدِّين.. كان حريا عليه أن يتحدث بواقعية وبدون تمثيل ولا بكاء أن ما حدث مرفوض، بل كان عليه أن ينتدب وزير حكومته في الاتصال لكي ينوب عنه في هذا التمثيل، ويبقى هو شخصية منزهة عن القيل والقال وكثرة السؤال .
كان حريا على رئيس حكومتنا المحترم أن يدخل على الخط مباشرة ويأمر بتشكيل لجنة تحقيق في فضيحة النفايات، والتي بفضلها أصبح المغرب مزبلة.. كان عليه، وليضمن مصداقية حزبه وحكومته، أن يطالب الوزيرة المسؤولة عن الفضيحة بتقديم استقالتها من الحكومة لأن المغرب على وشك تنظيم قمة المناخ، وهي المسؤولة عن البيئة والقطاع.
أنا أعلم أن سي عبد الإلاه بنكيران يتحين الفرصة ليعلنها مدوية ويستعيد المبادرة بفضح كل متورط قبل أن يتورط ويهتم بالمغرب قبل المشرق ويبتعد عن المسرح والتضليل.. في الخوض في أمور سياسية بعيدا عن الدين.